لا تتحرك النباتات ، كلنا نعرف هذه المعلومة، ولكن مع ذلك فهي تستطيع الحصول على كل ما تريد، وتكبر لتصبح ذات حجم هائل! أنا أتساءل ما الذي يجعلها تنمو؟ قد يتبادر إلى أذهان البعض: الضوء ، و التربة ، و المياه و التركيب الضوئي. ولكن عند معاينة هذه الإجابة نجد أنها إجابة عن تساؤل آخر هو: ما الذي تحتاجه لتنمو؟ إن هذا المقالة محاولة للإجابة عن كل هذه الأسئلة.

النباتات كائنات حية، تجمع تحتها مجموعةً كبيرةً ومتنوعة من الأنواع كالأشجار والشجيرات والأعشاب والنجيلة والمعترشات والسراخس والحزازيات والطحالب الخضراء.

تحتوي مملكة النباتات على أكثر من 350،000 نوع معروف، إن النباتات هي أكبر مجموعات الكائنات الحية على هذا الكوكب. تحتوي النباتات على ستة أقسام رئيسية: الجذور، السوق، الأزهار، الثمار والأوراق، كل منها يلعب دورًا مهمًا في نمو النبات، يحصل النبات على غذائه عن طريق عملية التركيب الضوئي بمساعدة صبغة اليخضور.

النباتات الضوء المياء التركيب الضوئي

في هذه العملية، يستخدم النبات أشعة الشمس لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء لسكريات بسيطة، والتي بدورها يستخدمها لبناء أجزائه العديدة، تعتمد النباتات أيضًا على التربة لتحصل على بعض المكونات الضرورية (النيتروجين، الفوسفات، المغنيزيوم..) والمياه.

هذا يوضح الحاجات الأساسية لنمو النبات، ولكن هناك بعض النباتات التي تنمو دون وجود تربة، أو تنمو في الظلام دون وجود أشعة الشمس. تستخدم النباتات عملية التركيب الضوئي والتنفس لتكوين الغذاء، وعلى هذا الأساس يمكنها النمو في أي مكان تتوفر فيه هذه الشروط.

نمو النباتات من البذور:

ينمو النبات من البذور، تحتوي البذور بداخلها على جنين النبتة بالإضافة لمجموعة من العناصر الغذائية التي تحتاجها في هذه المرحلة. تتكون البذرة نتيجة عملية التلقيح، تُحمى البويضات الناضجة بقشرة البذرة؛ وهي عبارة عن طبقة خارجية فوق البويضة. تحتوي البذرة على النبات كاملًا بداخلها (الجذور والأوراق). تسمى أوراق النبات بالفلقات، فالنبات الذي يحتوي على ورقة واحدة يسمى أحادي الفلقة، بينما يُسمى ذلك الذي يحتوي على ورقتين اثنتين ثنائي الفلقة.

من أجل أن تنمو البذرة يجب أن تتوفر الشروط الجيدة مثل: جودة السويداء (الجزء من البذرة الذي يحتوي على الغذاء)، مستوى الرطوبة، مستوى الإضاءة، وجودة المواد الغذائية الموجودة في التربة، كل هذه العوامل تلعب دورًا مهمًا في عملية نمو النبات.

في الظلام:

قد يبدو هذا الأمر غريبًا، لقد تعلمنا منذ الصغر أن النبات يحتاج إلى الضوء لينمو، وهذه معلومة صحيحة، قد تنمو بعض النباتات في الظل والبعض منها داخل المنازل، ولكن كلها تحتاج إلى الضوء سواءً كان مباشرًا، أو جزئيًا، أو منتشرًا.

تتبع النباتات قاعدة التوجه الضوئي، إذ يكون النمو باتجاه مصدر الضوء. في نفس الوقت، توجد قاعدة أخرى يتبعها النبات وهي الانتحاء الأرضي (geotropism)؛ وهي نمو الأوراق في عكس اتجاه الجاذبية الأرضية (انتحاء سالب)، بينما تنمو الجذور على نقيض الأوراق تمامًا، إذ تُظهر توجهًا ضوئيًا سالبًا (تنمو بعكس اتجاه مصدر الضوء) وانتحاء أرضيًا موجبًا (تنمو باتجاه الجاذبية الأرضية).

عندما تُبذر البذور في التربة، فتركها في مكان مظلم هو إحدى القواعد الأساسية، ولكن، لا أحد يقصد بمصطلح “مكان مظلم” الظلام الدامس. فالمقصود هنا؛ دعها في مكان بعيد عن أشعة الشمس المباشرة، تحتاج النباتات لمصدر ضوء كي تنمو، فهي تحتاجه بشكل أساسي لكي تصنع غذاءها عن طريق عملية التركيب الضوئي.

عندما لا تتعرض النباتات لكمية مناسبة من الضوء، لا تستطيع تكوين صبغة اليخضور، ثم تبدأ بفقدان لونها الأخضر وفي النهاية ستموت. يحدث هذا الأمر أيضًا حتى في حالة النبات ذو الأوراق الملونة بصبغات غير اليخضور. قد تنمو بعض النباتات في الظلام، ولكن تسلتزم الحصول على بعض الضوء بين حين وآخر، يمكنك إجراء تجربة صغيرة بنفسك للتأكد من هذه القاعدة: غطِّ نباتًا في منزلك، وتابعه على مدى عدة أيام. ستبدأ بالملاحظة أنه بدأ بالذبول وفي عدة أيام سيموت.

في المحيط:

لكي تنمو النباتات في المحيط فهي تحتاج إلى ضوء الشمس. في الحقيقة، تحتاج كل الكائنات البحرية إلى الضوء وإلى عملية التركيب الضوئي. يخترق ضوء الشمس مياه المحيط على عمق يصل إلى 1000 متر تحت الماء، في الـ 100 متر الأولى تكون كمية الأشعة الواصلة جيدةً جدًا، تُسمى هذه المنطقة بالـ euphotic zone، تحت هذه المنطقة وحتى الوصول إلى عمق 1000 متر نحظى بكمية ضوء قليلة ومنتشرة وتسمى المنطقة بالـ disphotic zone، ويُطلق على المنطقة التي لا تصلها أي كمية من الضوء الـ aphotic zone.

في الأساس، هناك نوعان من النبات الذي تعيش في المحيطات؛ تلك التي تملك جذورًا وتنمو على سطح المحيط، والتي لا تملك جذورًا وتعيش في حالة طفو على المياه. تحصل كل النباتات التي تطفو على كل كمية الضوء التي تحتاجها كونها تطفو في مناطق قريبة من سطح المياه، إذ تستطيع القيام بعملية التركيب الضوئي ببساطة. وكذلك النباتات التي لها جذور وتعيش في المناطق الضحلة في منطقة الـ euphotic zone.

لا تعيش أي نباتات تحت هذه المناطق لعدم وصول أشعة الشمس بكميات جيدة إليها. إلى جانب المياه وضوء الشمس، تعتمد النباتات المائية مثل البلانكتونات والطحالب وأعشاب البحر على وجود ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه من البيئة المحيطة بها، إذ يُستخدم كمصدر لذرة الكربون المهمة بشدة في عملية التركيب الضوئي.

في المياه:

تنمو النباتات داخل المياه منذ غابر الأزمان، ولكن لم نستطع فهم العملية إلا في العقد المنصرم، لا تحتاج معظم النباتات التكافلية والطفيلية إلى تربة لكي تنمو، بل تجد وسطًا آخر يضمن لها تدفقًا مستمرًا من المواد الغذائية. كما وتُطبق قواعد الزراعة المائية من أجل زراعة المحاصيل داخل المياه.

تتوفر كل المواد الغذائية التي يحتاجها النبات بشكل ذائب في المياه، وبعد إضافة السماد الذائب، وتوفير أشعة شمس جيدة، لا تجد النباتات أي مشاكل وتنمو بشكل طبيعي.

وهناك طريقة جديدة تُدعى بالزراعة الهوائية، إذ تُعلق النباتات في الهواء، وتُرطّب الجذور المكشوفة بسوائل غنية بالمواد الغذائية. تُدرس هذه الطريقة الآن بشكل مكثف كمحاولة لتطبيقها في الإنتاج الزراعي، خصوصًا في المناطق التي تملك تربةً سيئة الجودة.

وضعت حقبة استكشاف الفضاء أمامنا أسئلة جديدة، هل يمكن أن تنمو النباتات في الفضاء؟

إلى هذه اللحظة، لم تُكتشف أي نباتات في كوكب المريخ أو الزهرة، ولكن تُزرع في المركبات الفضائية الآن. تُستخدم حجرات متخصصة تدعى حجرات الزراعة الفضائية المتقدمة -ADVASC- أو تُستخدم حاويات الإنتاج العضوي. يُتحكم في هذه الحجرات بالكامل لتوفير الاحتياجات الكاملة للنبات مثل المياه وثاني أكسيد الكربون والضوء، للمساعدة في عملية التركيب الضوئي.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: صالح الشيخ

تدقيق: محمد قباني

المصدر