توصلت دراسة واسعة النطاق شملت نحو 7500 شخص يعانون السمنة أو السمنة المفرطة أن جراحة السمنة ترتبط بانخفاض مهم في النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وجدت الدراسة المنشورة في مجلة القلب الأوروبية European Heart Journal، أن عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية المميتة وغير المميتة أقل بنحو 60% لدى الرجال والنساء الذين خضعوا لجراحة السمنة، مقارنةً بمن لم يخضعوا لها، وذلك في غضون 11 عامًا بعد الجراحة في المتوسط.

إضافةً إلى ذلك، خسر المرضى الذين خضعوا لجراحة السمنة وزنًا أكبر (بمتوسط يصل إلى أكثر من 10 كيلوغرامات)، وزادت احتمالية تحسن مرضى النمط الثاني من السكري إلى درجة الاستغناء عن الأدوية.

تتضمن جراحة السمنة تحديد كمية الطعام التي يمكن أن تحتفظ بها المعدة، و يُجرى ذلك عادةً بوضع رباط حول المعدة (لتقليل حجمها)، أو مجازة معدية تربط القسم العلوي من المعدة بالأمعاء الدقيقة. تؤدي كلا الطريقتين إلى تقليل كمية الطعام التي يتناولها المريض حتى يشعر بالامتلاء، أيضًا تقلل المجازة عدد السعرات الممتصة من الطعام.

جراحة السمنة ترتبط بانخفاض مهم في النوبات القلبية والسكتات الدماغية - تحسن مرضى النمط الثاني من السكري - رباط حول المعدة - مجازة معدية

حلل باحثو الكلية الملكية البريطانية قاعدة بيانات أبحاث الممارسات السريرية، التي تحتفظ بمعلومات 11 مليون مريض من 674 عملية جراحة عامة في المملكة المتحدة، منذ 1987 حتى الآن، واستخرجوا بيانات 3701 مريضًا مؤشر كتلة الجسم لديهم 35 أو أكثر. هؤلاء المرضى لم يعانوا نوبات قلبية أو سكتات دماغية مع بدء الدراسة، وقد خضعوا لجراحة السمنة، كما درس الباحثون مجموعة مكونة من 3701 مريضًا، يماثلون المجموعة الأولى في العمر ومؤشر كتلة الجسم والجنس، لكنهم لم يخضعوا لجراحة السمنة.

ضبط الباحثون العوامل التي قد تؤثر في النتائج، مثل مستويات الكولسترول المرتفعة في الدم والتدخين والكحول وتعاطي الكوكايين وممارسة الرياضة، واستخدام الأدوية مثل خافضات الكولسترول وحاصرات بيتا والعلاج بالهرمونات البديلة، وقد كان متوسط العمر 36 سنة في كلا المجموعتين، في حين كان متوسط مؤشر كتلة الجسم قبل الجراحة 40.5 في المجموعة الأولى، و40.3 في المجموعة الثانية.

في أثناء المتابعة، حدثت 37 حالة بين نوبة قلبية وسكتة دماغية مميتة أو غير مميتة في المجموعة الأولى، مقابل 93 في المجموعة الثانية.

قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة الدكتورة مادالينا أرديسينو: «تشير النتائج إلى أن معدلات النوبات القلبية والسكتات الدماغية انخفضت كثيرًا عند من خضعوا لجراحة السمنة، وانخفضت معدلات النوبات القلبية تحديدًا، ما يعني أن جراحة السمنة ساهمت في انخفاض نسبة الخطورة المطلقة للنوبات القلبية والسكتات الدماغية بنسبة 1.5%، أي أن 62 مريضًا يحتاجون إلى جراحة السمنة لمنع نوبة قلبية أو سكتة دماغية واحدة. ولما كانت المجموعة من الشبان، فمن المتوقع أن تتضمن عددًا أقل من هذه الحوادث مقارنةً بكبار السن، ما يدل على أن الانخفاض في الخطر المطلق له آثار سريرية مهمة».

«تشابهت معدلات حدوث السكتات الدماغية الإفقارية الحادة في كلا المجموعتين، رغم تسجيل القليل جدًّا من هذه الحوادث».

انخفضت نسبة التشخيص الحديث لفشل القلب إلى 60% على مدار المتابعة، فقد سُجلت 22 حالة لدى المجموعة التي خضعت لجراحة السمنة و46 حالة في مجموعة الضبط، وكانت حالات الوفاة أقل بنسبة 80% لدى المرضى الذين خضعوا لجراحة السمنة مقارنةً بمن لم يخضعوا لها، إذ سُجلت 45 حالة وفاة في المجموعة الأولى مقابل 182 حالة في الثانية.

«تدعو هذه التنائج إلى زيادة الوعي، وزيادة الإقبال على جراحة السمنة، بوصفها خطوةً علاجية للمرضى الذين يعانون السمنة ولا يستطيعون إنقاص الوزن من طريق نمط حياتهم والعلاج الدوائي وحده. وهذا مهم لأن الجراحة تُقترَح فقط لأقلية صغيرة من المرضى، ويخضع 1% فقط منهم للجراحة بالفعل».

وقال سانجاي بوركاياستا، المحاضر في الكلية الملكية: «إذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية الأدلة الناشئة حول التأثيرات المفيدة لجراحة السمنة، ليس فقط على فقدان الوزن بل أيضًا على تدبير المشاكل الصحية المتعلقة بالبدانة، تدعو نتائج هذه الدراسة إلى تحول حاسم في إدراكنا لجراحة السمنة من كونها إجراءً تكميليًّا لا يخضع له إلا القليل من المرضى، إلى كونها إجراءً حقيقيًّا لمنع المرض، ومعيارًا لإجراءات الرعاية الصحية، يجب على الأقل اقتراحه عاجلًا للمرضى المتأهبين».

«يجب على الأطباء إحالة مرضاهم للجراحة المبكرة للحصول على فوائد أكبر، خاصةً مرضى النمط الثاني من السكري، وقد أظهرت العديد من الدراسات العشوائية أن جراحة السمنة أفضل بكثير حاليًا من سائر التدابير الطبية، ويجب تصميم دراسات مشابهة لإجراء المزيد من البحث حول تأثيرها على النوبات القلبية والسكتات الدماغية».

تُعَد هذه الدراسة هي الأكبر بخصوص جراحة السمنة حتى الآن، ومن المرجح تعميم النتائج على جميع أنحاء المملكة المتحدة وأكثر أوروبا الغربية، بسبب الطبيعة المتنوعة للسكان ضمن قاعدة بيانات الأبحاث السريرية. ومع ذلك، تتضمن القيود الانخفاض النسبي في متوسط أعمار المرضى، ما يدل على انخفاض معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، لذلك قد يكون تأثير الجراحة أقل من الواقع. إضافةً إلى ذلك، قد تؤثر العديد من العوامل الأخرى في النتائج.

اقرأ أيضًا:

السمنة (البدانة): الأسباب والمضاعفات وطرق العلاج

تشير بيانات جراحة فقدان الوزن إلى وجود أربعة أنواع من السمنة

ترجمة: أحمد رجب

تدقيق: سميّة بن لكحل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر