منذ ثلاثة أعوام، حذر مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية مئات الآلاف من الأطباء في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد من نوع جديد من الفطريات من نوع الخميرة سريع الانتشار وقادرة على مقاومة الأدوية ، وتسبب هذا النوع في حدوث إصابات قاتلة للمرضى الذين يُنقلون إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم.

تُعرف هذه العدوى باسم المبيضات الأذنية Candida auris؛ إذ اكتُشفت عام 2009 فى أذن امرأة يابانية -كلمة “auris” تعني أُذنًا في اللاتينية- ومنذ ذلك الوقت، يمثل المرض تهديدًا صحيًا عالميًا، خاصةً لذوي المناعة الضعيفة.

يعتقد مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة أن العدوى الفطرية جُلبَت من خارج البلاد بدون قصد عن طريق شخص مريض، وانتشرت بعد ذلك. في يونيو 2016 أصدرت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها تحذيرًا من المُمْرِض pathogen*.

وبعد شهرين، أُبلغ عن أول سبع حالات مصابة، وبحلول شهر مايو من عام 2017، وصل عدد الحالات إلى 77، وفي 12 يوليو 2019 ارتفع العدد إلى 715 حالة، كانت معظم هذه الحالات في نيويورك ونيوجيرسي وشيكاغو.

أُبلغ عن العدوى في أكثر من 30 دولة، ويُعتقد أن المرض أكثر انتشارًا؛ إذ يُصعَب التعرف على الكائن المسبب للمرض -فطر الكانديدا أوريس- دون فحوصات مخبرية متخصصة.

ويُعد هذا الفطر من الفطريات شديدة المقاومة للأدوية؛ إذ ينتشر بين المرضى في المستشفيات، وحتى بين أعضاء الفريق الطبي، ما قد يسبب تفشي المرض. ويحمل المرضى الفطر على جلودهم لفترة قد تمتد لأكثر من شهر.

وتشير الدراسات المبكرة إلى أن المرض قاتل في 30% إلى 60% من الحالات، إذ تسبب العدوى التهابات في مجرى الدم أو القلب أو المخ.

لم يتمكن الباحثون أبدًا من عزل الفطر عن البيئة الطبيعية، وتثير حيرتهم كيفية ظهور العدوى في مناطق متفرقة في الوقت ذاته، في الهند وجنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية.

لكن نظريةً جديدة لباحثين من مركز إم دي أندرسون MD Anderson لأمراض السرطان التابع لجامعة تكساس، وباحثين من معهد ويسترديجك التابع لجامعة أوترخت الهولندية، تقترح أن للاحتباس الحراري دورًا رئيسيًّا في العدوى، وأنها قد تكون أول مثال لعدوى فطرية ناتجة عن التغير المناخي.

نادرًا ما تصيب العدوى الفطرية البشر؛ إذ إن الثدييات تمتلك أجهزةً مناعيةً معززةً أكثر من الكائنات الحية الأخرى المعرضة لخطر عدوى الفطريات.
لا تستطيع معظم الفطريات في البيئة النمو في درجة حرارة الجسم البشري، لكن مع ارتفاع درجات حرارة المناخ، أصبحت الكانديدا أوريس قادرةً على التكيف ما أعطاها القدرة على التكاثر في حرارة الجسم البشري البالغة 37 درجة مئوية.

قارن الباحثون فطر الكانديدا أوريس مع الأنواع species الأكثر قربًا له، ووجدوا أن هذه الخميرة القاتلة تمتلك القدرة على النمو في درجات حرارة أعلى.

لاحظ الباحثون أن الشيء الأكثر غموضًا هنا هو ظهور العدوى في وقت واحد في ثلاث قارات مختلفة، إذ تمتلك كل قارة مجتمعات مختلفة وسكان مختلفين، لكن الشيء الوحيد المشترك بينها أن العالم أصبح أكثر دفئًا.

وأضاف الباحثون أنهم يعملون على تجميع الحقائق لتفسير تلك الظاهرة، وأنهم إذا تمكنوا من العثور على المستنقع أو البحيرة التي جاء منها الفطر وحللوا الأنواع الأخرى المقربة له، سيهتدون حينئذٍ إلى الطريقة التي تكيف بها فطر الأوريس مع درجات الحرارة الأعلى.

كذلك حذر الباحثون من كون التغيرات المناخية المصاحبة للاحتباس الحراري ليست وحدها المسؤولة عن العدوى الفطرية؛ إذ يعتقد العلماء أن كثرة استخدام الأدوية المضادة للفطريات والاستخدام المكثف لمبيدات الفطريات على المحاصيل تُعد من بين النظريات الأخرى التي قد تفسر سبب ظهور عدوى الكانديدا أوريس.

*المُمْرِض أو الممراض: هو الكائن المسبب لمرض ما، سواء كان من الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات.

اقرأ أيضًا:

مقاومة الأدوية : هل يؤثر استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات على صحة الإنسان ؟

مقاومة الأدوية المضادة للفطريات وخطر تفشي الأمراض ونقص الغذاء العالمي

بعض مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للذهان قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف

ترجمة: شيماء ممدوح

تدقيق: صالح عثمان

مراجعة: آية فحماوي

المصدر