يمكن للعلماء وصف حركة الكرة الطائرة في الهواء، وجذب المغناطيس، وتوقع خسوف القمر باستخدام عدد قليل من المعادلات. تُسمى الدراسة الرياضية لحركة الأشياء في حياتنا اليومية والقوى التي تؤثر عليها الميكانيكا الكلاسيكية. غالبًا ما يُطلق على الميكانيكا الكلاسيكية اسم الميكانيكا النيوتنية؛ وذلك لأن الدراسة بأكملها تقريبًا مبنية على أعمال إسحاق نيوتن.

تشمل بعض القوانين والمبادئ الرياضية في صميم الميكانيكا الكلاسيكية ما يلي:

  •  قانون نيوتن الأول للحركة: يبقى الجسم الساكن ساكنًا والمتحرك متحركًا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية.
  •  قانون نيوتن الثاني للحركة: تساوي محصلة القوى المؤثرة على جسم ما إلى حاصل ضرب كتلة ذلك الجسم في تسارعه.
  •  قانون نيوتن الثالث للحركة: لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه.
  •  قانون الجاذبية العام لنيوتن: تتناسب قوة الجاذبية بين جسمين طرديًا مع كتلتيهما وعكسيًا مع مربع المسافة بين مركزيهما.
  •  قانون حفظ الطاقة: الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم بل تتحول من شكل إلى آخر (على سبيل المثال: تتحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة حرارية).
  •  قانون حفظ الزخم: في حال عدم وجود قوى خارجية مثل الاحتكاك. عند اصطدام جسمين، فإن الزخم الكلي قبل الاصطدام يساوي الزخم الكلي بعد الاصطدام.
  •  مبدأ برنولي: ضمن التدفق الانسيابي المستمر للموائع، يتناسب الضغط الهيدروستاتيكي للمائع عكسيًا مع سرعته وارتفاعه.

وفقًا لكتاب The Dynamic Chemistry E-textbook من جامعة كاليفورنيا قسم ديفيس للكيمياء: «تصف الميكانيكا الكلاسيكية بدقة سلوك معظم الأشياء “الطبيعية”. لكي تُعتبر الأشياء “طبيعية” يجب أن تكون أكبر من جزيء وأصغر من أي كوكب، وقريبة من درجة حرارة الغرفة، وتنتقل بسرعات أبطأ بكثير من سرعة الضوء».

ما هي الميكانيكا الكلاسيكية قانون نيوتن الأول للحركة قانون الجاذبية العام لنيوتن قوانين نيوتن حفظ الزخم الكتلة الطاقة القوى المؤثرة على جسم علم قديم بتسمية حديثة

على الرغم من أنه أقدم فرع في الفيزياء، فإن مصطلح الميكانيكا الكلاسيكية جديد نسبيًا. فبعد عام 1900، أنشأت سلسلة من الثورات في التفكير الرياضي مجالات جديدة من الأسئلة: الميكانيكا النسبية للظواهر المتعلقة بالأشياء السريعة جدًا، والميكانيكا الكمية للظواهر المتعلقة بالأشياء الصغيرة جدًا.

ما تزال المعادلات التي طُورت قبل عام 1900 مناسبة تمامًا لوصف الأشياء ذات الأحجام والسرعات الطبيعية. ومع ذلك ولكون هذا الفرع القديم من الفيزياء وُجد إلى جانب فرعين جديدين؛ لذلك احتاج إلى تسمية جديدة. سُمي مصطلح الميكانيكا الكلاسيكية للتعبير عن مجموعة من المعادلات التي تصف الواقع على نطاق واسع بحيث تكون الآثار الكمومية والنسبية مهملة.

في عام 1687، نشر نيوتن كتابه Philosophiæ Naturalis Principia Mathematica – المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية؛ الذي وصف فيه كيفية حركة الأجسام تحت تأثير القوى الخارجية. ساهم هذا العمل بتوحيد التفكير الرياضي بأفكار جديدة نسبيًا عن الحركة هنا على سطح الأرض، وعلم الفلك الذي يُعد الأقدم في جميع مجالات البحث العلمي.

قديمًا في العصور الوسطى

أظهرت الحضارات القديمة في بلاد ما بين النهرين ومصر ووادي السند فهمًا لحركة الشمس والقمر والنجوم، حتى إنهم تمكنوا من توقع تواريخ الكسوف منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد. وقد وصفها الباحث إدوين تشارلز كروب (E.C. Krupp) في كتابه “أصداء السماء القديمة” 2003: «كانت النجوم والكواكب غالبًا هدفًا للعبادة ويُعتقد أنها مثّلت آلهتهم».

افتقرت مثل هذه التفسيرات الخارقة للطبيعة من خلال تعريفها إلى الأدلة، ولكنّ سجلات الملاحظة قد وضعت الأساس لأجيال من المراقبين. وهكذا أصبحت الميكانيكا السماوية (Celestial Mechanics) دراسة كيفية تحرك الأشياء نحو السماء.

كان اليونانيون القدماء أول من سعى باستمرار للحصول على تفسيرات طبيعية (على عكس التفسيرات الخارقة للطبيعة). وقد كتب تشارلز سينجر (Charles Singer) في كتابه تاريخ (قصير للعلوم إلى القرن التاسع عشر) 2011: «رفض فلاسفةٌ مثل طاليس ( (624-545 تفسيرات غير طبيعية للظواهر الطبيعية، وأعلنوا أن لكل حدث سبب طبيعي».

كانت التفسيرات التي لا تُعد ولا تحصى -والتي تشمل الأخلاط الجسدية bodily humors على سبيل المثال، والأغلفة الفلكية التي تحيط بالأرض- في الواقع طبيعية ولكن معظمها كانت خاطئًا بشكل خيالي. ركزت مجموعة معينة من الأفكار الخاطئة بشكل خاص على الحركة، والتي بُنيت منذ 2000 عام تقريبًا على أعمال أرسطو (384-322 قبل الميلاد).

خضع هذا العمل الذي أُطلق عليه نظرية الزخم لتنقيحات رئيسية في القرن السادس والثاني والرابع عشر الميلادي، وهكذا أصبحت الميكانيكا الأرضية دراسةً لكيفية تحرك الأشياء وتفاعلها على سطح الأرض.

النهضة

بحلول القرن السادس عشر بدأ العلماء يلاحظون أن نظرية الزخم كانت غير مناسبة لوصف العديد من الظواهر، على وجه الخصوص القذائف المنطلقة من المنجنيقات والمدافع. فطبقًا للنظرية ينبغي للقذيفة أن تطير في الهواء حتى تنفد من الزخم، وعندها يجب أن تسقط مباشرة على الأرض. لكن في الواقع فإن مسار القذيفة هو منحنى محدد جدًا.

لفهم هذه الملاحظات وفقًا لبرنارد كوهين (Bernard Cohen) في كتابه “ولادة فيزياء جديدة” 1985: «بدأ العلماء يفكرون في قوة الجاذبية للأجسام ذات التسارع المنتظم».

نشر غاليليو غاليلي (1564-1642) في منشوره الصادر عام 1638 -بعنوان “الحوارات المتعلقة بعلمين جديدين” أول دليل رياضي على أن التسارع المنتظم قد يتسبب في تحرك المقذوفات في مسارات ذات قطوع مكافئة تتطابق مع الملاحظات، ما يدل على أن الميكانيكا الأرضية تحكمها الرياضيات.

على نحو مماثل وفي القرن السادس عشر أيضًا، تبين أن للميكانيكا السماوية روابط قوية للغاية بالرياضيات. فوفقًا لـ ديفيد شاول لاندز (David S. Landes) في كتاب “ثورة في الزمن” 1983: «كان تيخو براهي (1546-1601) من أوائل علماء الفلك الذين استخدموا ساعات قادرة على حساب الدقائق والثواني، بالإضافة إلى استخدام الإسطرلاب وآلة السدس، لتتبع حركات الأجرام السماوية (لم يكن التلسكوب مكتشفًا بعد)».

اعتمد يوهانس كيبلر (1571-1630) في قوانينه الثلاثة للحركة الكوكبية على بيانات براهي عن حركة المريخ. ونشر أول هذه القوانين في عمله “علم الفلك الجديد” عام 1609، إذ أظهر أن الكواكب تتحرك في مسارات إهليجية حول الشمس.

بعد سبعين عامًا، اعتمد نيوتن على أعمال غاليليو وكيبلر لإظهار أن الحركات الإهليجية للعالم السماوي والحركات ذات القطع المكافئ للعالم الأرضي يمكن تفسيرها بواسطة قانون رياضي أنيق واحد، وهو القانون العام للجاذبية. بالإضافة إلى ذلك صاغ قوانين الحركة من خلال وصفها بلغة الرياضيات.

باستخدام قوانين نيوتن، يمكن للعلماء التلاعب بالرياضيات الرمزية باستخدام الجبر والتفاضل والتكامل (اللذين ساهم نيوتن في اختراعهما أيضًا) لمعرفة الظواهر التي لم تُلاحظ بعد.

تطورت الميكانيكا الكلاسيكية طوال القرنين الثامن والتاسع عشر لوصف كل شيء من البصريات والموائع والحرارة إلى الضغط والكهرباء والمغناطيسية.

اقرأ أيضًا:

نظرية كمية تقترح أن للمستقبل تأثير على الماضي!

نظرية أينشتاين حول النسبية الخاصة وسرعة الضوء

ترجمة: سرمد يحيى

تدقيق: تسنيم المنجّد

المصدر