لدى الأطباء أخبار سيئة لراشيل بالما، شارحين لها أن الآفة الموجودة في دماغها يحتمل أن تكون ورمًا، والأشعة تخبر أنه قد يكون سرطانيًا. تقول بالما، المتزوجة حديثًا، أنها كانت في صدمة وغير راغبة في تصديق ذلك. يذكر جوناثان راسولي Jonathan Rasouli رئيس قسم جراحة الأعصاب والمقيم في كلية Icahn الطبية في ماونت سيناي Mount Sinai Hospital، أنه في سبتمبر، فتح الجراحون في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك جمجمة بالما لاستئصال ورم دماغي خبيث، لكنهم في المقابل، شاهدوا كتلة بحجم بيضة السمان. يتحدث راسولي في مقابلة تلفونية أجريت معه الثلاثاء مع صحيفة واشنطون بوست: « كنا جميعًا نقول “ما هذا؟”، كان صدمًا جدًا. كنا نحك رؤوسنا مدهوشين بما نراه». أزال الأطباء الكتلة من دماغ بالما ووضعوها تحت مجهر للحصول على نظرة أقرب، ثم قطعوها على شكل شريحة – ووجدوا أنه طفل دودة شريطية.

تحذير: الصورة في أسفل المقال تظهر دودة شريطية.

تقول بالما: «شعرت بمشاعر مختلطة حيال ذلك». وتتحدث ذات ٤٢ ربيعًا مفسرة أن لا أحد يرغب بتصديق أن هناك دودة شريطية داخل بيضة تنمو في دماغه قائلة: «بالطبع شعرت بالتقزز. لكن بالطبع شعرت بالارتياح كذلك. إذ يعني ذلك أنه لا حاجة لأي علاج بعد الجراحة».

تظهر صورة الأشعة الدودة الشريطية في دماغ راشيل بالما

تظهر صورة الأشعة الدودة الشريطية في دماغ راشيل بالما

تذكر بالما أنها عانت من الأرق طويلًا ولم تستطع النوم وكانت تراودها الكوابيس. كما قالت أنها عانت من الهلاوس، وتتخيل أشياء تحدث بينما هي لا تحدث بالواقع.

ساءت أعراضها أكثر في يناير ٢٠١٨، وتذكر أنها بدأت تعاني من مشاكل في القبض، مثل كوب القهوة، والذي كان يسقط من يدها على الأرض. بدأت تعاني من مشاكل في كتابة الرسائل للناس، لذا لجأت للاتصال بهم هاتفيًا.

ومرت بحالة تشوش ذهني، فحبست نفسها بالمنزل، وكانت تذهب إلى عملها دون ملابسها الرسمية وتظل محدقة نحو شاشة الحاسوب غير قادرة على استيعاب الكلمات.

تقول أنه وفي نقطة ما اتصلت بوالديها تاركة رسالة صوتية على جهاز الرد الخاص بوالديها تقول فيها أن المكان الذي ابتاعت منه السرير قبل سنوات يرغب في استعادته فجأة.

بعد مواعيد مع الطبيب وزيارات لغرفة الطوارئ، رغبت بالما برؤية مختص في مستشفى ماونت سيناي والذي كشف عن وجود آفة lesion في دماغ بالما في فصها الأمامي الأيسر، بالقرب من مركز الكلام.

يذكر راسولي رئيس قسم رقود جراحة الأعصاب أن الآفة ظهرت من خلال شكلها في فحص الرنين المغناطيسي إلى قول الأطباء أن ذلك سرطان دماغ. لكن ومن واقع الفحص، ذكر راسولي (من الواضح أن ذلك لم يكن ورمًا دماغيًا).

شخص الأطباء بالما بداء الكيسيات المذنبة العصبي neurocysticercosis، وهو عدوى طفيلية في الدماغ تسببها دودة شريطية تدعى الشريطية الوحيدة أو شريطية الخنزير Taenia solium.

تقول بوبي بريت Bobbi Pritt، مديرة مختبر علم الطفيليات الإكلينيكي في قسم الطب المخبري وعلم الأمراض التابع لعيادة مايو Mayo Clinic أن شريطية الخنزير ليست شائعة في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن حين يصاب بها الناس، تتواجد الطفيلية في شكلين مختلفين، وأن أكثر الأشكال شيوعًا هي الطور البالغ من الدودة الشريطية، والتي تدخل إلى الأمعاء عبر تناول لحم الخنزير غير المطبوخ جيدًا وتعيش هناك.

الطفيلي

الطفيلي

لكن هناك طريقة أخرى أقل شيوعًا للإصابة بالطفيلي، فالأشخاص المصابون بالطور البالغ يخلفون بيوضًا مجهرية في برازهم، وفي حال لم يغسلوا أيديهم جيدًا، سينقلون الدودة الشريطية إلى الغير، بحسب ما قالته بريت.

تذكر بريت على سبيل المثال، إذا انتقلت بيوض الدودة الشريطية إلى أيدي الأشخاص ثم قام هؤلاء بتحضير الطعام لغيرهم، فإن الشخص المتناول لهذا الطعام تناول البيض كذلك دون علم. وتقول أن البيض ينتقل إلى الأمعاء الدقيقة، ويفقس إلى يرقات تخترق جدار البطن وتصل إلى مجرى الدم، حيث تهاجر بعدها إلى جميع أنحاء الجسم وكذلك الدماغ.

تضيف بريت أن الطور اليرقي يظهر ككيس مملوء بسائل.

تذكر بريت أن الطور البالغ يعالج بمضادات الطفيليات، لكن علاج الطور اليرقي يمكن أن يكون معقدًا ويعتمد على موقع ومرحلة العدوى.

تقول بالما عن الدودة الشريطية التي كانت في دماغها: «أريد أن يفهم الناس أن هذا حدث نادر. فلن يكون كل صداع تشكو منه سببه طفيلية»، وتقول بالما أن أعراضها هدأت بنسبة ١٠٠٪.

وتضيف: «الجزء الأفضل من قصتي هو نهايته السعيدة».

اقرأ أيضًا:

العثور على أنفاق سرية بين الجمجمة والدماغ

فتح هؤلاء الأطباء جمجمة المريض الخطأ وأجروا له جراحة دماغ غازية

استئصال جزء من الجمجمة بعد التعرض للإصابات قد ينقذ الحياة

نجاح زراعة أول جمجمة وفروة رأس في العالم!

ترجمة: لُبيد الأغبري

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر