تمتلك جميع الكائنات الحية جينات (مفردها حين)، توجد هذه الجينات في الخلايا في جميع أنحاء الجسم. وهذه الجينات هي مجموعة من التعليمات تحدد ماهية الكائن ومظهره وكيف ينجو ويتصرف في بيئته. تصنع الجينات من مادة تدعى الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA، وتعطي هذه الجينات تعليمات للكائن الحي كي يصنع جزيئات تدعى البروتينات.

أما عالم الوراثة فهو شخص يدرس الجينات والكيفية التي يمكن استهدافها فيها لتحسين جوانب الحياة. ويمكن أن توفر الهندسة الوراثية مجموعةً من المنافع للناس مثل رفع إنتاجية نباتات الطعام ومنع الأمراض عند البشر.

ماهي الجينات؟

الجينات هي قسم من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين ،DNA وهي مسؤولة عن مهام مختلفة مثل صنع البروتينات، وتشكل جدائل الحمض النووي الطويلة مع الكثير من الجينات الصبغيات، حيث توجد جزيئات الحمض النووي DNA في الصبغيات وتتوضع هذه الصبغيات داخل نواة الخلية. والصبغي هو جزيء مفرد طويل من الحمض النووي DNA ويحتوي هذا الحمض على معلومات وراثية مهمة.

تتميز الصبغيات ببنية فريدة تساعد على إبقاء الـDNA ملتفًا بإحكام حول بروتينات تدعى الهيستونات، ولو لم تكن جزيئات الـ DNA مرتبطةً بالهيستونات فلن يكون بإمكانها أن تتسع داخل الخلية.

الجينات مسؤولة عن جميع جوانب الحياة

الجينات مسؤولة عن جميع جوانب الحياة

تختلف الجينات في التعقيد، إذ تتنوع عند البشر في الحجم؛ ويتراوح حجم الجين من بضع مئات من قواعد الـ DNA إلى أكثر من مليوني قاعدة. كما تختلف أشكال وأعداد الصبغيات بين الكائنات الحية، فيملك البشر 23 زوجًا منها أي 46 صبغيًا في المجموع، أما الحمار فله 31 زوجًا، والقنفذ 44 وذبابة الفاكهة 4 أزواج فقط من الصبغيات.

إن المعلومات البيولوجية التي يحتويها الحمض النووي DNA هي من تجعل كل نوع مختلفًا عن الآخر. ويعبر الـ DNA من الكائنات البالغة لنسلها أثناء التكاثر. يتألف الحمض النووي DNA من أحجار بناء تدعى النيكلوتيدات، وتتكون النيكلوتيدات من 3 أجزاء هي: مجموعة من الفوسفات، ومجموعة من السكر، ومجموعة من 4 أنواع من القواعد النتروجينية.

مم يتألف الجين؟

يتكون الجين من اندماج طويل لأربع قواعد مختلفة من النيكلوتيدات أو المواد الكيميائية. وهناك العديد من التراكيب المختلفة. النيكلوتيدات الأربعة هي:

  • الأدنين A.
  • السيتوزين C.
  • الغوانين G.
  • الثايمين T.

وتعطي التراكيب المختلفة للحروف ACGT الأشخاص صفات مختلفة. مثلًا قد يكون للشخص الذي يحمل تركيب ATCGTT عيون زرقاء بينما الشخص الذي يحمل تركيب ATCGCT فله عينان بنيتان. هذه التوزيعات تحدد كل شيء في جسم الانسان تقريباً. حيث أن التركيب الجيني يحدد الطول وحجم العظام والشكل والملامح وحتى قابلية التعرض لبعض الأمراض.

تفاصيل أكثر عن الجينات

الجينات

تحمل شيفرات ACGT، ويمتلك كل شخص الآلاف من الجينات. تشبه هذه الجينات برنامج الحاسوب وهي من تجعل الشخص على ما هو عليه. الجين هو جزء صغير جدًا من جزيء الحمض النووي DNA ذي الالتواء المزدوج الطويل والذي يتكون من تسلسل خطي لأزواج القواعد. والجين هو أي قسم على طول الحمض النووي يحمل معلومات مشفرة تسمح للخلية بأن تنتج منتجًا معينًا وهو عادةً بروتين كالإنزيم الذي يحفز عمليةً دقيقةً.

