كان أبو جعفر المنصور مهتمًا بالعلوم، فترجمت له كتب في الطب والهندسة والفلك والآداب وجعها في خزائن قصره حتى ضاق قصره بها.عندما تولى هارون الرشيد الخلافة، أمر بإخراج تلك الكتب من خلف جدران قصر الخلافة وأسس مكتبة مفتوحة أمام العلماء وطلاب العلم، أسماها بيت الحكمة. أضاف هارون الرشيد للمكتبة الجديدة كل ما امتلكه من كتب علمية مترجمة. عندما بدأت المكتبة حديثة العهد بالتوسّع، قسّمت أقساما وعُيّن مشرفون على كل قسم، كما فُتح الباب للمترجمين ليضيفوا من علوم دول الجوار إلى ثقافة الخلافة الإسلامية وشعوبها. تحولت بيت الحكمة من مجرد خزانة للكتب القديمة إلى بيت للعلم ومركزًا للبحث العلمي والترجمة والتأليف والنسخ والتجليد، وأصبح لبيت الحكمة دوائر علمية متنوعة لكل منها علماؤها وترجماتها ومشرفون يتولون أمورها المختلفة.

بيت الحكمة في بغداد

بيت الحكمة في بغداد

لم يكن بيت الحكمة مجرد مكتبة أو دار علمية فقط، بل كان مركزاً لتلاقي التقاليد الفكرية من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا. حيث قام كبار العلماء المسلمين بتبادل الأفكار وابتكار اختراعات غيرت المجتمع بشكل جذري، وبترجمة أعمال فلسفية عن اليونانيين والفرس و الأوروبيين والصينيين والهنود والسومريين. هذه الترجمات عرّضت أجيالاً من العلماء لأفكار خارجية. الانفتاح على هذه الأفكار، رافقه الإبداع والتنوّع، ساعد في تحول بغداد إلى إحدى المدن التي لا تُنَافس في العالم خلال القرون الوسطى. السطوة العسكرية، والقوة الاقتصادية، والهيمنة الثقافية والفكرية، والثروة الهائلة جعلت من بغداد مركزاً لإمبراطورية، حيث كان بيت الحكمة الأصليّ ينمو ليصبح المركز النابض للعصر الذهبي الإسلامي.

كل ثورة فكرية في التاريخ سبقتها حركة ترجمة نشطة أدت إلى ازدهار حقيقي. هذا ما يؤمن به فيصل المطر وهو ناشط أمريكي من أصل عراقي. هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع فيصل المطر إلى تأسيس مشروع بيت الحكمة الثاني أو بيت الحكمة 2.0 في عام 2018. في نفس السنة أتخذ المشروع لنفسه شعار: “نجعل غير المتاح متاحًا”.

فيصل المطر مؤسس مشروع بيت الحكمة الثاني

فيصل المطر مؤسس مشروع بيت الحكمة الثاني

الهدف الرئيسي من المشروع هو أثراء المحتوى العربي على الإنترنت وجعل الكتب والمقالات غير المتاحة بالعربيّة متاحة وذلك عن طريق الترجمة. دخل مشروع بيت الحكمة 2.0 في الكثير من الشراكات، أهما مع مشروع أنا أصدق العلم ومؤسسه احمد الريس الذي ساعد في تأسيس مشروع بيت الحكمة 2.0 ويعمل حاليا مديرًا له، مجموعة ويكيميديا الشام وهي مجموعة تابعة للويكيبيديا العربية، جامعة الموصل والعديد من الجامعات والشركات والمنظمات الغربية الموضحة في الصورة أدناه:

ما هي انجازات مشروع بيت الحكمة 2.0 لغاية الآن؟

ركز مشروع بيت الحكمة 2.0 على إثراء الويكيبيديا العربيّة من خلال ترجمة ألاف المقالات غير البذرية (أي مقالات كاملة وليس من سطر واحد). وصل العدد لغاية الآن (تاريخ كتابة هذا المقال) إلى أكثر من 5500 مقالة! أكثر من 5 مليون كلمة! بالإضافة إلى ذلك ترجم المشروع 12 كاتبًا يقدمها المشروع بصورة مجانية من خلال موقع المشروع: https://www.baytalhikma2.org/books

مجموعة من الكتب التي ترجمها مشروع بيت الحكمة الثاني

مجموعة من الكتب التي ترجمها مشروع بيت الحكمة الثاني

هذه قائمة بالمقالات التي أضيفت إلى ويكيبيديا العربية ضمن مشروع بيت الحكمة 2.0

هذه قائمة بالمقالات التي أضيفت إلى ويكيبيديا العربية ضمن مشروع بيت الحكمة 2.0

هذه قائمة بالمقالات التي أضيفت إلى ويكيبيديا العربية ضمن مشروع بيت الحكمة 2.0

أهتم مشروع بيت الحكمة الثاني بالناحية الإنسانية كثيرًا في تعيين المترجمين، حيث أن جميع المترجمين هم من الطلاب أو الخريجين الجدد الذين لم تتوفر لهم فرص عمل. لدى المشروع اليوم أكثر من 100 موظف موزعين في سوريا وتركيا والعراق وفلسطين والأردن ومصر. يقوم المشروع بالكثير من ورشات العمل التدريبية. بالإضافة إلى ذلك يقدم المشروع شهادة ترجمة معترف بها بالتعاون مع جامعات وشركات ترجمة عالمية للمترجمين العاملين في المشروع بصورة دورية.

تسليم الشهادة لمجموعة من مترجمي مشروع بيت الحكمة 2.0

تسليم الشهادة لمجموعة من مترجمي مشروع بيت الحكمة 2.0

ما هي أهداف المشروع المستقبلية؟

السماء هي الحد! يطمح بيت الحكمة لترجمة أكثر من 100 ألف مقالة وإضافتها للويكيبيديا العربيّة. هذا بالإضافة إلى مئات الكتب التي تنتظر المشروع الحصول على موافقات الترجمة للبدء بها.

كيف يمكنك المساعدة؟

يمكنك المساعدة عن طريق التبرع للمشروع أو التطوع من خلال الرابط: https://www.baytalhikma2.org/