حصل آينشتاين على جائزة نوبل لشرحه ظاهرة التأثير الكهروضوئي. تعني هذه الظاهرة –بشكلها الأساسي- استثارة الذرة بواسطة الضوء. طبقًا لآينشتاين، يتكون الضوء من جسيمات تسمى الفوتونات تنقل فقط الطاقة المكممة إلى الإلكترون داخل الذرة. إذا كانت طاقة الفوتون كافية، فإنها تطرد الإلكترونات خارج الذرة. لكن ماذا يحدث ل«عزم الفوتون» في هذه العملية؟

أصبح الفيزيائيون الآن في جامعة جوث قادرين على إجابة هذا السؤال. لمعرفة ذلك، بنوا وطوروا مطيافًا جديدًا بدقة غير مسبوقة.

يبلغ طول الجهاز تقريبًا ثلاثة أمتار وارتفاعه حوالي المترين ونصف. يحتوي الجهاز على مكونات مثل مكونات السيارة تقريبًا، ويُعرض في قاعة الاختبارات في مبنى الفيزياء في جامعة ريدبيرج، محاطًا بخيمة سوداء غير شفافة بداخلها ليزر ذو كفاءة عالية. تصطدم فوتونات الليزر مع ذرات الأرجون في الجهاز، ونتيجة لذلك تزيل إلكترونًا من كل ذرة. يقاس عزم هذه الإلكترونات -في وقت ظهورها- بدقة متناهية في أنبوبة طويلة من الجهاز.

يعتبر الجهاز تطويرًا لمبدأ عمل الـ COLTRIMS، الذي اخترع في فرانكفورت ثم انتشر في العالم: يعتمد مبدأ عمله على تأين ذرات منفردة، أو تحطم جزيئات معينة، ثم إيجاد عزم هذه الجسيمات بدقة. مع ذلك، فإن انتقال عزم الفوتون إلى الإلكترون -الذي تنبأت به الحسابات النظرية- صغير جدًا لدرجة لم يكن من الممكن قياسه. كان هذا هو السبب الذي دعى ألكسندر هارتنج لبناء «السوبر COLTRIMS».

تتأين ذرة الأرجون عندما يُطلَق عليها عدد كبير من الفوتونات من ومضة ليزر. تستهلك عملية تقسيم الذرة طاقة الفوتون جزئيًا وتتحول بقية الطاقة إلى الإلكترون المحرر. حاول الفيزيائيون لأكثر من ثلاثين عامًا معرفة أي من شركاء التفاعل (الإلكترون أو نواة الذرة) يحتفظ بعزم الفوتون.

يشرح هذه الفكرة المشرف على هارتنج البروفيسور رينهارد دورنر، من معهد الفيزياء النووية: «أبسط فكرة هي: طالما أن الإلكترون مرتبط بالنواة، فإن العزم ينتقل إلى الجسيم الأثقل، أي نواة الذرة. بمجرد الانقسام، ينتقل عزم الفوتون إلى الإلكترون».

ما بعد آينشتاين: اكتشف الفيزيائيون حلًا للغز عزم الفوتون ظاهرة التأثير الكهروضوئي استثارة الذرة بواسطة الضوء الطاقة المكممة إلى الإلكترون داخل الذرة

صورة لميكروسكوب COLTRIMS التفاعلي الذي بُنيَ بواسطة ألكسندر هارتنج، وهو جزء من بحثه للدكتوراه في قاعة التجارب في كلية الفيزياء

سيكون هذا مماثلًا لرياح تنقل عزمها لشراع مركب، فطالما كان الشراع مثبتًا بإحكام، فإن عزم الرياح سيدفع المركب إلى الأمام. لكن في اللحظة التي ينقطع فيها الحبل الذي يثبت الشراع إلى المركب فإن عزم الرياح سينتقل إلى الشراع فقط دون تحريك المركب.

مع ذلك، فإن الإجابة التي اكتشفها هارتنج من خلال تجربته كانت -كما هو الحال في ميكانيكا الكم- أكثر إثارةً للدهشة. لم يستقبل الإلكترون فقط العزم المتوقع، لكن أيضًا ثلث عزم الفوتون الذي كان من المفترض أن ينتقل إلى نواة الذرة. شراع المركب نتيجة لذلك «يَعرف» بشأن الحادثة قبل انقطاع الحبل ويسرق جزءًا من عزم المركب.

لشرح النتيجة بشكل أكثر دقة، يستعمل هارتنج مفهوم الضوء كموجة كهرومغناطيسية: «نعرف أن الإلكترونات تشق نفقًا عبر حاجز صغير من الطاقة. بذلك الفعل، تُسحب الإلكترونات من النواة عن طريق المجال الكهربائي القوي لليزر، بينما ينقل المجال المغناطيسي هذا العزم الإضافي إلى الإلكترونات».

استعمل هارتنج إعدادات ذكية للقياس في هذه التجربة. ولتأكيد أن العزم الإضافي الصغير للإلكترون لم يكن ناتجًا بشكل عارض من عدم التماثل في الجهاز، جعل ومضة الليزر تضرب الغاز من اتجاهين: إما من اليمين أو من اليسار، وبعد ذلك من الاتجاهين في نفس التوقيت، إذ شكل ذلك أكبر تحدٍّ في أسلوب القياس. هذه الطريقة الجديدة من الدقة تعد بفهم أعمق لدور المكونات المغناطيسية لشعاع الليزر، والتي لم تكن مكتشفة سابقًا في الفيزياء الذرية.

اقرأ أيضًا:

سلسلة الفيزياء الذرية الحلقة الثالثة: رحلة المليون عام “الفوتون”

مصارعة الجسيمات دون الذرية

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: غزل الكردي

المصدر