الجينات الحمض النووي الخلايا الأمراض

الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA

هو مركب كيميائي يظهر في الشرائط (الجدائل). وتحتوي كل خلية لدى الفرد على نفس الـ DNA ولكن الحمض النووي DNA لشخص ما مختلف عن الآخر، وهذا السبب الذي يجعل من كل شخص فريدًا عن غيره. يتكون الحمض النووي DNA من شريطين طويلين مقترنين وملتفين بشكل التواء مزدوج. ويحتوي كل شريط على ملايين كتل البناء الكيميائية والمسماة القواعد.

ما هي وظيفة الجينات

تقرر الجينات كل شيء تقريبًا بما يخص الكائن الحي، إذ يؤثر جين أو أكثر على صفة معينة. ويمكن أن تتفاعل هذه الجينات مع بيئة الفرد أيضًا وتغير ما تصنعه الجينات. وتؤثر الجينات على مئات العوامل الداخلية والخارجية، مثلًا اللون الذي يتكون في العين أو المرض الذي قد يصيب الفرد. وبعض الأمراض مثل فقر الدم المنجلي ومرض هنتنغتون هي موروثة وتتأثر بالجينات.

من أين تأتي الجينات؟

الجين هو وحدة أساسية للوراثة في الكائن الحي، وتأتي الجينات من آبائنا (الأب والأم)، كما يمكن أن نرث خصائصنا الجسدية واحتمالية إصابتنا بأمراض واضطرابات معينة من الآباء. وتحتوي الجينات على البيانات الضرورية لبناء وصيانة الخلايا وتمرير المعلومات الوراثية من جيل إلى جيل.

وتملك كل خلية مجموعتين من الصبغيات، واحدة من الأب والأخرى من الأم، إذ يحمل الحيوان المنوي والبويضة مجموعةً واحدةً من 23 صبغيًا لكل منهما، وتضم هذه الصبغيات 22 صبغيًا جسديًا إضافةً لصبغي جنسي وهو X أو Y. ترث الإناث صبغي X من كل من الوالدين، أما الذكر فيرث صبغي X من الأم وصبغي Y من الأب.

مشروع الجينوم البشري

مشروع الجينوم البشري HGP هو مشروع علمي بحثي عملاق، وهو أضخم نشاط بحثي فردي تم إجراؤه في العلم الحديث. ويهدف هذا المشروع لتحديد تسلسل الأزواج الكيميائية التي تشكل الحمض النووي الريبويزي منقوص الأوكسجين DNA عند البشر، ورسم خريطة لـ 20000-25000 أو نحو ذلك من الجينات التي تشكل الجينوم البشري.

لقد فتح مشروع الجينوم البشري الباب لمجموعة واسعة من الاختبارات الجينية الجينات

لقد فتح مشروع الجينوم البشري الباب لمجموعة واسعة من الاختبارات الجينية

بدأ المشروع عام 1990 من قبل مجموعة من الباحثين الدوليين من معاهد الولايات المتحدة الوطنية للصحة NIH ووزارة الطاقة. وكان الهدف تحديد تسلسل 3 مليار حرف أو زوج من القواعد في الجينوم البشري والذي يشكل المجموعة الكاملة للحمض النووي DNA لجسم الإنسان.

وأمل العلماء من خلال ذلك بتزويد الباحثين بأدوات قوية لفهم العوامل الوراثية في الأمراض البشرية وفتح الباب لاستراتيجيات جديدة للتشخيص والعلاج والوقاية. اكتمل المشروع عام 2003 وجميع البيانات التي أُنشئِت هي متاحة للعامة على الإنترنت. وباستثناء البشر فحص المشروع أيضًا كائنات أخرى مثل ذبابة الفاكهة والإشريكية القولونية (E.coli).

ووجد أكثر من 3 ملايين تركيب نيكلوتيدي (أو تركيب ACGT) في الجينوم البشري أو مجموعة من الميزات الوراثية التي تشكل جسم الإنسان. قرّب الجينوم البشري العلماء من تطوير طرق علاجية فعالة لمئات الأمراض.

كما زود هذا المشروع اكتشاف أكثر من 1800 جين مرتبط بالأمراض، وسهل هذا على الباحثين إيجاد الجين المشتبه به في التسبب في حدوث مرض وراثي في غضون أيام، إذ كان إيجاد الجين يستغرق عدة سنوات قبل إنجاز هذا البحث.

الاختبار الوراثي

يمكن أن تظهر الاختبارات الجينية ما إذا كان الفرد يملك خطرًا وراثيًا لمرضٍ معين، إذ يمكن أن تساعد النتائج مختصي الرعاية الصحية على تشخيص الاضطرابات. ويتوقع أن يسرع مشروع الجينوم البشري من التقدم في الطب، إلا أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه وخاصةً بخصوص كيفية تصرف الجينات وكيف يمكن استخدامها في العلاج.

وحاليًا هناك على الأقل 350 منتجًا يرتكز على التكنولوجيا الحيوية في التجارب السريرية. وفي عام 2005 أنشئ HapMap “فهرس التغيرات الوراثية الشائعة أو الفردانية” (وهي مجموعة من الأليات الموروثة من سلف واحد) في الجينوم البشري، ولقد ساعدت هذه البيانات على تسريع البحث عن الجينات المرتبطة بالأمراض عند الإنسان.

الاكتشافات السابقة: مافوق الجينوم، وسم الجينات، والعلاج الجيني

لقد وجد علماء الوراثة في السنوات الأخيرة طبقةً أخرى للبيانات الوراثية القابلة للتوريث لم تكن موجودةً في الجينوم، بل وجدت في “ما فوق الجينوم” وهو مجموعة من المركبات الكيميائية التي تستطيع أن تخبر الجينوم ما الذي يفعله. ويحمل الحمض النووي DNA في الجسم معلومات لبناء البروتينات وتكون هذه البروتينات مسؤولةً عن عدد من الوظائف في الخلية.

يتألف ما فوق الجينوم من مركبات كيميائية وبروتينات يمكن أن ترتبط بالحمض النووي DNA وتدير عددًا من العمليات من بينها تشغيل وإطفاء الجينات والذي بدوره يتحكم بإنتاج البروتينات في خلايا معينة. إن مفاتيح الجينات هذه يمكن أن تشغل وتطفئ الجينات في أوقات مختلفة ولفترات زمنية مختلفة.

الجينات

ولقد اكتشف العلماء مؤخرًا مفاتيح جينية تزيد من العمر وتعزز من الرشاقة عند الديدان، ويعتقد العلماء أن هذه المفاتيح قد ترتبط بزيادة العمر عند الثدييات. وتتضمن المفاتيح الجينية التي اكتشفها العلماء أنزيمات تزداد بعد القليل من الإجهاد أثناء النمو المبكر، وهذه الزيادة في إنتاج الإنزيم تستمر لتؤثر على تعبير الجينات خلال فترة حياة الحيوان. وقد يقود هذا لتقدم في أهداف تطوير الأدوية التي يمكن أن تغير المفاتيح لتحسين وظيفة الاستقلاب عن البشر وزيادة طول العمر.

وسم الجين

عندما تربط المركبات فوق الجينومية نفسها بالحمض النووي DNA في الخلية وتقوم بتعديل الوظيفة، نقول عندها أن هذه الجينات قد “وسمت” الجينوم.

 يمكن للعلماء تعلم المزيد عن كيفية ظهور الأمراض من وسم الجينات

يمكن للعلماء تعلم المزيد عن كيفية ظهور الأمراض من وسم الجينات

ولا تغير الواسمات هذه تسلسل الحمض النووي DNA ولكنها تغير من طريقة استخدام الخلايا لتعليمات DNA. ويمكن أن تعبر هذه الواسمات من خلية لأخرى عندما تنقسم وحتى يمكنها العبور من جيل لآخر. كما تستطيع الخلايا المتخصصة التحكم بعدة وظائف في الجسم. على سبيل المثال تصنع الخلايا المتخصصة في خلايا الدم الحمراء بروتينات تحمل الأكسجين من الهواء إلى بقية أجزاء الجسم. ويتحكم ما فوق الجينوم في هذه التغيرات داخل الجينوم.

كما يمكن للواسمات الكيميائية على الحمض النووي DNA والهستونات أن تعيد الترتيب بتغير الخلايا المتخصصة وما فوق الجينوم خلال عمر الشخص. وقد تؤدي عوامل نمط الحياة والبيئة كالتدخين والحمية الغذائية والأمراض المعدية إلى تغيرات فوق جينية، إذ يمكن أن يعرضوا الشخص لضغوط تحث الاستجابات الكيميائية.

كما يمكن أن تؤدي هذه الاستجابات للتغيرات فوق الجينية المباشرة وقد تسبب بعض هذه التغيرات أضرار، قد تنتج بعض أمراض الإنسان من خلل في البروتينات التي “تقرأ” و”تكتب” الواسمات فوق الجينية، وترتبط بعض هذه التغيرات بتطور المرض.

يمكن أن ينتج السرطان من التغيرات الجينومية أو ما فوق الجينومية أو من كليهما. كما أن التغيرات ما فوق الجينومية يمكن أن تشغل أو تطفئ الجينات المشتركة في نمو الخلايا أو الاستجابة المناعية، وقد تؤدي هذه التغيرات لنمو خارج عن السيطرة (وهي من سمات السرطان) أو فشل في الجهاز المناعي الذي يدمر الأورام.

الجينات

ويقارن الباحثون في شبكة أطلس جينوم السرطان-The Cancer Genome Atlas(TCGA) الجينوم الجيني ما فوق الجينوم للخلايا الطبيعية مع الخلايا السرطانية تلك؛ على أمل تجميع لائحة متعارف عليها وكاملة للتغيرات ما فوق الجينومية المحتملة التي يمكن أن تؤدي للسرطان.

ويركز الباحثون في علم ما فوق الجينوم على محاولة تتبع مواقع وفهم وظائف جميع الواسمات الكيميائية التي توسم الجينوم. وقد تقود هذه المعلومة إلى فهمٍ أفضل لجسم الإنسان ومعرفة الطرق لتحسين صحة الإنسان.

العلاج الجيني

في العلاج الجيني يتم إدخال جينات داخل خلايا وأنسجة المريض لمعالجة الأمراض وعادةً ما تكون هذه الأمراض وراثية، إذ يستخدم العلاج الجيني أجزاءً من الحمض النووي لمعالجة أو منع الأمراض. وعلى الرغم من أن هذا العلم ما يزال في مراحله المبكرة، إلا أنه حقق بعض النجاحات.

مثلًا: أعلن العلماء في 2016 عن نجاحهم في تحسين بصر 3 بالغين يعانون من العمى الخلقي باستخدام العلاج الجيني. وفي عام 2017 أعلن جون زانك-John Zhang -وهو أخصائي الغدد الصماء التناسلية- وفريقه عن تقنية تدعى العلاج بالاستبدال المتقدري بطريقة ثورية، وأعلنوا عن ولادة طفل لأم تحمل عيبًا جينيًا مميتًا، إذ دمج الباحثون الحمض النووي DNA لامرأتين ورجل واحد من أجل تجنب هذا العيب.

وكانت النتيجة ولادة صبي بصحة جيدة من ثلاثة آباء (رجل وامرأتين). وما يزال هذا النوع من الأبحاث في المراحل المبكرة وهناك الكثير من الأمور المجهولة، إلا أنه يبدو واعدًا.

كما يفحص الباحثون طرقًا مختلفةً لمعالجة السرطان باستخدام العلاج الجيني، ويمكن أن يستخدم العلاج الجيني التجريبي الخلايا الدموية العائدة للمرض من أجل قتل الخلايا السرطانية. وفي دراسة أجريت تقلص السرطان للنصف في إحدى مراحل العلاج عند 82% من المرضى.

الاختبار الجيني لتوقع السرطان

استخدام آخر للمعلومات الوراثية للمساعدة في توقع احتمالية الإصابة بالمرض، على سبيل المثال مرض ألزهايمر وسرطان الثدي في المراحل المبكرة. إذ تكون النساء اللواتي يمتلكن الجين BRCA1 عرضةً بشكل أكبر للإصابة بسرطان الثدي، لهذا يمكن أن تجري المرأة اختبارًا لمعرفة إذا ما كانت تحمل هذا الجين. وهناك فرصة للأشخاص الحاملين لجين BRCA1 بنسبة 50% لتمرير هذا الخلل لأطفالهم.

الاختبارات الجينية للعلاج المخصص

يقول العلماء: «يومًا ما سوف نكون قادرين على اختبار مريض لاكتشاف أي الأدوية هي الأفضل له استنادًا لتركيبه الوراثي». إذ تعمل بعض الأدوية بشكل جيد عند بعض الأشخاص، ولكن لا تعمل عند الأشخاص الآخرين بهذا المستوى. ما يزال العلاج الجيني علمًا في طور النمو، ولكن في وقت ما قد يصبح علاجًا طبيًا عمليًا.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: عدي بكسراوي

تدقيق: أحلام مرشد

المصدر