مع أن وباء (كوفيد-19) وغيره من الأوبئة حصدت عددًا كبيرًا من الضحايا على مر السنين، حصدت جائحة من نوع آخر نصيبها أيضًا، وهي العنف المنزلي. مع الفارق أن عنف الشريك لا يظهر علنًا بوضوح، وفي الحقيقة قد يكون كل من الرجال والنساء مرتكبين للعنف المنزلي وضحايا له، مع النقص الكبير في البلاغات. وفي كثير من الحالات، تنبع حوادث الاعتداء من عوامل خطر محددة.

المرأة التي تنفق على المنزل

ليست حالة المرأة التي تتلقى أجرًا أكثر من شريكها الذكر بجديدة، الجديد هو كيف دفع فقدان الوظائف وحالات التسريح من العمل بعد الوباء الزوجين دفعًا غير متوقع إلى هذه الحالة من اختلال توازن القوى.

في حين ينظر العديد من الأزواج المعاصرين إلى الأنثى العاملة أنها علامة على التقدم ويشعرون بالامتنان لتدفق الدخل، يشعر بعض الشركاء بالتهديد من هذا الوضع غير التقليدي. ولسوء الحظ، فإن الطرح القائل بأن العنف بين الزوجين ينتج من محاولات التحكم في الشركاء العاملين في العلاقات الزوجية والسيطرة عليهم، يحمل عواقب كبيرة في أوقات البطالة غير المتوقعة.

درس روس ماكميلان وروزماري جارتنر هذه المسألة سنة 1999 تحت عنوان (عندما تنفق المرأة على المنزل: المشاركة في العمل وخطر العنف المنزلي ضد المرأة)، إذ درسا العلاقة بين خطر العنف الزوجي ضد المرأة والعمل، بالنظر إلى مشاركة المرأة في العمل بوصفها موردًا رمزيًا، لا موردًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا. جُمعت بيانات الدراسة من مسح استقصائي للعنف ضد النساء تضمن تجارب 8461 امرأةً متزوجة قانونيًا أو وفقًا للعُرف العام.

وجد الباحثان أن تأثير عمل المرأة في مستوى خطر العنف يعتمد على الوضع الوظيفي لزوجها. أشار المؤلفان تحديدًا إلى أن النساء اللائي يعملن مقابل أجر كانوا أقل عرضةً للإساءة الزوجية عندما عمل شركاؤهم الذكور أيضًا، في حين تعرضن لخطر متزايد عندما كانوا في علاقة مع ذكور عاطلين عن العمل. واقترحا أن هذه الآثار تنبع من سعي الرجال إلى السيطرة القسرية على شريكاتهم الإناث.

عند مناقشة العلاقة بين التوظيف و العنف بين الزوجين على نطاق أوسع، لم يجد الباحثان سوى القليل من الأدلة على أن الوظيفة بوصفها موردًا اقتصاديًا كانت عامل خطر، وبعكس الأبحاث السابقة، لم يجدا أن النساء العاملات أقل عرضةً للعنف المنزلي، ولا أن احتمال ممارسة الرجال العاملين للعنف تقل حال الاستقرار الاقتصادي، وبدا أن إساءة المعاملة ارتبطت جزئيًا بالحالة الوظيفية لكل شريك.

المرأة العاملة عرضة للخطر

وجدت أبحاث أخرى أن النساء العاملات أكثر عرضةً للخطر عند التكافؤ مع الشريك، إذ أجرت فارينا تاندراين-راغوبر دراسةً حديثة سنة 2020، تفحص العلاقة بين النساء العاملات ووقوعهن ضحايا لشركائهن، باستخدام المسوح الديموغرافية والصحية في 20 دولة إفريقية جنوب الصحراء الكبرى بين عامي 2010 و2015، ووجدت أن النساء العاملات يتعرضن إلى احتمالية أعلى بنسبة 19% لسوء المعاملة مقارنةً بغير العاملات، وتنطبق هذه النتيجة على الاعتداءات الجنسية والعاطفية والاعتداءات الجسدية الأبسط.

وفيما يتعلق بالعلاقة بين التعليم والتوظيف، لاحظت راغوبر أيضًا أن النساء اللائي حصلن على مستوى أعلى من التعليم يواجهن خطرًا أكبر لإساءة معاملة الشريك.

مع كثرة القضايا التي تطرحها هذه الأبحاث حول النساء العاملات وقوانين السلطات القضائية والاستشارة الأسرية، فإنها تناقض أيضًا الصورة النمطية لدى البعض، التي تفيد بأن التعليم والتوظيف يعملان غالبًا على حماية النساء من العنف المنزلي.

الأمان في المنزل

إن الهدف هو الحفاظ على سلامة الأسر في البيوت عاطفيًا وجسديًا، وإذا نظرنا إلى عبارات عهود الزفاف (في السراء والضراء وفي المرض أو الصحة على حد سواء)، فيجب أن يكون ذلك صحيحًا أيضًا في أوقات الازدهار أو الأزمات الاقتصادية، بصرف النظر عن أي من الشريكين قادر على كسب دخل.

إن اختلال توازن القوى المالية بسبب الوضع الوظيفي هو واقع حديث لدى العديد من الأزواج، يمكن معالجته جديًا من طريق التواصل الصريح بين الزوجين أو الاستشارة المتخصصة، وفي كل الأحوال، فإن الهدف هو معالجة الاستياء الكامن أو عدم الاكتفاء المتصور في بيئة آمنة، يمكن فيها استكشاف المشاعر بأمان ومحبة ودون أحكام.

اقرأ أيضًا:

لماذا يعتبر الرجال أقل عرضة للاكتئاب من النساء؟

النساء ينجذبن إلى الرجال المتحيزين جنسيًا أكثر من أولئك الواعين !

ترجمة: شهد نداف

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر