تعهد إيلون ماسك Elon Musk بأن يتبرع بمليون دولار أمريكي لحملة تأمل بزرع 20 مليون شجرة حول العالم بدءًا من الأول من كانون الثاني، حتى أنه غير اسم حسابه على تويتر لـِ “Treelon”. ونسج على منواله المدير التنفيذي لتويتر جاك دورسي Jack Dorsey إذ تعهد أيضًا بالتبرع بـِ 150,000 دولار أمريكي. وتزعمَ الحملة (TeamTrees#) المؤثرون على اليوتيوب مثل جيمي دونالدسون Jimmy Donaldson والمعروف بـِ “MrBeast” بالاشتراك مع مؤسسة Arbor Day. وتأمل الحملة زراعة الأشجار في كل قارة عدا القارة القطبية الجنوبية ما بين كانون الثاني وكانون الأول من عام 2022.

بحسب موقع الحملة، تركز TeamTrees# ومؤسسة Arbor Day على زرع أشجار جديدة لأن إحياء أو إصلاح الغابات هو أفضل الخيارات لتخفيف تأثير التغير المناخي العالمي مقارنةً بالحلول المناخية الطبيعية الأخرى. فهم يستشهدون بدراسة أجريت عام 2017، والتي نُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم PNAS، إذ تقترح الدراسة أن إصلاح الغابات (عملية زرع أشجار جديدة) ستكون أفضل الطرق لضمان عدم ارتفاع حرارة الأرض لأكثر من درجتين مئويتين.

المنطق بسيط جدًا وهو أن الأشجار تأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 من الهواء لكي تنمو وتصنع الغذاء من خلال عملية التركيب الضوئي، وتطلق الأكسجين في الهواء بمثابة جزء من العملية. وبالتالي، إذا زُرع ما يكفي من الأشجار، فإنها تستطيع نظريًا امتصاص ما يكفي من غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 لكبح التغير المناخي.

ولسوء الحظ، فإن تركيز ثاني أكسيد الكربون غير المسبوق في الغلاف الجوي يعني أن الأمر لن يكون بهذه السهولة.

لا توجد مساحة كافية لكل هذه الأشجار التي نحتاجها!

اقترحت دراسة نُشرت في مجلة science في تموز بأنه لو زرعنا أشجارًا جديدةً على مساحة 900 مليون هيكتار (ما يقارب 2.2 مليار فدان أو مساحة تقارب مساحة الولايات المتحدة القاريّة)، فإنها ستمتص ثلثي ثاني أكسيد الكربون الذي أطلقناه في الغلاف الجوي خلال 250 سنة الماضية.

ولكن عارض الكثير من العلماء (في الحقيقة العلماء الذين جعلهم العلم ينشرون ستة خطابات نقدية) هذه الحسابات قائلين بأنهم بالغوا في تقدير إمكانية الأشجار على حجز الكربون.

وفقًا للعلم سنستعرض مدى تأثير زراعة الأشجار على المناخ - هل من الممكن أن تساهم زراعة الأشجار في القضاء على الاحتباس الحراري

وكتبت مجموعة من العلماء:

«الادعاء بأن إحياء الأشجار على المستوي العالمي هو الحل الأكثر فعاليةً لمشكلة التغير المناخي هو ببساطة أمر خاطئ من الناحية العلمية وهو تضليل خطير». لأنه بالواقع لا توجد مساحة كافية على الأرض لزراعة هذه الأشجار.

وقالت الدراسة التي نُشرت عام 2017 بأن هذا العدد من الأشجار اللازمة لجعل الارتفاع في درجات الحرارة أقل من 2 درجة مئوية سيكون كبيرًا لدرجة أن معظم الأراضي الخالية من الغابات ستختفي، ما يعني القليل من المراعي والأراضي الزراعية للزراعة، وسيشكل ذلك تهديدًا صريحًا على الأمن الغذائي العالمي.

وأعلنت المحادثات: «ستكون هناك منافسة حادة مع احتياجات الماء والغذاء والوقاية».

ربما قد بالغ بعض العلماء في تقدير قدرة الأشجار

مع العلم أن الأشجار تستطيع تخزين كميات مختلفة من CO2، فإن سعة حبس الكربون للغابات تختلف بشكل واضح بحسب الإقليم والمناخ والبيئة. وقال سيمون لويس Simon Lewis وهو عالم بيئي متخصص بالغابات أن مؤلفي الدراسة التي صدرت في تموز بالغوا في تقدير امتصاص الأشجار لانبعاثات الكربون التي نطلقها.

مشكلة أخرى وهي أن العالم لا يسير باتجاه مصلحة الغابات، فحوالي 15 مليون شجرة حول العالم تُقطع كل سنة وقد فقد العالم حوالي 46% من جميع الأشجار منذ بداية الحضارة الإنسانية وفقًا لدراسة عام 2015.

أدرجت دراسة PNAS عام 2017 كلًا من إندونيسيا والصين روسيا والهند والبرازيل كأفضل خمس دول حيث يمكن للغابات الجديدة تقليل الانبعاثات، ولكن في البرازيل وصلت إزالة الأشجار في الأمازون لمستويات غير مسبوقة في تموز، إذ تقلص غطاء الغابات بمقدار 1345 كيلومترًا مربعًا أي ما يزيد عن ضعف مساحة طوكيو.

حددت البيانات من الأقمار الصناعية البرازيلية أن حوالي ثلاثة ملاعب كرة قدم من أشجار الأمازون تسقط كل دقيقة، وفي تموز ازدادت المساحة الكلية للغابات المقطوعة بحوالي 39%. وفي هذه الأثناء بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ذروتها منذ ما قبل بدء البشرية.

لذلك يتفق العلماء على أنه وبالرغم من أن زرع 20 مليون شجرة أمر إيجابي، فإن الحل الجلي للتغير المناخي هو خفض الانبعاثات، وقد أوضحت الناشطة المناخية جريتا ثنبرج Greta Thunberg على تويتر أنه لا ينبغي اعتبار زراعة الأشجار حلًا وحيدًا لمشاكلنا المناخية.

وكتبت: «نحتاج بالتأكيد لزراعة أكبر عدد ممكن من الأشجار ولكن لا توجد أي طريقة على الإطلاق لوقف انبعاثات الغازات الدفيئة أو ترك الوقود الأحفوري في الأرض».

واعترف موقع TeamTrees# بأن زراعة الأشجار ليس حلًا جذريًا وإنما هو جزء من الحل.

اقرأ أيضًا:

هناك كمّيات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الجو والأشجار لن تستطع إنقاذنا!

العلماء يصلحون خلل في التركيب الضوئي او التمثيل الضوئي يعزز نمو المحاصيل

ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟

ترجمة: يزن باسل دبجن

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

مراجعة: آية فحماوي

المصدر