فرط الحرارة الخبيث أو ارتفاع الحرارة الخبيث Malignant hyperthermia، هو ارتفاع مُهدِّد للحياة في حرارة الجسم، وينتج عن زيادة الأيض (الاستقلاب)، الناتج عن استخدام مرخيات العضلات مزيلة الاستقطاب، والجرعات العالية من المخدِر العام بالاستنشاق قد يشمل الفحص السريري الظاهري ما يلي:

  •  التصلب العضلي.
  •  ارتفاع درجة حرارة الجسم.
  •  تسارع ضربات القلب والتنفس.
  •  انحلال الربيدات rhabdomyolysis (انحلال غشاء العضلات الهيكلية نتيجة التعرض المطول للمواد السامة).
  •  الحماض التنفسي والأيضي (مستوى شاذ من الحمض في الدم).

تُشخَّص الحالة سريريًّا، ويمكن إجراء اختبار للمرضى المُعرَّضين لمعرفة مدى قابليتهم للإصابة، وتكون الأولوية في خطة العلاج للتبريد السريع والتدابير الداعمة القوية.

المُرخي العضلي المسبب لهذه الحالة غالبًا هو ساكسينيل كولين، والمخدر المستنشَق المسبب لها هو هالوثان، ولكن قد تسبب بعض المخدِّرات الأخرى (مثل أيزوفلوران، سيفوفلوران، ديسفلوران) الحالة نفسها، وقد يسبب المزيج من هذه الأدوية ردود أفعال مشابهة في المرضى المصابين بالضمور العضلي والتشنجات العضلية، وقد يحدث ارتفاع الحرارة الخبيث نتيجة التعرض لهذه الأدوية لأول مرة، لكنه غالبًا يحدث بعد ثلاث مرات.

الطبيعة المرضية (تأثير المرض على الوظائف الحيوية لأعضاء الجسم):

يؤثر ارتفاع الحرارة الخبيث تقريبًا على 1 من كل 20 ألف شخص، وهي حالة قابلة للتوريث في صورة طفرة جسدية سائدة مع نفاذ متغيرvariable penetrance، في أغلب الأحيان تؤثر الطفرة على مستقبلات الريانودين في العضلات الهيكلية، وإن حُددت أكثر من 22 طفرةً مسببة.

تتضمن آلية المرض تحفيز التخدير لخروج الكالسيوم من الشبكة السيتوبلازمية للعضلات الهيكلية في المرضى المعرضين للإصابة، نتيجةً لذلك تتسارع التفاعلات البيوكيميائية التي يسببها الكالسيوم، وتحدث تقلصات عضلية شديدة مع ارتفاع معدل الأيض، ما يؤدي إلى حماض acidosis تنفسي وأيضي، واستجابةً للحماض، يتسارع تنفس المريض تلقائيًّا وهو ما يُعوَّض جزئيًّا فقط.

فرط الحرارة الخبيث: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج - ارتفاع مُهدِّد للحياة في حرارة الجسم، وينتج عن زيادة الأيض (الاستقلاب)

المضاعفات

  •  فرط بوتاسيوم الدم.
  •  الحماض الأيضي والتنفسي.
  •  نقص كالسيوم الدم.
  •  انحلال الربيدات مع ارتفاع كيناز الكرياتين.
  •  قد يظهر الميوغلوبين في الدم، ويمكن أن تحدث الخثرات نتيجة للخلل الحادث (خاصةً تخثر الدم داخل الأوعية DIC). قد يرفع تخثر الدم بالأوعية خطر الوفاة في المرضى كبار السن المصابين بأمراض أخري.

أعراض وعلامات فرط الحرارة الخبيث

يتطور فرط الحرارة الخبيث في أثناء التخدير وفي الفترة التالية للجراحة مباشرةً. تختلف الأعراض السريرية باختلاف نوع الدواء المستخدم وقابلية المريض للإصابة. يُعَد التصلب العضلي، وخاصةً تصلب عضلات الفك، هو العرض الأول، يتبعه التسارع القلبي، واضطرابات النظم arrhythmias، وتسارع التنفس tachypnea، والحماض، والصدمة، وارتفاع درجة الحرارة.

ويُعَد فرط ثاني أكسيد الكربون Hypercapnia من العلامات المبكرة. تزيد درجة الحرارة عادةً على 40 درجة سيليزية وقد تصل إلى 43 درجة، ويظهر البول بلون بني أودموي إذا حدث انحلال الربيدات والبيلة الميوغلوبينية (وجود ميوغلوبين في البول).

التشخيص

يعتمد التشخيص على:

  •  التقييم السريري.
  •  الكشف عن المضاعفات.
  •  اختبار القابلية للأشخاص المعرضين للخطر.

