إن عمل الخير -مثل مساعدة شخص غريب أو التخلي عن مقعدك في مترو الأنفاق- قد يدفع الآخرين لرؤيتك شخصًا جيدًا وجديرًا بالثقة، لكن ليس دائمًا، ففي ظروف معينة يكون العكس.

يشير بحث جديد نُشر في مجلة علم النفس، المجلة الرئيسية لجمعية العلوم النفسية، إلى أن من يساعد شخصًا غريبًا عمومًا يُنظر إليه أنه أفضل من الناحية الأخلاقية، وأجدر بالثقة ممن يساعد أحد أفراد الأسرة. لكن هذا يسري فقط إذا لم يكن على المُساعِد الاختيار بين الغريب والقريب.

عبر سلسلة من خمس تجارب على الإنترنت، أشرك فريق من الباحثين في علم النفس من كلية بوسطن وجامعة هارفارد أكثر من 1300 متطوع، طلبوا منهم تقييم العديد من سيناريوهات السامري الصالح (مصطلح يصف من يقدم يد العون للآخرين). كان الهدف هو تحديد كون الالتزامات العائلية تؤثر في أحكام الناس اليومية ذات الطابع الأخلاقي، وإذا كانت مؤثرة فكيف يكون التأثير؟

في كل هذه السيناريوهات راقب الباحثون عنصرًا محددًا: هل الشخص الذي تقدم له المساعدة غريب أم تربطه صلة ما بمن يساعده؟ كانت الأعمال الحسنة المُقدمة في الاختبارات من المجاملات الأساسية، مثل مساعدة شخص ما على الانتقال إلى شقة جديدة. أي إنها مساعدات لا تتطلب مجهودًا بدنيًّا كبيرًا أو تضحيات مالية بالغة.

من هو السامري الصالح؟ أفعالك الجيدة تعكس شخصيتك - السامري الصالح (مصطلح يصف من يقدم يد العون للآخرين) - مساعدة أحد أفراد الأسرة

في السلسلة الأولى من الاختبارات، يقرأ المشاركون سيناريوهات يمكن فيها مساعدة شخص واحد فقط، إما غريب أو قريب. حكم المشاركون على مَن ساعدوا شخصًا غريبًا أنهم حسنو الأخلاق وأجدر بالثقة ممن ساعدوا أحد أفراد العائلة.

قال الباحث الرئيس ريان ماكمانوس، طالب الدكتوراه في كلية بوسطن: «في هذه الحالات، وجدنا أن التصورات المتعلقة بالطابع الأخلاقي للمساعد تتغير استنادًا إلى كون المساعدة موجهة إلى أحد أفراد الأسرة». ضم فريق البحث أيضًا ليان يونج، الأستاذ المساعد في علم النفس في كلية بوسطن، وماكس كليمان وينر، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة هارفارد.

قال ماكمانوس: «إذا تماثلت باقي العوامل، فقد حُكم على الأشخاص الذين ساعدوا شخصًا غريبًا بأنهم أكثر أخلاقية وأجدر بالثقة ممن ساعدوا أحد أفراد العائلة».

في السلسلة التالية من الاختبارات، واجه المشاركون سيناريوهات مماثلة، باستثناء فرق واحد: كان على المساعد الاختيار بين مساعدة شخص غريب أو مساعدة فرد من العائلة. تعني مساعدة أحدهم التخلي عن مساعدة الآخر.

أدى ذلك إلى انعكاس النتائج، إذ رأى المشاركون أن من اختاروا مساعدة شخص غريب بدلًا من أحد أفراد العائلة كانوا أقل أخلاقيًّا وأقل جدارة بالثقة ممن اختاروا مساعدة أحد أفراد الأسرة.

قال ماكمانوس: «من المدهش أن ترى كيف تغير حكم المشاركين بوضوح، عندما رأوا نفس العمل الطيب لكن عبر عدسة الاختيار بين الأقارب والغرباء».

يعتقد الباحثون أن هذه الأحكام الشخصية -التي تبدو متناقضة- مرتبطة في الواقع بمبدأ واحد: الالتزام العائلي.

انتقل هذا المفهوم نفسه إلى سلسلة ثالثة من الاختبارات التي اختار فيها الناس ببساطة عدم تقديم أي مساعدة على الإطلاق، (مثلًا تفضيل ألعاب الفيديو على مساعدة الجار على الانتقال إلى شقة جديدة). في هذه الحالة، كان الحكم على الذين تجاهلوا احتياجات شخص غريب أقل أهميةً ممن امتنعوا عن مساعدة أحد أفراد الأسرة.

اختتم ماكمانوس حديثه قائلًا: «إن الرسالة المستخلصة من هذا العمل من منظور الطرف الثالث، هي أن الطريقة التي نحكم بها على الطابع الأخلاقي للآخرين تعتمد على الشخص الذي يتوجه إليه سلوكهم المساعد أو غير المساعد».

يخطط الفريق لمواصلة البحث، عبر فحص دور الالتزامات العائلية في مقارنة الحكم بين أفراد الأسرة المقربين والأقرباء ذوي العلاقات البعيدة.

اقرأ أيضًا:

ما يكشفه مسلسل «لعبة العروش» عن اتخاذ القرارات الأخلاقية

سبعة أشياء لا يفعلها أصحاب الضمير الحيّ

ترجمة: ماريانا عادل

تدقيق: محمد الصفتي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر