ما هي العولمة ؟ العولمة هي انتشار وتوزيع المنتجات والتكنولوجيا والمعلومات والوظائف عبر الثقافات والحدود الوطنية. أما من الناحية الاقتصادية، فالعولمة تصف مدى الترابط بين دول العالم المتعزز من خلال التجارة الحرة.

يمكن للعولمة من ناحية إيجابية أن ترفع مستوى المعيشة في البلدان الفقيرة والأقل نموًا عن طريق توفير فرص العمل والتطوير وتحسين الوصول إلى السلع والخدمات، إلا أنها ومن ناحية سلبية يمكن أن تتسبب في تدمير فرص العمل في البلدان المتقدمة نتيجة لانتشار إنتاج البضائع عبر الحدود.

وعلى الرغم من ذلك يمكن القول بأن دوافع العولمة قد تكون مثالية كما قد تكون انتهازية أحيانًا أخرى، إلا أن تطوير السوق الحرة العالمية قد ساهم في تعظيم فائدة الشركات الكبيرة التي توجد مقراتها في البلدان الأكثر تطورًا. بينما يبقى تأثيرها على العمال والثقافات والشركات الصغيرة في جميع أنحاء العالم متفاوتًا ما بين الدول المتقدمة والأقل تطورًا.

تفسير العولمة

تسهم العولمة في منح الشركات ميزات تنافسية على عدة أصعدة، فهي تسهم في تخفيض تكاليفهم التشغيلية عن طريق إتاحة الفرصة للقيام بالتصنيع خارج البلاد، وإسهامها في تخفيض التعريفات الجمركية أو إلغائها بما يؤدي إلى إمكانية شراء المواد الأولية بسعر أخفض، والأهم من كل ذلك أنها تسمح للشركات بإمكانية الوصول إلى ملايين المستهلكين الجدد.

تعتبر العولمة ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية وقانونية معًا. اجتماعيًا تؤدي العولمة من الناحية الاجتماعية إلى تنشيط التفاعل ما بين شعوب العالم.
أما ثقافيًا، فتعكس العولمة التمثيل الفعلي لتبادل الأفكار والقيم والتوجهات الفنية الجديدة ما بين ثقافات العالم.

ومن الناحية السياسية، فقد ركزت العولمة الانتباه نحو المنظمات الحكومية الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة (UN) ومنظمة التجارة العالمية (WTO).
ومن الناحية القانونية فساهمت بإيجابية بتطوير آلية إنشاء القانون الدولي وإنفاذه.

مفاهيم رئيسية

تسارعت العولمة منذ بداية التسعينيات وصولًا إلى وتيرة غير مسبوقة مستفيدة من التغييرات السياسة العامة وابتكارات تكنولوجيا الاتصالات كعوامل رئيسية دافعة. وتعتبر الصين والهند من بين أكثر البلدان استفادة من العولمة. من النتائج الواضحة للعولمة هي أنه يمكن للتباطؤ الاقتصادي الحاصل في بلد ما أن يؤثر بشكل سلبي ومتسارع على شركائه التجاريين.

تاريخ العولمة

لا يعتبر مفهوم العولمة مفهومًا جديدًا. ففي العصور القديمة سافر التجار مسافات طويلة لشراء السلع والبضائع النادرة والباهظة الثمن في أوطانهم، كما جلبت الثورة الصناعية تطورات كثيرة في مجال المواصلات والاتصالات في القرن التاسع عشر وساهمت بشكل كبير في تسهيل التجارة عبر الحدود.

يذكر مركز الأبحاث “معهد بيترسون للاقتصاد الدولي (PIIE)” بأن العولمة قد توقفت بعد الحرب العالمية الأولى نتيجة لحركات الدول نحو الحماية إذ فرضت هذه الدول الضرائب على استيراد البضائع لحماية صناعاتها. واستمر هذا الاتجاه خلال فترة الكساد الكبير، ومن ثم أثناء الحرب العالمية الثانية إلى أن قامت الولايات المتحدة بالدور المركزي في إعادة إحياء التجارة الدولية.

العولمة في صورة

العولمة في صورة

منذ ذلك الحين، تسارعت العولمة بخطى غير مسبوقة كنتيجة حتمية لتغييرات السياسة العالمية وابتكارات تكنولوجيا الاتصالات.

إحدى المراحل الأساسية من مراحل تطور العولمة كانت مع توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) في عام 1993. إذ كان من بين الآثار العديدة لهذه الاتفاقية إعطاء مصنعي السيارات الأمريكيين الحافز لنقل جزء من صناعتهم إلى المكسيك بهدف الاستفادة من انخفاض تكاليف العمالة. واعتبارًا من شباط 2019 فقد كان من المقرر إنهاء هذه الاتفاقية بهدف الوصول إلى اتفاق تجاري جديد يضم الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك وهو حاليًا بانتظار موافقة الكونغرس الأمريكي.

عملت الحكومات في جميع أنحاء العالم على تطوير نظام اقتصادي للسوق الحرة العالمية من خلال السياسات المالية واتفاقيات التجارة الحرة على مدار العشرين عام الماضية. وركزت غالبية هذه الاتفاقيات على إزالة أو تخفيض التعريفات والحواجز الجمركية. وأدى تطور النظم الاقتصادية إلى زيادة مستوى التصنيع والفرص المالية في العديد من دول العالم. وتعمل الحكومات حاليًا على إزالة الحواجز أمام التجارة وتعزيز التجارة الدولية.

إيجابيات العولمة

يعتقد المؤيدون للعولمة بأنها تخلق الفرصة للدول النامية للحاق بالدول الصناعية من خلال زيادة حجم التصنيع والتنويع والانتشار الاقتصادي ورفع مستويات المعيشة. ساهمت العولمة في جلب الوظائف والتكنولوجيا إلى البلدان النامية نتيجة لاستعانة الشركات بالمصادر الخارجية. كما أدت إلى إزالة القيود المفروضة على التجارة الدولية ما أدى إلى زيادة حجم التجارة الدولية. كما ساهمت في تعزيز العدالة الاجتماعية على مستوى العالم، إذ يرى المؤيدون للعولمة بأنها ركزت الانتباه على حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

سلبيات العولمة

إحدى النتائج السلبية الواضحة للعولمة هي أن التراجع الاقتصادي في بلد ما يمكن أن يخلق تأثيرًا سلبيًا متتاليًا على الشركاء التجاريين لهذا البلد. فعلى سبيل المثال، كان للأزمة المالية العالمية في عام 2008 تأثير سلبي شديد على البرتغال وإيرلندا واليونان وإسبانيا وكل هذه الدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي اضطر إلى التدخل لإنقاذ الدول المثقلة بالديون، والتي عرفت فيما بعد باسم PIGS.

يجادل المنتقدون للعولمة بأنها ساهمت بشكل كبير في تركيز الثروة والقوة في أيدي عدد قليل من الشركات التي يمكنها أن تقضي على منافسيها الأصغر في جميع أنحاء العالم.

كما أصبحت العولمة مشكلة هيكلية في الولايات المتحدة مع ملاحظة اختفاء صناعات بأكملها من البلاد إلى وهجرتها إلى الخارج، ما شكل عاملًا رئيسيًا في الضغط الاقتصادي على الطبقة الوسطى من السكان.

هيمنت الشركات العالمية الكبرى مثل نايكي وستاربكس على المساحات التجارية في العديد من الدول. وأدى الحجم والمدى الهائل للولايات المتحدة إلى سيطرتها الثقافية على العالم وتحويل التبادل الثقافي مع بلدان العالم إلى علاقة من طرف واحد.

أمثلة عن العولمة من الواقع

يمكن لإحدى شركات تصنيع السيارات التي يوجد مقرها في اليابان أن تصنع قطع غيار السيارات في العديد من البلدان النامية، وأن تقوم بشحن الأجزاء إلى دولة أخرى للتجميع، ومن ثم بيع السيارات الجاهزة إلى جميع دول العالم.

تعتبر الصين والهند من بين أكثر البلدان استفادة من العولمة، على الرغم من وجود العديد من اللاعبين الأصغر والداخلين الجدد. وتعد كلًا من إندونيسيا وكمبوديا وفيتنام من بين الدول الأسرع نموًا في آسيا. بينما حققت اقتصاديات غانا وإثيوبيا أسرع معدلات النمو من بين الدول الأفريقية في عام 2018 وذلك وفقًا لتقرير البنك الدولي.

اقرأ أيضًا

حين تسرق الروبوتات وظائفنا، من سيكون أكبر الخاسرين؟

المصدر

ترجمة روان حاتم – تدقيق محمد شرباتي