يُشتبه في التشخيص بظهور الأعراض والعلامات في غضون 10 دقائق، وفي بعض الأحيان في غضون عدة ساعات من بدء المخدر المستنشَق. ويمكن تسهيل التشخيص المبكر بالملاحظة الفورية لصلابة الفك وتسارع القلب والتنفس وارتفاع ثاني أكسيد الكربون.

لا يوجد اختبار تأكيد فوري، ولكن يجب فحص المرضى للكشف عن المضاعفات، وذلك بالتخطيط الكهربي للقلب وفحوصات الدم (تعداد الدم الكامل مع الصفيحات والأملاح ونيتروجين اليوريا في الدم والكرياتينين وكيناز الكرياتين والكالسيوم وزمن البروثرومبين وزمن التخثر الجزئي والفيبرينوجين) واختبار البيلة الميوغلوبينية.

يجب استبعاد التشخيصات الأخرى، إذ يمكن للإنتانات sepsis الحادثة في أثناء الجراحة أن تسبب فرط الحرارة، ولكن نادرًا ما يحدث هذا بعد تطبيق المخدر بوقت قصير. قد يسبب التخدير غير الكافي زيادةً في التشنج العضلي والتسارع القلبي لكنه لا يسبب ارتفاع الحرارة. نادرًا ما تظهر العاصفة الدرقية Thyroid storm وورم القاتوم pheochromocytoma مباشرةً بعد تطبيق المخدر.

اختبار القابلية Susceptibility testing

يُنصح بإجراء اختبار القابلية لفرط الحرارة الخبيث في حالة الأشخاص المعرضين للخطر، اعتمادًا على التاريخ العائلي لهذا الاضطراب، أو على وجود رد فعل ضار وشديد أو غير كامل لتخدير عام سابق في تاريخ المريض. يُعَد اختبار التقلص الهالوثاني الكافييني CHCT هوالأدق، فهو يقيس استجابة عينة من النسيج العضلي للكافيين والهالوثان.

يُجرى هذا الاختبار في مراكز خاصة ويتطلب استئصال نحو 2 جم من النسيج العضلي. ولاحتمالية حدوث طفرات متعددة، فإن الاختبار الجيني له حساسية محدودة (نحو 30%) ولكنه متخصص تمامًا، فلا حاجة لإجراء اختبار CHCT عند التأكد من وجود الطفرات المسببة للحالة.

علاج فرط الحرارة الخبيث

  •  التبريد السريع والتدابير المساعدة.
  •  دانترولين (لعلاج التشنجات).

من الضروري تبريد المريض بأقصى سرعة وفاعلية ممكنة لحماية الجهاز العصبي المركزي، ويجب إعطاء المريض علاجًا داعمًا لتصحيح الاضطرابات الأيضية.

ويحسن بدء العلاج قبل انتشار التصلب العضلي وتطور انحلال الربيدات وارتفاع درجة الحرارة الشديد والتخثر داخل الوعائي. يُعطى دانترولين بجرعة 2.5 مجم/كجم وريديًّا كل 5 دقائق حسب الحاجة، وقد تصل الجرعة إلى 10 مجم/كجم، إضافةً إلى التدابير التبريدية المعتادة.

تُحدَّد جرعة الدانترولين اعتمادًا على معدل ضربات القلب ومستوى ثاني أكسيد الكربون. يجب السيطرة على الأعراض وتقديم الدعم في بعض الحالات المرضية مثل التنبيب الرغامي tracheal intubation (أي وجود أنبوب بلاستيكي مرن في القصبة الهوائية) والشلل والغيبوبة. وتُعطى البنزوديازيبينات وريديًّا -بجرعات عالية غالبًا- للتحكم في الهياج الحادث. يسبب فرط الحرارة الخبيث معدل وفيات عاليًا وقد لا يستجيب حتى للمعالجة المبكرة والشديدة.

الوقاية

  •  يُفضَّل إجراء التخدير الموضعي أو الناحي regional anesthesia بدلًا من التخدير العام إن أمكن.
  •  يجب تجنب التخدير الاستنشاقي والمرخيات العضلية المزيلة للاستقطاب لمن لديهم قابلية أو تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض.
  •  يُفضَّل استعمال الحاصرات العضلية غير المزيلة للاستقطاب أدويةً سابقةً للتخدير، ويُفضَّل احتواء التخدير على الباربيتيورات (مثل ثيوبينتال) والإتوميدات والبروبوفول.
  •  يجب توفر الدانترولين بالقرب من المريض.

اقرأ أيضًا:

انخفاض الحرارة (Hypothermia): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الغدة الدرقية ما بين فرط النشاط وقصوره مشاكل صحية

التاثير الغريب لدرجات الحرارة على العقل البشري

ترجمة: أحمد رجب

تدقيق: مينا خلف

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر