أصبح الآن بما يقدر بربع الجليد الموجود في غرب قارة أنتاركتيكا غير مستقر، بالإضافة إلى زيادة معدلات ذوبان الجليد ، والسبب في ذلك يعود للتغير المناخي الذي أحدثه الإنسان، فقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن القارة البيضاء تذوب بسرعة تفوق سرعة ذوبانها في عام 1979 بست مرات.

ولكن مثلما تسبب نشاط الإنسان بتلك الخسارة في الجليد، لا يزال في مقدوره المساعدة في تعويض هذه الخسارة، فقد نشر الباحثون في معهد بوتسدام لأبحاث التأثير المناخي دراسة في مجلةscience advances العلمية، تناقش الدراسة إمكانية تخليق تساقط جليدي فيزيائيًا من مياه المحيط وتوزيع الجليد بواسطة مدافع جليدية.

في حال المضي قدمًا في هذا العمل سوف يتطلب الأمر عملًا هندسيًا فذًا بقدر غير مسبوق وفي ظروف قاسية بدرجة استثنائية، ولكن ذلك قد يوجِد حلًا على المدى البعيد لارتفاع مستوى البحر، ذلك الخطر الذي يهدد مدنًا بأكملها مثل ميامي وبانكوك بأن تغمرها المياه بنهاية القرن الحالي.

ولكن إنقاذ هذه المدن يأتي بثمن باهظ، كما أوضح أنديرس ليفيرمان الفيزيائي بمعهد بوتسدام وجامعة كاليفورنيا، والمشارك في الدراسة المشار إليها.

«المقايضة الأساسية هي إذا كنا نحن البشر نريد التضحية بأنتاركتيكا لإنقاذ المناطق الساحلية المأهولة حاليًا والتراث الحضاري الذي بنيناه وما زلنا نبنيه على سواحلنا. الأمر هنا يتعلق بالعواصم العالمية، من نيويورك إلى شنغهاي، التي ستصبح على المدى البعيد تحت مستوى سطح البحر إن لم نفعل أي شيء.

يعتبر الغلاف الجليدي الموجود في غرب أنتاركتيكا أحد العناصر الأساسية في نظامنا المناخي، و ذوبان الجليد يستمر في التسارع وربما لا يتوقف هذا الفقد حتى يذوب غلاف غرب أنتاركتيكا الجليدي عمليًا». وفقًا لما قاله ليفيرمان في البيان.

ما خطة العلماء الافتراضية لتجنب ذوبان الجليد في غرب أنتاركتيكا خطة العلماء الافتراضية لتجنب انهيار الجليد في غرب أنتاركتيكا بواسطة مدافع جليدية صناعية

استخدم الباحثون محاكيات حاسوبية مصممة للتنبؤ بالخسائر المستقبلية في الجليد، جاءت النتائج متسقة مع البحث السابق، وأشارت إلى أن التخفيض الشديد لانبعاثات الغازات الدفيئة قد لا يكون كافيًا حتى لإيقاف انهيار غلاف غرب أنتاركتيكا الجليدي.

ثم بعد ذلك انتقلوا للحلول التي قد تساعد في حل المشكلة وتفادي الأزمة، ما قادهم إلى التحقق من التداخلات التي قد تزيد من تساقط الجليد في المناطق غير المستقرة من الغلاف الجليدي لغرب أنتاركتيكا.

صرح الباحث المشارك في الدراسة جوهانس فيلدمان): «لقد وجدنا أن الكميات الهائلة من الجليد قادرة بالفعل على دفع الغلاف الجليدي نحو نظام أكثر استقرارًا.

عمليًا، هذا يمكن تحقيقه عن طريق إعادة ترتيب هائل لكتل المياه».

قد يتطلب الأمر تريليونات الأطنان من التساقطات الجليدية المُختلقة صناعيًا لتغطية منطقة بمساحة كوستاريكا (أو نصف مساحة أيسلندا)، أي ما يقارب 52,000 كيلومتر مربع في المجمل.

يحرص الباحثون على التأكيد على أن ليس مجرد اقتراح، مشيرين إلى مستوى الطاقة والاضطراب الذي قد يتضمنه هذا المخطط. فتحلية مياه المحيط وتسخينها وضخها بالإضافة إلى توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المدافع الجليدية يستهلك كميات هائلة من الطاقة؛ ما قد يستدعي بناء أكثر من 12000 توربين رياح عالي الجودة وفقًا للحسابات التي قدمتها الدراسة.

ذكر فيلدمان: «وضع مزرعة رياح ضخمة كهذه وبنية تحتية مرتبطة بها في بحر أموندسن، بالإضافة إلى استخراج كميات المياه الهائلة المطلوب ضخها من مياه المحيط، كل هذا يعني خسارة محمية طبيعية فريدة من نوعها.
علاوة على ذلك، فإن مناخ أنتاركتيكا القارس سيزيد من صعوبة التنبؤ والتعامل مع التحديات التقنية، في حين أن الآثار الخطرة المحتملة تبدو مدمرة للمنطقة».

وضح كاتبو الدراسة أن نماذج المحاكاة تستبعد العديد من الأشياء التي قد تُبطئ أو حتى تفاقم ذوبان الجليد القطبي، مثل تصدع الجرف الجليدي الناجم عن الاحتباس الحراري. ويعتمد الأمر علينا أيضًا وعلى مدى التزامنا بشروط اتفاقية باريس وقدرتنا على إيقاف الاحتباس الحراري عند حد 1.5 درجة مئوية.

ذكر ليفرمان: «تعكس العبثية الظاهرة في محاولتنا لجعلها تثلج في أنتاركتيكا (بهدف إيقاف عدم استقرار الجليد) البعدَ المثير في مشكلة ارتفاع مستوى البحر».

هناك عمل هندسي خيالي آخر نحلم في أن يساهم في إيقاف ارتفاع مستوى البحر، ويتضمن بناء حائط صناعي ضخم ليكون بمثابة الدعامة لصفائح أنتاركتيكا الجليدية.

اقرأ أيضًا:

ماذا تفعل البراكين في أنتاركتيكا؟

أكبر أسرار أنتاركتيكا، القارة القطبية الجنوبية

ترجمة: شريف فضل

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر