تجري العديد من السلطات حول العالم فحوصات على أشخاص عديمي الأعراض وذلك ضمن الجهود المبذولة لإدارة فيروس كورونا، وكان العاملون في مجال الرعاية الصحية عديمي الأعراض في مدينة فيكتوريا في الولايات المتحدة الأمريكية جزءًا من الاختبارات الطارئة مؤخرًا. ومن الشائع اعتقاد أن نتائج الفحوصات الطبية دقيقة ، لكن لا يوجد أي اختبار مثالي، وجميعها تحمل خطر الأذية بشكل من الأشكال، وعلى الرغم من وجود حملة لزيادة الفحوصات، يجب معرفة أن الأمر ينطبق أيضًا على فيروس كورونا.

لدى جميع الاختبارات قيود

فمن بين نواقص اختبارات التشخيص إمكانية وجود حالات سلبية كاذبة (الفشل في اكتشاف حالة عند وجودها)، وحالات إيجابية كاذبة (اكتشاف حالة عند غيابها).

ومن السهل معرفة السبب الذي يجعل الحالات السلبية الكاذبة مشكلة، لأننا نفقد أفضلية التدخل المبكر، ولكن قد تسبب الحالات الإيجابية الكاذبة ضررًا أيضًا، بما في ذلك العلاج غير الضروري؛ لذلك تُتبع اختبارات الفحص الإيجابية غالبًا باختبار مختلف ثانٍ لتأكيد التشخيص.

فعلى سبيل المثال، عندما يعطي تصوير الثدي الشعاعي نتيجة إيجابية للسرطان، يمكننا إجراء المزيد من التصوير أو أخذ خزعة، من ناحية أخرى يمكن إجراء تنظير القولون بعدما يشير تصويره لوجود سرطان.

لماذا نحصل على نتائج إيجابية كاذبة؟

قد تحدث الحالات الإيجابية الكاذبة لعدة أسباب، بما في ذلك الأخطاء البشرية الطبيعية وأخطاء النظام، مثل سوء التسمية، أو أخطاء إدخال البيانات، أو سوء التعامل مع العينات، وقد تحدث جرّاء تفاعل متبادل مع مكونات أخرى في العينة، مثل فيروس مختلف.

وبالنسبة لفيروس كورونا، فإن الخيار المتاح الوحيد لتأكيد النتيجة الإيجابية بطريقة روتينية هو إعادة الفحوصات باستخدام المنهجية ذاتها، الأمر الذي قد يعالج الحالات الإيجابية الكاذبة الناتجة عن تلوث العينات أو الأخطاء البشرية.

ومع ذلك، توصي بعض السلطات بعزل أي شخص يعطي نتيجة إيجابية، بغض النظر عن النتائج اللاحقة.

الاختبارات على نطاق أوسع قد تسبب المزيد من الحالات الإيجابية الكاذبة

لا تعتمد نسبة الحالات الإيجابية الكاذبة من بين جميع النتائج الإيجابية على خصائص الاختبار فحسب، بل على مدى شيوع الحالة المفحوصة بين الذين تم فحصهم.

فحتى الاختبارات عالية الدقة والتي من المستبعد أن تولد أي نتائج إيجابية كاذبة، قد تستمر مع ذلك في إعطاء نتائج إيجابية كاذبة تفوق الحالات الموجودة فعليًا لدى الأشخاص المفحوصين (أي الحالات الإيجابية الحقيقية).

فعلى سبيل المثال، لنفرض أنه لدينا اختبار جيد للغاية وتصل نوعيته إلى 99.9%، أي أن اختبارًا واحدًا فقط من بين 1000 اختبار يعطي نتيجة إيجابية كاذبة، وتخيل أننا نقوم بفحص 20000 شخص من أجل الحالة X، والحالة X لديها معدل انتشار منخفض للغاية، ونقدر أنها تؤثر على 0.01%، أو واحد من كل 10000 شخص من السكان.

في هذه المرحلة ربما نتوقع إصابة شخصين في عينتنا بالحالة X، أي قد نحصل على نتيجتين إيجابيتين حقيقيتين، ولكن قد نتوقع أيضًا حوالي 20 نتيجة إيجابية كاذبة، نظرًا إلى احتمال حصول خطأ في الاختبار.

إذًا نسبة الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم والذين لديهم الحالة X بالفعل ستكون اثنين فقط من أصل 22، أو بنسبة 9.1%، و تدعى هذه العملية بالقيمة التنبؤية الإيجابية للاختبار، فكلما كان معدل الانتشار منخفضًا بين السكان، انخفضت القيمة التنبؤية الإيجابية.

ماذا عن مرض كوفيد-19؟

نجحت تدابير الرقابة في أستراليا في تقليل أعداد الأشخاص المصابين حاليًا بمرض كوفيد-19، ويُقدر أن يكون احتمال تسجيل حالات إيجابية منخفضًا جدًا في الوقت الحالي، على الرغم من أنه قد يتغير بالطبع مع تخفيف القيود.

ووصلت أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا المسجلة في أستراليا إلى حوالي 600 حالة، وحتى إذا كانت قد شُخصت حالة واحدة فقط من بين كل 10 إصابات حاليًا، ستبقى النسبة أقل من 0.03% من التعداد السكاني.

في الوقت الذي تُنشئ فيه نوعية الاختبارات لفيروس سارس-كوف-2 (فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19)، تشير الأدلة المبكرة إلى أن نسبة 99% أو أكثر أمر معقول.

مع ذلك، وباتّباع ذات الحسابات في المثال السابق أعلاه، وبنسبة انتشار تبلغ 0.03%، وحتى باختبار نوعيته 99.9%، قد يعني أن 30% فقط من الأشخاص الذين أعطوا نتائج إيجابية هم مصابون بالفعل الحالة X، وهذا يعني أن أكثر من ثلثي النتائج الإيجابية ستكون فعليًا إيجابية كاذبة إذا أجري الاختبار على أشخاص عديمي الأعراض وغير معرضين لخطر متزايد.

ولهذا السبب تُطبق معايير الاختبار في كثير من الأحيان، وإذا أُجريت الاختبارات على الذين يعانون أعراض تتوافق مع مرض كوفيد-19 فقط، فمن شبه المؤكد أن الحالة ستكون شائعة لدى المفحوصين أكثر من عامة السكان (عديمي الأعراض)، وعلى هذا سيكون معدل الحالات الإيجابية الحقيقية أعلى.
ولكن إذا أجري الاختبار على نطاق أوسع، فإن احتمال وجود نتائج إيجابية كاذبة يصبح مصدر قلق أكبر.

لماذا تعتبر الحالات الإيجابية الكاذبة مشكلة؟

من الواضح أن هناك حاجة إلى اختبارات تكون حساسة قدر الإمكان، ومن ثم من السهل معرفة لمَ قد تكون النتائج السلبية الكاذبة مشكلة خطيرة، ولكن من المهم معرفة أن النتائج الإيجابية الكاذبة قد تسبب أيضًا أضرارًا كبيرة للفرد وللمجتمع.

على سبيل المثال، تأثير فحص العاملين الصحيين عديمي الأعراض في حال أدت نتيجة الاختبار الإيجابية الكاذبة إلى عزل العامل المشخص بطريقة خاطئة، وحجر زملائه الذين حددوا خطأ على أنهم على اتصال وثيق مع حالة مصابة بمرض كوفيد-19.

بالإضافة إلى ذلك، قد يشعر الشخص الذي كان قد حصل على نتيجة إيجابية كاذبة أنه ليس معرضًا لخطر الإصابة في المستقبل لرؤيته أنه محصن، مسببًا عواقب محتملة على نفسه ومحيطه، وحتى من المنظور الوبائي، فإن النسبة المرتفعة للحالات الإيجابية الكاذبة قد تشوه مفهوم انتشار فيروس كورونا في المجتمع.

تخضع فحوصات فيروس كورونا في أستراليا إلى درجات عالية من التنظيم وتستخدم أفضل الاختبارات الممكنة والطاقم الأكثر تأهيلًا، ولكن عندما يكون معدل انتشار الحالة منخفضًا، مثل كوفيد-19 في أستراليا حاليًا، يجب أن توازن فحوصات عديمي الأعراض بعناية بين فوائد مثل هذه الاختبارات في مواجهة الأضرار المحتملة.

اقرأ أيضًا:

لماذا اتخذت المملكة المتحدة نهجًا مختلفًا في التعامل مع فيروس كورونا عن سائر دول العالم؟

هل صنع فيروس كورونا في ووهان؟ إليكم رأي العلم

عشرة أعراض غير نمطية قد تدل على إصابتك بفيروس كورونا

ترجمة: آية وقاف

تدقيق: إبراهيم قسومه

مراجعة: صهيب الأغبري

المصدر