الشمس هي قلب نظامنا الشمسي، وجميع الأجسام في النظام الشمسي من كواكب وكويكبات ومذنبات وما إلى ذلك تدور حول الشمس على مسافات مختلفة ومنها كوكب الارض.

عطارد -الكوكب الأقرب إلى الشمس- يدور حولها في مدار بيضاوي نصف قطره تقريبًا 29 مليون ميل (47 مليون كيلومتر)،
بينما تبعد الأجسام الموجودة في (سحابة أورط – Oort Cloud) -وهي سحابة كروية هائلة تحيط بالنظام الشمسي- حوالي 15 تريليون كيلومتر.

مدار الأرض أقرب 100,000 إلى الشمس من سحابة أورط، بمتوسط 149,597,870 كيلومترًا.

تُسمى المسافة من الأرض إلى الشمس بـ«الوحدة الفلكية» أو AU، وهي تستخدم لقياس المسافات عبر النظام الشمسي.
المشتري على سبيل المثال، يبعد 5.2 AU، ونبتون يبعد 30.07 AU. وتبلغ المسافة إلى أقرب نجم «بروكسيما سنتوري» حوالي 268,770 AU وذلك وفقًا لوكالة ناسا.

ولقياس المسافات الأطول، يستخدم علماء الفلك السنوات الضوئية، أو المسافة التي يقطعها الضوء في سنة أرضية واحدة، لذا فإن بروكسيما سنتوري يبعد حوالي 4.25 سنة ضوئية.

المدار البيضاوي

الوحدة الفلكية (AU) هي متوسط المسافة من الأرض إلى الشمس، وتُكمل الأرض دورة كاملة حول الشمس كل 365.25 يومًا (سنة واحدة)، ومع ذلك فإن مدار الأرض ليس دائرة مثالية؛ بل هو أشبه بالشكل البيضاوي أو القطع الناقص. وتدور الأرض على مدار العام، وفي بعض الأوقات من السنة تكون أقرب إلى الشمس وأحيانًا أبعد.

أقرب نقطة للأرض عن الشمس، تسمى (الحضيض الشمسي – Perihelion)، وتأتي في أوائل يناير/كانون الثاني، وتبلغ حوالي 146 مليون كيلومتر، أقل بقليل من وحدة فلكية. بينما تسمى أبعد نقطة للأرض عن الشمس بـ(الأوج الشمسي – Aphelion)، ويأتي ذلك في أوائل شهر يوليو/حزيران، وحينها تبعد الأرض عن الشمس حوالي 152 مليون كيلومتر، أي أكثر بقليل من وحدة فلكية.

اكتشاف المسافة بين الارض و الشمس

تاريخيًا، كان أول شخص يقيس المسافة التي تفصلنا عن الشمس، هو عالم الفلك اليوناني أرسطرخس الساموسي (Aristarchus of Samos)، حوالي عام 250 قبل الميلاد. وقد استخدم أطوار القمر ليقيس أحجام ومسافات الشمس والقمر.

خلال نصف القمر، يجب أن تشكل الأجرام السماوية الثلاثة زاوية قائمة. وبقياس الزاوية على الأرض بين الشمس والقمر، قرر أن الشمس كانت 19 مرة أبعد عن القمر، وبالتالي 19 مرة أكبر من القمر. في الواقع تكون الشمس أكبر بنحو 400 مرة من القمر.

شاهد الفيديو:

من المحتمل أن يكون قياس أرسطرخس خاطئًا، أولًا لأنه من الصعب تحديد المراكز الدقيقة للشمس والقمر، وثانيًا من الصعب أن نعرف بالضبط متى يكون القمر نصف مضاء، هذا ما يقوله الموقع الإلكتروني الفلكي لجامعة كورنيل.

على الرغم من عدم دقة قياساته، فقد قدم أرسطرخس فهمًا بسيطًا لأحجام ومسافات الأجرام الثلاثة، ما أدى به إلى استنتاج أن الأرض تدور حول الشمس، قبل 1700 سنة تقريبًا من اقتراح نيكولاس كوبرنيكوس نموذجه عن مركزية الشمس في النظام الشمسي.

في عام 1653، حسب العالم الفلكي كريستيان هوغنس (Christiaan Huygens) المسافة من الأرض إلى الشمس، وقد استخدم أطوار كوكب الزهرة لحساب قيم الزوايا في مثلث (الزهرة-الشمس-الأرض). على سبيل المثال، عندما يظهر الزهرة نصف مضاء بأشعة الشمس، تشكل الأجسام الثلاثة مثلثًا قائمًا من منظور الأرض.

كان تخمينه لحجم الزهرة صحيحًا تقريبًا، وبالمصادفة، تمكن هوغنس من تحديد المسافة من كوكب الزهرة إلى الأرض، ومعرفة هذه المسافة بالإضافة إلى زوايا المثلث، تمكن من قياس المسافة إلى الشمس. ومع ذلك ولأن طريقه هوغنس كانت تخمينًا جزئيًا ولا تستند إلى أسس علمية تمامًا، فإنه غالبًا لايعود له الفضل في ذلك.

في عام 1672، استخدم جيوفاني كاسيني (Giovanni Cassini) طريقة تنطوي على اختلاف المنظر، أو الاختلاف الزاوي، لحساب المسافة إلى المريخ، وفي الوقت نفسه حسب المسافة إلى الشمس. بعث زميله جان ريتشر (Jean Richer)، إلى غينيا الفرنسية، بينما كان هو في باريس.
أخذوا قياسات لموقع المريخ بالنسبة للنجوم في الخلفية، وقاموا بتثليث القياسات مع المسافة المعروفة بين باريس وغوايانا الفرنسية. وبمجرد ماكانت لديهم المسافة إلى المريخ، أمكنهم أيضًا حساب المسافة إلى الشمس. وبما أن أساليبه كانت أكثر علمية، فغالبًا يعود له الفضل في ذلك.

الغلاف المغناطيسي

الغلاف المغناطيسي

قالت عالمة الفلك نيكول كابيتاين (Nicole Capitaine) من جامعة باريس لموقع (Space.com): «إن التعبير عن المسافات بالوحدة الفلكية سمح للفلكيين بالتغلب على صعوبة قياس المسافات في بعض الوحدات الفيزيائية».

كان هذا التطبيق إلى حد ما مفيدًا لسنوات عديدة، لأن الفلكيين لم يكونوا قادرين على إجراء قياسات عن بعد في النظام الشمسي بدقة بقدر استطاعتهم على قياس الزوايا.

القياسات الحديثة للمسافة بين الأرض و الشمس

مع ظهور المركبات الفضائية والرادار، ظهرت طرق أكثر دقة لعمل قياس مباشر للمسافة بين الأرض والشمس.

كان تعريف الوحدة الفلكية هو نصف قطر مدار نيوتوني دائري حول الشمس غير متذبذب لجسيم له كتلة متناهية في الصغر، له حركة متوسطة تبلغ 0.01720209895 راديان في اليوم، يعرف باسم (ثابت غاوسي – Gaussian constant).

إلى جانب جعل الأمور صعبة بشكل غير ضروري على أساتذة علم الفلك، فإن هذا التعريف في الواقع لم ينسجم مع النسبية العامة لأينشتاين. وباستخدام التعريف القديم، فإن قيمة الوحدة الفلكية تتغير حسب موقع المراقب في النظام الشمسي. فإذا استخدم مراقب في المشتري التعريف القديم لحساب المسافة بين الأرض والشمس، فإن القياس يختلف عن قياس المراقب على الأرض بنحو 1000 متر. علاوة على ذلك، يعتمد ثابت غاوسي على كتلة الشمس، ولأن الشمس تفقد الكتلة لأنها تشع طاقة، فإن قيمة الوحدة الفلكية تتغير مع ذلك.

صَوَّت الاتحاد الفلكي الدولي في اغسطس 2012 لتغيير تعريف الوحدة الفلكية إلى الرقم القديم البسيط: 149,597,870,700 متر.
يعتمد القياس على سرعة الضوء، وهي قيمة ثابتة لا علاقة لها بكتلة الشمس. ويُعرَّف المقياس بأنه المسافة التي يسافرها الضوء في الفراغ في 1/299,792,458 من الثانية.

وقال عالم الفلك سيرجي كليونر (Sergei Klioner) من جامعة دريسدن التقنية في ألمانيا: «التعريف الجديد أبسط بكثير من التعريف القديم».
كان كل من سيرجي وكليونير جزءًا من مجموعة الاتحاد الفلكي الدولي التي عملت على تحسين التعريف.

اقرأ ايضًا

ماذا سيحدث للأرض عندما تموت الشمس؟
هل للعواصف الشمسية تأثير على البشر؟ ما هو؟

ترجمة محمد رشود – تدقيق صهيب الأغبري

المصدر