بعد نحو 350 عامًا، توصل علماء الفيزياء للتو إلى حل إحصائي لمسألة الأجسام الثلاثة لنيوتن The three-body problem، وهي مسألة فهم كيفية حركة ثلاثة أجسام في الفضاء بطريقة تتوافق مع قوانين الحركة والجاذبية.

توصف معضلة الأجسام الثلاثة بأنها المعضلة الأقدم في الفيزياء الفلكية، ومع إن الباحثين في الدراسة الأخيرة لم يتوصلوا إلى حل قاطع، لكنهم اقتربوا من ذلك كثيرًا، وهذا باستخدام صيغة إحصائية مُستنتَجة تلائم حل المسألة عبر سيناريوهات محددة.

اطلع الباحثون على أبحاث سابقة أُجريت على مدى قرنين، وطرحت الفكرة التالية: في الأنظمة الفوضوية (غير المستقرة) ثلاثية الأجسام، يُطرَد أحد الأجسام في النهاية، مخلفًا رابطة ثنائية مستقرة بين الجسمين الباقيين.

البرفيسور نيكولاس ستون قائد الفريق الذي أوجد حل المسألة

البرفيسور نيكولاس ستون قائد الفريق الذي أوجد حل المسألة

أقر الباحثون بعدم توصلهم إلى حل دقيق وكامل لمسألة الأجسام الثلاثة، لكنهم طوروا طريقة إحصائية صحيحة تفسر ما يحدث في مرحلة الانتقال من مرحلة الأجسام الثلاثة إلى مرحلة الجسمين، وهو ما سيساعد علماء الفيزياء بالتأكيد على تصور هذه العملية المعقدة.

قال نيكولاس ستون Nicholas Stone عالم الفيزياء الفلكية من الجامعة العبرية في القدس: «عندما قارنّا توقعاتنا بنماذج مصممة حاسوبيًّا لتحاكي حركة الأجسام الفعلية، وجدناها على درجة عالية من التطابق».

إن قوانين الحركة الثلاثة التي وضعها العالم إسحاق نيوتنNewton سنة 1687 هي:

  1.  يبقى الجسم الساكن ساكنًا، ويبقى الجسم المتحرك متحركًا بنفس سرعته، ما لم تؤثر عليه قوة ما.
  2.  يمكن وصف العلاقة بين القوة المؤثرة على الجسم وتسارعه بالمعادلة التالية: (F=ma)، أي: القوة تساوي حاصل ضرب الكتلة في التسارع.
  3.  لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه.

كان ما توصل إليه نيوتن رائعًا، إذ توصل إلى عدد من المبادئ الكونية الأساسية، ولكن واجهته صعوبات في تطبيق هذه القواعد على الأرض والقمر والشمس، وهي الأجسام الثلاثة الأساسية في حياة البشر، وأصبح من الصعب للغاية تعقب ثلاثة أجسام باستخدام هذه القواعد الرياضية.

ربما توصل العلماء إلى إجابة السؤال الأقدم في تاريخ الفيزياء الفلكية - مسألة الأجسام الثلاثة لنيوتن The three-body problem

ومع اكتشاف الباحثين لتعديلات على الحالات الخاصة، تبين لهم إن التوصل إلى صيغة عامة لحل مسألة الأجسام الثلاثة أمر صعب المنال. يشبه الأمر محاولة تطبيق قالب رياضي على مبدأ تأثير الفراشة، إذ تحول فوضويته الكبيرة دون تعقبه.

لذلك استخدم الباحثون فرضية الاحتمالات المسماة فرضية المسرانية Ergodicity، وهي تعبر عن نظام حركي تتكرر فيه الحركة ذاتها مع تكرار الزمن الموافق لحدوثها وسطيًّا، وهذا بعد استقرار هذه الحركة. ومن الأمثلة عليها: تدفق الماء عبر أنبوب، وحركة بندول الساعة.

استخدم الباحثون هذه الفرضية لتساعدهم على التوصل إلى أجوبة، وهي تستخدم مبدأ المتوسطات الحسابية لتوقع ما سيحدث في نظام معين، والأهم من ذلك إنه، مع مرور الزمن، يقل ارتباط العمليات المسرانية بحالتها الابتدائية (تمامًا مثلما يحدث في الأنظمة ثلاثية الأجسام).

تكمن أهمية الحل الجديد في أنه يساعد العلماء على فهم سلوك الجسمَين الباقيَين في مسألة الأجسام الثلاثة، عبر سيناريوهات متنوعة مستقرة، وهو ما يمثل أهميةً بالغة في الفيزياء الفلكية.

قال ستون: «إذا أخذنا ثلاثة ثقوب سوداء تدور حول بعضها مثالًا، فإن مداراتها ستصبح غير مستقرة حتمًا، وحتى بعد طَرد أحدهم، ما زلنا مهتمين بفهم العلاقة بين الثقبين الباقيين».

اقرأ أيضًا:

أخيرًا .. حل أحجية نيوتن المحيرة «معضلة الأجسام الثلاثة»

أكبر 9 ألغاز غير محلولة في الفيزياء

ترجمة: طارق سراي الدين

تدقيق: محمد الصفتي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر