تعريف علم الجنين

علم الجنين-Embryology هو فرع من علم الحياة يُعنى بدراسة تطور الكائنات الجديدة. يتابع علماء الجنين تطور الخلايا الجنسية بعد عملية الإلقاح ، مشكّلة ما يُسمى البيضة الملقحة أحادية الخلية ثم الجنين ، وصولًا إلى كائن حي جديد مكتمل البنية والوظيفة. توجد العديد من الاختصاصات التي يضمها علم الجنين، إذ نجد بعض العلماء يهتمون بدراسة الجنين البشري ، بينما يدرس بعضهم الآخر الأجنة النباتية والحيوانية.

يستخدم مختصّو علم الحياة التطوري الجنين كوسيلة لمقارنة الأنواع؛ إذ إن آلية نمو عضوية معينة تعطينا فكرة عن تاريخها التطوري. لا يزال علماء آخرون يستخدمون الجنين لتحقيق فهم أفضل للكائن الحي الذي يتعاملون معه، وللمحافظة على الأنواع المهددة بالخطر وتوزيعها التكاثري. يساعد علماء للجنين البشري في الصحة الإنجابية للمرأة، ويفهمون العديد من القضايا التي قد تكون مرتبطة بالعيوب التطورية للجنين وتشوهات التشكل.

تاريخ علم الجنين

لم يكن العلماء والفلاسفة الأوائل جاهلين، فقد كانوا على وعي بوجود النطاف وذلك بالتزامن مع اختراع المجهر. وقد كانت هناك نظريات عديدة متنافسة في علم الجنين المبكر. إن الأفكار الأولى حول علم الجنين قديمة بقدم الفلاسفة الكلاسيكيين. فكان أرسطو أول من اقترح الآلية التطورية الصحيحة للجنين، وذلك حتى دون الاعتماد على المجهر لدعم نظريته.

اقترح أيضًا أن الحيوانات تتشكل من خلال آلية التخلق المتوالي-Epigenesis؛ وهي العملية التي تنقسم فيها خلية مفردة ثم تتمايز إلى عدة أنماط من الأنسجة والأعضاء. وقد كانت هذه النظرية مجرد تخمين دون أي دليل على صحتها.

وقد حازت نظرية ثانية هي نظرية التكون المسبق – Preformation على اهتمام أكبر وذلك قبل اختراع المجاهر والتقنيات التصويرية الحديثة. تفترض هذه النظرية أن الجنين كان صغيرًا ومحتوى ضمن النطفة إلا أنه كان كامل التكون. وفقًا لهذه النظرية، فإن النساء مجرد أوعية لحمل الطفل الآخذ بالنمو.

تقترح هذه النظرية أيضًا أن الفتيات يأتين من الخصية اليسرى والصبية تأتي من الخصية اليمنى! وطبعًا مع معرفة علم الأحياء الحديث، تبين أن هذه النظرية غير صحيحة، لكن نقص الأدلة والصدى الديني للعلم في تلك الفترة شجع على هذه الفكرة الجنسية للغاية وغير المبرهنة.

 التكون المسبق

التكون المسبق

مع اختراع المجهر أخيرًا، كان أول ما درسه الناس عن طريقه هو النطاف. فقد كبّرَ النطاف إلى الحدود القصوى، وتبين أنها لا تحوي كائنات كاملة النمو، ومع هذا، فإن مؤيدي نظرية التكون المسبق لم يقتنعوا أن التخلق المتوالي هو الإجابة. بقي الوضع هكذا حتى عام 1827، حين ظهر الدليل الواضح أن أنثى الثدييات تنتج أيضًا خلايا جنسية تدعى البويضات.

إن اكتشاف الخلايا الجنسية الأنثوية يناقض العديد من فرضيات نظرية التكون المسبق، ويقود إلى تقبل أوسع لنظرية التخلق المتوالي. اقترح كارل إرنست فون باير Karl Ernst Von Baer وهو مكتشف البويضة، وهينز كريستيان باندر Heinz Christian Pander النظرية التي لا تزال تشكل صلب علم الجنين حتى اليوم.

هذه النظرية هي نظرية طبقة الخلايا الجنسية، التي تفترض أن خلية واحدة تصبح عدة طبقات من الخلايا خلال الانقسامات الأولى للعضوية، ثم تعطي هذه الطبقات بقية العضوية من خلال النمو والانطواء لتشكيل الأعضاء والأوعية ونسج أخرى معقدة تحوي خلايا متمايزة.

علم الجنين

علم الجنين

قادنا اكتشاف الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين DNA وفهمه إلى فهم أعمق لكيفية اتحاد النطفة والبويضة لتشكيل البيضة الملقحة. وقد سمح لنا تطور التصوير بالأمواج فوق الصوتية بدراسة أفضل لتطور الجنين البشري. فقد أجريت العديد من الدراسات على كائنات بسيطة لفهم أسس علم الجنين. وقد استخدمت الدودة المسطحة بكثرة في مزارع الدراسات؛ لكونها تتكاثر جنسيًا وذات بيوض كبيرة ويمكن دراستها من خلال مجهر جيد.

دُرست ذبابة الفاكهة بكثرة أيضًا للأسباب السابقة نفسها. ومن خلال دراسته لدودة Polychaete worm، استطاع أي.بي. ويلسون E.B. Wilsaon تطوير عملية مشفرة لفهم حركات وانقسامات الخلايا خلال التخلق الجنيني. وفي حين أن العملية الدقيقة تتغير تبعًا للأنواع المختلفة، فقد عجّلت هذه الطريقة فهم علم الجنين وقادت إلى تطور العلوم والمعرفة الطبية.

المهن في علم الجنين

إن عالم الجنين عالم يدرس تطور الجنين. يجب على أي كائن يتكاثر جنسيًا أن ينتج بشكل أو بآخر نوعًا من الأجنة يتطور إلى كائن بالغ. يدرس عالم الجنين تطور الحيوانات والنباتات وحتى الفطور، بينما يدرس علماء التطور الجنين كوسيلة لفهم خطوط التطور. على سبيل المثال، كل الفقاريات بما فيها الإنسان، تدخل ضمن الطور الجنيني الذي نجد فيه أسلاف الخياشيم، التي تتطور عند الإنسان إلى أجزاء وبنى البلعوم.

يفترض التشابه بين أجنة الفقاريات أنها كلها نشأت من سلف واحد مشترك استخدم هذا النمط من التخلق المتوالي. قد يقضي عالم الجنين المحترف وقته كله في المخابر بهدف تطوير هذا العلم أو قد يختار الانضمام للحقل الطبي.

إن علماء الجنين ضروريون في كل خطوات مراقبة الحمل، الذي هو ببساطة تخلق جنيني. يتخصص بعض علماء الجنين في مشاكل التخلق الجنيني التي تسبب تشوهات واضطرابات. يدعى هذا علم المَسخيّات-Teratology ويتناول كل الاضطرابات انطلاقًا من الإجهاض وحتى العيوب الولادية. قد يتخصص الأطباء فقط في علم الجنين وعلم المَسخيّات، أو يمكنهم أن يبقوا ملمّين بشريحة أوسع وهي أمراض النساء.

توظف العديد من التخصصات معرفة علم الجنين في عملها. فالعديد من شركات تصنيع الأدوية تطور عقارات خاصة للخصوبة والعقم، معتمدة بذلك على التطورات الجنينية التي تعد المفتاح لهذه الجهود. إن تطوير المبيدات الحشرية يعتمد أيضًا على المعرفة الجنينية، إذ يكون الهدف إيقاف الدورة التكاثرية لتلك الكائنات. هذه الطريقة هي الأكثر كلفة وفعالية لمعالجة مشكلة الحشرات.

يستخدم بعض العلماء علم الجنين لتحسين الأنواع؛ إذ إنهم يسعون لزيادة تكاثر الأنواع المهددة بالانقراض. كمثال على ذلك، يسعى العلماء من مختلف المؤسسات على امتداد الولايات المتحدة الأميركية إلى المحافظة على حيوان ابن مقرض ذي الأقدام السوداء-Black-Footed Ferret، لذلك عليهم فهم الجنين الخاص به حتى ينجحوا، وطبعًا بالإضافة إلى فهم سلوكه ونظامه الغذائي وعادات التزاوج لديه. هذا مثال صغير على أهمية الدور الذي يلعبه علم الجنين في المساعي العلمية الكبيرة.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: علا سليمان

تدقيق: إسماعيل اليازجي

المصدر