يعتقد أكثر من 27% من سكان الولايات المتحدة أن هناك ولاية خفية تعمل ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهل صنعت وسائل التواصل الاجتماعي مناخًا جعل الأمريكيين يصدقون أي شيء على الإنترنت؟ وهل ما تتناقله وسائل الإعلام عن حلول عصر المؤامرة صحيح حقًا؟ الإجابة ببساطة هي لا، فبالرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي وفرت مجالًا للتواصل بين المؤمنين بنظريات المؤامرة ، فهي لم ترفع عددهم، وذلك وفقًا للإحصائيات المتاحة حاليًا.

صورة لرائد الفضاء باز ألدرين يقدم التحية لعلم وطنه الولايات المتحدة على سطح القمر بعد أول محاولة هبوط ناجحة للبشر على القمر في مهمة أبولو 11، وبعض نظريات المؤامرة تفترض أن ناسا زيفت هذه المهمة. حقوق الصورة: ناسا.

صورة لرائد الفضاء باز ألدرين يقدم التحية لعلم وطنه الولايات المتحدة على سطح القمر بعد أول محاولة هبوط ناجحة للبشر على القمر في مهمة أبولو 11، وبعض نظريات المؤامرة تفترض أن ناسا زيفت هذه المهمة. حقوق الصورة: ناسا.

المعتقدات الحالية

نظرية المؤامرة هي نظرية تفسر حدثًا معينًا وملابساته وفقًا لحبكة سرية وضعها مجموعة من المتآمرين ذوي النفوذ، على سبيل المثال نظرية المؤامرة (Pizza gate) التي نُشرت كذبًا عن تورط مجموعة من نخبة الساسة بواشنطن في قضايا اتجار بالأطفال لغرض الجنس في قبو بأحد مطاعم البيتزا بواشنطن، قرابة 9% من سكان الولايات المتحدة يصدقون هذه الكذبة.

و19% من سكان الولايات المتحدة يؤمنون أن الحكومة تستخدم مواد كيميائية للتحكم في عدد السكان، وهذه النظريات لا يصدقها قطاع واحد معين من السكان، بل على الأقل هناك 50% من سكان الولايات المتحدة يؤمنون بواحدة من تلك النظريات، وهذا يتضمن نظرية أن عملية الحادي عشر من سبتمبر كانت عمليةً مُدبرة، ونظرية أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما Barack Obama لم يولد بالولايات المتحدة.

بيانات تاريخية

لا توجد الآن دراسات طولية شاملة تدرس سلوك الأمريكيين تجاه نظريات المؤامرة وهذا يرجع إلى أننا لم نولِ تلك الظاهرة ما تستحق من اهتمام إلا منذ 10 سنوات إلى 20 سنة، لكن أجرى بعض الباحثين عددًا من الدراسات خلال السنوات الأخيرة لمحاولة فهم تلك الظاهرة المنتشرة وتفسيرها، إذ قام أستاذا العلوم السياسية جوزيف أوسنيسكي- Joseph E. Uscinski وجوزيف بيرنت- Joseph M. Parent بمراجعة عدد من المقالات المنشورة في جريدتي نيويورك تايمز وشيكاغو تريبيون خلال 120 عامًا بين عامي 1890 و2010.

وفي أكثر من 100 ألف مقالة واجعوها، لم يظهر أي تغيير في عدد مقالات نظرية المؤامرة، بل الواقع أنه قد انخفض العدد بين أواخر القرن التاسع عشر وإلى العقد 1960 وثبتت بعدها نسبة المقالات الخاصة بتلك النظريات إلى وقتنا الحالي. وعلى الرغم من توقف هذه المراجعات عام 2010، فبعض الاستفتاءات واستطلاعات الرأي الحالية لا تظهر أي زيادة في أعداد المؤمنين بنظريات المؤامرة.

ليست تلك المرة الأولى التي يشعر فيها الأمريكيون أنهم محاصرون بالمؤامرات، ففي عام 2004 نشرت صحيفة بوسطن غلوب أننا في العصر الذهبي لنظريات المؤامرة، وصرحت صحيفة واشنطن بوست في 1994 أننا في فجر عصر جديد لنظريات المؤامرة، وقالت جريدة نيويورك تايمز في 1964 إن نظريات المؤامرة انتشرت في الولايات المتحدة كالنار في الهشيم، ويمكننا أن نستمر في سرد العديد من الأمثلة الأخرى لكن الفكرة الأساسية وضحت.

وسواء كان انتشار هذه النظريات هو اختراع الصحافة المطبوعة والراديو وطرق الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت هو السبب أو لا، أعلن الباحثون على مر التاريخ أن كل هذه الوسائل لها دور محوري في تغيير واقع الحياة السياسية، وعلى الرغم من توفير الإنترنت مجالًا للتواصل والنقاش بين مؤيدي تلك النظريات إلا أنه لا دليل على زيادة أعداد المؤمنين بها في العصر الحالي.

اقرأ أيضًا:

لماذا يؤمن بعض الناس بـ نظرية المؤامرة ؟

كيف نشأت نظرية المؤامرة التي تتحدث عن الماسونية والمتنورين؟

ترجمة: محمد شريف

تدقيق: سمية المهدي

المصدر