يحدث الإجهاد العاطفي عندما يمر الشخص بفترة من التوتر الشديد في عمله أو حياته الشخصية، إذ يعاني الاستنزاف العاطفي والتعب والعواطف الغامرة. تتراكم هذه المشاعر على مدى فترات طويلة، ولا ينتبه معظم الناس إلى علامات الخطورة المبكرة، وقد يؤثر الإجهاد العاطفي بشدة في حياة المرء اليومية وفي علاقاته وسلوكه.

ما أسباب الإجهاد العاطفي ؟

قد تساهم عدة أمور في حدوث الإجهاد العاطفي، وتعتمد على قدرة الشخص على تحمل التوتر والعوامل الأخرى في حياته في ذلك الوقت، ومنها:

  •  التغييرات الكبيرة في الحياة، مثل الطلاق أو فقدان شخص عزيز.
  •  كون الشخص من مقدمي الرعاية.
  •  التعرض للتوتر بسبب مشاكل مالية.
  •  ولادة طفل جديد أو تربية الأطفال.
  •  فقدان الشخص منزله.
  •  محاولة التوفيق بين عدة أمور في وقت واحد، مثل العمل والعائلة والدراسة.
  •  الإصابة بأحد الأمراض المزمنة.
  •  العمل ساعات طويلة.
  •  العمل تحت ضغط كبير.

الإجهاد العاطفي: الأسباب والعلاج - الاستنزاف العاطفي والتعب والعواطف الغامرة - التوتر الشديد - الإصابة بأحد الأمراض المزمنة

يعاني الشخص الإجهاد العاطفي عادةً عندما يشعر بالضغط نتيجة العديد من العوامل، وقد يعتقد أنه يفتقر إلى السيطرة على حياته أو أنه لا يوازن جيدًا بين متطلبات حياته واحتياجاته الشخصية.

الأعراض:

يسبب الإجهاد العاطفي أعراضًا نفسية وجسدية، وقد يؤثر في سلوك الشخص. أيضًا قد تسوء الأعراض بمرور الوقت وتكرر حالات التوتر. من الضروري معرفة هذه الأعراض حتى يستطيع الشخص اتخاذ خطوات نحو التحسن.

من الأعراض الشائعة:

1. تبدل المزاج:

يؤثر الإجهاد العاطفي في المزاج والصحة النفسية. قد يلاحظ الشخص بدايةً أنه أصبح أكثر تشاؤمًا، وقد يفقد رغبته في العمل أو العلاقات الاجتماعية أو حتى أداء المهام البسيطة. ثم تصبح المشاعر السلبية أقوى وتجعل الشخص يشعر أنه محاصر وبعيد عن الحياة.

قد يسبب الإجهاد العاطفي المشاعر التالية أيضًا:

  •  الغضب والانزعاج
  •  القلق
  •  اللامبالاة
  •  الاكتئاب
  •  الفشل
  •  انخفاض المعنويات
  •  اليأس
  •  التشاؤم

يجب على الأشخاص الذين يعانون القلق والاكتئاب والأفكار المتعلقة بإيذاء النفس طلب المساعدة الطبية والنفسية فورًا.

2. صعوبات التفكير:

قد يسبب الإجهاد العاطفي تغييرات في التفكير والذاكرة، أو ما يُسمى (التشوش الدماغي)، ومن أعراضه:

  •  الارتباك
  •  صعوبة التركيز
  •  السهو أو النسيان
  •  ضعف القدرة على التخيل
  •  فقدان الذاكرة.

تشير الأبحاث إلى أن حالة (الانطفاء) المتعلقة بالإجهاد العاطفي ترتبط بانخفاض في نشاط ثلاث مناطق معرفية رئيسية في الدماغ، وهي المناطق المسؤولة عن:

  •  الوظائف التنفيذية مثل التخطيط والتنظيم
  •  الانتباه
  •  الذاكرة.

تسبب التغيرات المعرفية صعوبات عديدة خاصة عند محاولة التوفيق بين العديد من الأمور المسببة للتوتر، مثل ضغط العمل والعاطفة.

3. اضطرابات النوم:

قد يصعب الحفاظ على نمط نوم منتظم في فترات التوتر، إذ يعاني المجهد عاطفيًا التعب الجسدي أيضًا، وقد يواجه صعوبةً في الخلود إلى النوم أو في البقاء نائمًا أو في الاستيقاظ صباحًا. وقد يسبب تدني الحالة المزاجية والتشوش الدماغي صعوبةً في النهوض من الفراش صباحًا، وكذلك في أداء المهام اليومية.

4. التغيرات الجسدية:

قد تظهر أعراض جسدية نتيجة المشاكل العاطفية، ومن هذه الأعراض:

  •  تغيّرات في الشهية
  •  مشاكل هضمية
  •  صداع
  •  خفقان القلب
  •  فقدان الوزن أو اكتسابه

5. التأثيرات في العمل والعلاقات الشخصية:

قد تؤثر التغيّرات الجسدية والعاطفية والمعرفية في علاقات المرء وقدرته على إنجاز مهامه في المنزل أو العمل، ومن هذه التغيّرات:

  •  انخفاض القدرة على التواصل مع الآخرين عاطفيًا أو شخصيًا
  •  التغيب عن العمل
  •  فقدان الحماس في العمل والحياة الشخصية
  •  انخفاض تقدير الذات
  •  تفويت المواعيد النهائية
  •  انخفاض الأداء في العمل
  •  الانسحاب الاجتماعي

عوامل الخطورة

قد يتعرض أي شخص للإجهاد العاطفي، لكن بعض الأشخاص أكثر عرضةً من غيرهم بسبب عوامل الخطورة المتعلقة بالإجهاد، وهي:

العمل في وظائف متطلبة:

تشير الأبحاث إلى أن العاملين في وظائف متطلبة جدًا، والأشخاص الذين يستمرون بالتفكير في عملهم خلال أوقات الفراغ أكثر عرضةً للإصابة بالإجهاد العاطفي والانطفاء، وذلك وفقًا لدراسة هولندية نشرت سنة 2014. مثل الأطباء في بداية حياتهم المهنية ورجال الشرطة والممرضين والاختصاصيين الاجتماعيين والمدرسين.

يزداد خطر الإصابة بالإجهاد العاطفي لدى من:

  •  يعملون في وظائف لا يحبونها
  •  يعملون في مناوبات سيئة
  •  يعملون ساعات طويلة
  •  يشعرون بفقدان السيطرة على أعمالهم

السعي إلى الكمال:

وفقًا لعدة دراسات، يتعرض من يحاولون تحقيق الكمال غالبًا للإجهاد العاطفي والانطفاء، إذ يعرضون أنفسهم للكثير من التوتر بسبب توليهم أمور تفوق قدرتهم على التعامل بسهولة.

الوحدة:

قد تزيد الوحدة مشاعر الإجهاد العاطفي والانطفاء، فمن لا يملكون العديد من العلاقات المقربة لا يشاركون مشاعرهم مع الكثير من الناس. تشير الدراسات إلى أن التمتع بالعلاقات الاجتماعية الجيدة قد يساعد على تخفيف التأثيرات السلبية لحالة الانطفاء، إذ تعزز العلاقات سهولة التكيف والشعور بالتعافي.

قلة الرعاية الذاتية:

الأشخاص غير المهتمين بصحتهم معرضون للإجهاد بكثرة، مثل من لا يمارسون التمارين الرياضية أو لا ينامون كفاية أو لا يتناولون أطعمة صحية. وفقًا للدراسات، يرتفع خطر الإصابة بالإجهاد العاطفي والانطفاء بسبب قلة النوم، وقد يزيد الكحول والمخدرات خطورة الإصابة أيضًا، خاصةً لدى من يستعملونها وسيلةً للتكيف ونسيان المشكلات والتخلص من التوتر.

عوامل أخرى:

تزداد خطورة الإصابة بالإجهاد العاطفي لدى من:

  •  يستخدمون أساليب مؤذية للتكيف مع التوتر، مثل الكحول والمخدرات
  •  يشعرون بقلة مواردهم الشخصية، مثل المال والدعم والمكانة
  •  يعملون في بيئات لا تحترم حريتهم في التعبير

حالة الإجهاد العاطفي والانطفاء

بدأ علماء النفس باستخدام مصطلح (الانطفاء) في سبعينيات القرن العشرين، لوصف تأثيرات التوتر الشديد على من يعملون في مجال الرعاية الصحية مثل الأطباء والممرضين، ويُستخدَم المصطلح الآن لوصف التوتر المزمن عند أي شخص، رغم عدم وجود تعريف واضح.

وفقًا للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب، الإجهاد العاطفي أحد أعراض الانطفاء، إضافةً إلى عرضين آخرين هما:

  •  الابتعاد عن نشاطات العمل: المصابون بالانطفاء يزداد شعورهم بالتوتر في العمل، وقد يشعرون بقلة الالتزام تجاه عملهم، ويبعدون أنفسهم عاطفيًا عن زملائهم.
  •  انخفاض الأداء: يسبب الانطفاء التشاؤم والمشاعر السلبية تجاه مهام العمل، وعند ترافقه مع الإجهاد العاطفي قد يؤدي إلى تفويت المواعيد النهائية والأداء السيء في العمل.

العلاج ونصائح التعافي

يجب تغيير أسلوب الحياة للتقليل من الإجهاد والانطفاء، وقد تتطلب بعض الحالات اللجوء إلى العلاج والأدوية. من النصائح المفيدة للتعافي:

التقليل من التوتر:

تجب محاولة تقليل التوتر قدر الإمكان. عليك تولي مهام أقل أو أن تعهد بها إلى آخرين أو طلب المساعدة، كذلك من الممكن التفكير في تغيير العمل إذا كان مسببًا كبيرًا للتوتر.

اختيار أسلوب حياة صحي:

العيش بطريقة صحية يحسن الصحة الجسدية والنفسية ويعزز سهولة التكيف، وذلك من طريق:

  •  تناول حمية غذائية متوازنة، غنية بالفواكه والحبوب الكاملة ومصادر البروتين الخفيفة
  •  تجنب تناول الكحول
  •  تجنب التدخين
  •  ممارسة التمارين الرياضية مدة 30 دقيقة في أغلب الأيام
  •  الحفاظ على روتين ثابت للنوم في موعد ثابت، مدة 7-9 ساعات يوميًا

الموازنة الجيدة بين الحياة والعمل:

لا تكرس كل وقتك للعمل أو رعاية الآخرين، بل تمتع بأوقات للراحة. وكذلك يجب أن توفر وقتًا لممارسة هوايتك المفضلة مرة أسبوعيًا على الأقل، مثل:

  •  الرسم
  •  جمع الطوابع أو العملات
  •  البستنة
  •  القراءة
  •  مشاهدة الأفلام
  •  قضاء الوقت مع الحيوانات الأليفة
  •  التنزه.

ممارسة الانتباه الواعي:

قد تخفف الممارسة المنتظمة لأساليب الانتباه من القلق والاكتئاب وقد تحسن المزاج أيضًا. وفقًا لإحدى الدراسات، يشعر من يمارسون أساليب الانتباه برضا أكبر عن عملهم، وتقل نسب الإجهاد العاطفي لديهم مقارنةً بمن لا يمارسون هذه الأساليب.

التواصل مع الآخرين:

الانفصال الاجتماعي عرض للإجهاد العاطفي وعامل خطورة كذلك، لذا يجب عليك التواصل مع الآخرين عند الإمكان لتجنب الإجهاد ومشكلات الصحة العقلية.

تغيير السلوك:

قد يتغير المزاج والسلوك عند تغيير الأفكار، وهذه التفاصيل الصغيرة لها أثر كبير على الحالة الصحية الجسدية والنفسية. يمكن تغيير التفكير السلبي من طريق ما يلي:

  •  التركيز على الأشياء الجيدة في الحياة بدلًا من السيئة
  •  التفكير بإيجابية وواقعية وتجنب الأفكار السلبية
  •  الابتعاد عن المقارنة مع الآخرين
  •  تقبّل إمكانية ظهور الأفكار السلبية وعدم محاربتها
  •  التركيز على الحاضر بدلًا من التفكير في الماضي أو توقع المستقبل
  •  تذكر أن المشاعر السلبية ستختفي بمرور الوقت

استشارة الطبيب أو المعالج:

قد يكون العلاج حلًا فعالًا للإجهاد، إذ يساعد على التعامل مع التوتر والقلق والاكتئاب، ويساعد على مواجهة الأفكار السلبية من طريق تعلم مهارات جديدة للتكيف. قد يصف الطبيب المعالج بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب ومضادات القلق والأدوية المساعدة على النوم.

الوقاية:

معظم طرق علاج الإجهاد العاطفي تساعد أيضًا على منع حدوثه والوقاية منه، ومنها:

  •  تقليل مسببات التوتر في المنزل والعمل
  •  المشاركة في النشاطات الممتعة
  •  أخذ وقت للاستراحة
  •  اتباع حمية صحية
  •  ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
  •  تقليل الكحول والابتعاد عن التدخين
  •  الحصول على نوم كافٍ
  •  التوازن بين الحياة والعمل
  •  التواصل مع الأصدقاء والعائلة والآخرين
  •  المحافظة على نظرة إيجابية
  • ممارسة الانتباه والتأمل
  •  الحصول على المساعدة المتخصصة عند الشعور بالقلق أو تغيّرات المزاج الأخرى

اقرأ أيضًا:

التوتر المزمن يغير من بنية الدماغ، إليك ما يجب فعله للتخلص من التوتر

تحديد سبب جديد للتوتر المزمن في الدماغ

ترجمة: ليلان عمر

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر