ظل الرادار الكمومي لعقود من الزمن مجرد فكرة، لكنه عُرض مؤخرًا في معهد العلوم في النمسا. تستطيع الرادارات الكمومية أن توفر معلومات أكثر تفصيلًا عن أهدافها دون الحاجة لمغادرة مواقعها. وعلى عكس الشائعات، لا يجعل الرادار الكمومي من نظام طائرات الشبح تقنية قديمة من الماضي.

لقد عُرض لأول مرة نظام رادار جديد عالي الدقة من شأنه أن يغير طبيعة الحرب. يعمل وفقًا لقوانين فيزياء الكم، وهو نظام كشف عالي الدقة يوفر صورًا أكثر تفصيلًا عن أهدافه، وفي نفس الوقت يصعب على العدو تحديد موقعه. يمكن لهذه الرادارات توفير تفاصيل كافية لتحديد طراز الطائرات والصواريخ والأهداف الجوية الأخرى.

استخدم باحثون من معهد العلوم والتكنولوجيا النمساوي موجات ميكروويف متشابكة كميًا لإنشاء أول نظام رادار كمومي في العالم وفقًا لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

يمكن ربط جسيمين معًا بغض النظر عن المسافة بينهما اعتمادًا على مبدأ التشابك الكمومي؛ وهذا يشكل ما يسميه العلماء زوجًا متشابكًا كميًا، فأي شيء يحدث لأحدهما يمكن ملاحظته مباشرة في الجسم الآخر. وهذا بدوره يقود إلى عملية تدعى الإضاءة الكمومية فيصبح ممكنًا استنتاجُ معلومات عن محيط جسيم واحد من خلال دراسة الجسيمات الأخرى.

كيف يستطيع الرادار الكمومي أن يغير طبيعة الحرب تمامًا تستطيع الرادارات الكمومية أن توفر معلومات أكثر تفصيلًا عن أهدافها دون الحاجة لمغادرة مواقعهاتعمل الرادارات الكمومية على ربط فوتونين كميًا ومن ثم إطلاق واحد فقط على الهدف مع إبقاء الآخر قيد المراقبة. يتصرف الفوتون الذي أُطلق بطريقة معينة نتيجة لانعكاسه عن جسم الهدف، وهذا السلوك يمكن ملاحظته في الفوتون الموضوع قيد الملاحظة. والنتيجة هي معلومات أكثر تفصيلًا عن الهدف.

تستطيع رادارات اليوم اكتشاف الأهداف بشكل جيد للغاية، لكنها تقدم القليل من التفاصيل. تستطيع الرادارات اكتشاف جسم ما وتحديد ارتفاعه وبُعده واتجاهه، لكنها تظهره نقطةً سطحية كبيرة وغير واضحة المعالم.

يعتمد الدفاع الجوي على أشياء أخرى لمعرفة ما إذا كانت النقطة هي مقاتلة معادية أو قاذفة أو طائرة مدنية تجارية مثل تمييز الرادار والإشارات الكهرومغناطيسية الأخرى المنبعثة من الهدف.

أما الرادارات الكمومية فتستطيع توفير كمية كافية من المعلومات عن أنظمة الرادار والجسم اعتمادًا على الخصائص الفيزيائية.

على سبيل المثال، يمكن التعرف على المقاتلة سوخوي – 35 فلانكر إيه (Su-35 Flanker-E) من خلال شكل أجنحتها وأنفها وعدد محركاتها.

هناك ميزة أخرى للرادارات الكمومية إذ تنبعث منها طاقة قليلة جدًا وبالتالي يصعب اكتشافها. تنبعث من جميع الرادارات المعاصرة أشعة كهرومغناطيسية للكشف عن الأجسام، لكن هذه الأشعة تجعل الرادار نفسه قابلًا للاكتشاف.

يشبه الأمر كثيرًا وجود الكثير من الأشخاص الذين يحملون مصابيح يدوية في غرفة مظلمة، يتيح لك تشغيل المصباح العثور على أشخاص آخرين، لكن ضوء مصباحك يُشير إليك وهذا يسمح للأخرين باكتشافك وتحديد موقعك.

يعتبر التخفي ميزة تكتيكية في الحروب. يمكن للرادار الكمومي اكتشاف حركة الطائرة العدو دون الكشف عن وجوده، يساعد ذلك على تأخير طائرات الأعداء الحربية عن التشويش الدفاعي للرادارات المحلية والإشارات الراديوية، وهذا يتيح المجال للدفاع الجوي ليأخذ حذره ولينصب لها كمينًا بصواريخ دفاعية ومقاتلين.

صُنعت الرادارات الكمومية لتكون وسيلة للكشف عن الطائرات الشبحية وربما ستكون الفعل المضاد للجهود التي تحاول جعل الطائرات غير مرئية للرادار.

لكن، قلّل ثلاثة خبراء في الهندسة والتكنولوجيا من دقة الكلام السابق فقد صرحوا: «إن ادعاءات عدم جدوى الطائرات الشبحية مبالغ فيها، والميزة الرئيسية للرادار الكمومي هي جانب الوضوح العالي».

اقرأ أيضًا:

الكشف عن أول صورة للتشابك الكمي !

كيف تعمل تكنولوجيا طائرات الشبح؟

ترجمة: محمد رشود

تدقيق: الياس عباس

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر