استوحيت هذا المقال من موقفين، كان لدي زميلة تنتظر دائمًا حتى آخر لحظة لإنجاز مهامها، لكني -على العكس تمامًا- أحاول دائمًا إنجاز المهام مبكرًا، لأن الانتظار حتى اللحظة الأخيرة يصيبني بالكثير من التوتر، وعندما واجهت زميلتي بشأن مماطلتها قالت: «إنه نهج التوقيت المناسب تمامًا، لماذا تبذل مجهودًا قبل أن تحتاج إلى القيام به بالفعل؟»

الحدث الثاني -الذي يتكرر باستمرار- هو أنني أحدد دائمًا وقتًا للتسليم حين أكلف الطلبة بواجبات، وكنت أطلب تسليم المهام قبل منتصف الليل، فوجدت أنني أتلقى معظمها بين الساعة 11:55 و11:59 مساءً، وكان بعضها يتأخر بضع دقائق بعد منتصف الليل، أنا لا أعاقبهم لكن هل يجب علي ذلك؟ بعد ذلك عدلت موعد التسليم إلى العاشرة مساءً، لأني أريدهم أن يحصلوا على قسط من الراحة!

هل المماطلة استجابة سلبية، أم أنها حقًا -كما اقترحت زميلتي- ليست سوى (الكفاءة في الوقت المناسب)؟

لننظر أولًا إلى مزايا المماطلة، تشير بعض الأدلة إلى أنه عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار، فإن الانتظار إلى اللحظة الأخيرة قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل. أيضًا يرى البعض أن المماطلة في حياتنا المكتظة بالعمل تمكننا من تنحية بعض المهام جانبًا وتسمح بترتيب الأولويات والمهام التي يجب أن ننجزها.

تفيد بعض الأدلة بأن المماطلة قادرة على تخفيف التوتر على المدى القصير. مثلًا تخيل أن عليك إنجاز تقرير مهم وتسليمه لرئيسك، أنت قلق بعض الشيء نظرًا إلى أهميته، لكن تنحيته جانبًا فترةً من الوقت وأخذ قسط من الراحة سيساعدك على تخفيف هذا التوتر.

هل أنت شخص مماطل؟ هذا الاختبار يكشف ذلك - إنجاز المهام بشكل مبكر - عدم التأخير في تسليم الواجبات - المماطلة غير المتعمدة - اتخاذ قرارات أفضل

متى تكون المماطلة سيئة؟

قد تؤدي المماطلة المزمنة إلى مشاكل كثيرة، مثل التأخر في دفع ضرائبك، وإهمال الذهاب إلى فحصك البدني السنوي، والتأخر في التقدم إلى طلب التوظيف، كل ذلك قد يؤدي إلى عواقب مخيبة للآمال.

درس عالما النفس تايس وبومايستر المماطلة الأكاديمية لدى الطلاب، ووجدا أن المماطلين يعانون الإجهاد والأمراض المرتبطة به، وأن نقاط الأداء التراكمي لديهم أقل من الطلاب غير المماطلين.

ما سبب المماطلة؟

يوجد تفسيران لميل الناس للمماطلة: سوء إدارة الوقت، وسوء التحكم في العواطف. يجد من يواجهون صعوبةً في وضع الجداول وإنجاز المهام أنفسهم متأخرين دائما في إنجاز الأمور، إضافةً إلى أن انتباه المرء يتشتت عن المهمة الأساسية بأمور مرغوبة أكثر، وينفق الوقت في القيام بها بدلًا من أداء المهمة.

من المحتمل أن نجد أشكالًا مختلفة من المماطلة، فالبعض يماطل عمدًا في حين يماطل آخرون دون قصد. لذا درس فريق من الباحثين المماطلة غير المتعمدة، وهذه بعض العلامات التي توحي بأنك عرضة لهذا النوع.

مقياس المماطلة غير المتعمدة

إلى أي مدى توافق على البنود التالية؟ (1= لا توافق، 5=توافق بشدة):

  • نادرًا ما أشرع في إنجاز المهام حين أُكلَّف بها، حتى لو كنت أنوي ذلك.
  • أنوي إنجاز المهام، لكن هذا لا يحدث غالبًا.
  • أريد حقًا إنهاء الأمور في الوقت المناسب، لكن نادرًا ما يحدث هذا.

أما زميلتي التي ترى أن الأمر ليس مماطلة، بل العمل في الوقت المناسب، فستوافق غالبًا على البنود التالية:

  • لا فائدة من القيام بالأمر مبكرًا ما دام لديك متسع من الوقت.
  • أنت لا تجني أي شيء بتسليم مهمتك مبكرًا.
  • اشعر بالنشاط حين يقترب الموعد النهائي للتسليم.

يُستخدم (مقياس لاي) لدراسة المماطلة الأكاديمية -وهو نوع بسيط من المماطلة- الذي قد يكون السبب وراء ميل الطلاب إلى تسليم أوراقهم في اللحظة الأخيرة.

ماذا تفعل حيال ذلك؟

ماذا يمكن أن تفعل بشأن المماطلة؟ قد يساعدك الالتحاق بدورة في إدارة الوقت. حاول أيضًا تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر وأسهل، وكافئ نفسك عند إكمال كل مهمة، واستعمل برنامج التقويم لتُذكِّر نفسك بالمهام التي يجب إنجازها. ويمكنك أيضًا الحصول على رفيق مُحفِّز يشجعك على إنجاز المهام.

اقرأ أيضًا:

لكي تكون أكثر إنتاجية، العلم يقول بأنه يجب عليك فعل هذا الشيء البسيط

قانون التفاهة: لماذا نرهق أنفسنا في حل المشاكل البسيطة؟

ترجمة: منار سعيد

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر