نعم، تؤثر الرياح في سرعة الصوت خلالها، إذ تنتقل الموجة الصوتية أسرع في اتجاه الرياح وتكون أبطأ عكسها. بصرف النظر عن تحدب السرعة أو تعزيزها، فإن الرياح تغير أيضًا مسار الموجات الصوتية عن طريق الانكسار.

ربما سمعت بالعبارة «الصراخ في مهب الريح» التي تُقال لمن يعمل شيئًا لا طائل منه. فما مدى صحة ذلك من الناحية العلمية؟

هل الصراخ عكس اتجاه الرياح غير فعال حقًا في إيصال كلامك؟ باختصار؟ نعم.

ما هو الصوت؟

تصدر الطبول صوتًا عند قرعها، كذلك القيثارة عند نقر أوتارها، والحنجرة -الصندوق الصوتي عند الإنسان- يهتز وتراها عند تدفق الهواء عبرها. لذا يمكن وصف الصوت ببساطة على أنه موجة ضغط ناتجة عن اهتزاز الأجسام.

نظرًا لأن الموجات الصوتية تنشأ بسبب اهتزاز المادة، فهي تُصنَّف موجات ميكانيكية وتحتاج وسيطًا للانتقال، عكس الموجات الكهرومغناطيسية (الضوء)، ويحدث هذا الانتشار عن طريق اصطدام الجسيمات المهتزة باتجاه الإرسال. لهذا يمكن للصوت أن ينتقل عبر الغازات والسوائل والمواد الصلبة، لكن ليس عبر الفراغ لأنه يفتقر لوجود مادة.

هل تؤثر سرعة الرياح في سرعة انتقال الموجات الصوتية عبرها - تنتقل الموجة الصوتية أسرع في اتجاه الرياح وتكون أبطأ عكسها - الصراخ في مهب الريح

للوسيط دور رئيسي في انتشار الموجات الصوتية، لذلك فإن أي عامل قد يؤثر في حالة الوسط سيؤثر بشكل مباشر على انتشار الموجات الصوتية خلاله، فهذه العوامل -مثل درجة حرارة الوسط وتوزيع الجزيئات والذرات عبرها، إلخ- تؤثر في تحديد كيفية انتشار الموجات الصوتية.

تأثير الرياح على الموجات الصوتية

يؤدي الهواء المحيط دور الوسيط في معظم الحالات. تحمل الرياح الصوت وتحدد مدى السرعة والوضوح الذي سينتقل به إلى جهاز الاستقبال. تشترك الرياح والصوت في علاقة مماثلة للسباح وتيار الماء. بالتأكيد يستطيع السباح السباحة بشكل أسرع باتجاه التيار وليس ضده.

وبالمثل، تتضاعف سرعة الصوت بعامل يساوي سرعة الرياح عند حركتهما بنفس الاتجاه، ويقل عندما لا يكونان كذلك.

على سبيل المثال: إذا هبت الرياح بسرعة 30 ميلًا في الساعة (13.4 م/ث)، فإن سرعة الرياح العكسية ستكون 35604 م/ث (سرعة الصوت في الهواء 343 م/ث) في حين أن سرعة الرياح العكسية ستنخفض إلى 329.6 م/ث.

على سرعة الرياح أن تكون أعلى بكثير لتتسبب في زيادة سرعة الصوت أو انخفاض ملحوظ في سرعتها. بصرف النظر عن توفير دفعة طفيفة، فإن للرياح آثارًا مثيرة للاهتمام فيما يخص الصوت وانتقاله، أحدها انكسار الصوت.

انكسار الصوت

الانكسار هو عملية التغيير في الاتجاه، ونتيجة لذلك تتغير سرعة الموجة وطولها عندما تمر من وسط لآخر. تعتبر هذه الظاهرة أكثر وضوحًا في الموجات الضوئية ونادرًا ما تظهر في الموجات الصوتية، إذ تميل إلى السفر عبر وسيط واحد هو الهواء. ومع ذلك، تنكسر الموجة الصوتية عند انتقالها عبر وسط ذي خصائص مختلفة.

وبالعودة للرياح بشكل عام، فإن سرعة هبوب الرياح تكون منخفضةً بالقرب من سطح الأرض بسبب وجود عوائق -الأشجار والمباني والجبال، وما إلى ذلك- وتزداد السرعة عند الحركة لأعلى من السطح. هذا التباين في سرعات الرياح في المستويات الأعلى والأدنى ينتج عنه تدرج السرعة. يؤثر التدرج بدوره على سرعة الصوت عند مستويات معينة.

تنكسر الموجات الصوتية التي تسير بنفس اتجاه الرياح نحو السطح

تنكسر الموجات الصوتية التي تسير بنفس اتجاه الرياح نحو السطح

عند تحرك الموجة الصوتية باتجاه الرياح، يتحرك الجزء العلوي من الموجة أسرع من النصف السفلي بسبب التباين في سرعة الرياح. يزداد الفرق بين أعلى وأسفل الموجة بشكل كبير عبر المسافات الطويلة. وفي نهاية المطاف، تغيّر الموجة الصوتية اتجاهها وتنحسر إلى أسفل نحو الأرض. في الموجة التي تسير ضد الرياح، تنخفض سرعة الصوت، وتقل سرعة النصف العلوي من الموجة أكثر من السفلي، ثم تنكسر الموجة في النهاية إلى أعلى بعيدًا عن الأرض.
بسبب اختلاف سرعة الرياح، غالبًا ما يؤدي انكسار الموجات الصوتية إلى تكوين مناطق ظل تبقى خالية من أي صوت!

تنكسر الموجات الصوتية التي تسير عكس اتجاه الرياح بعيدًا عن السطح

تنكسر الموجات الصوتية التي تسير عكس اتجاه الرياح بعيدًا عن السطح

ينتج انكسار الصوت من الاختلاف في سرعات الرياح، ما يجعل سماع الأصوات الصادرة مع اتجاه الرياح سهلًا، وأكثر صعوبةً عندما يكون المصدر عكس اتجاه الرياح.

كلمة أخيرة

بصرف النظر عن تدرج سرعة الرياح، يمكن أن تؤدي عوامل مثل درجة الحرارة والكثافة أيضًا إلى انكسار الموجات الصوتية. الانكسارات الناتجة عن اختلاف درجات حرارة المقاطع الهوائية شائعةٌ جدًا بالقرب من المسطحات المائية (بحيرة أو بركة) وغالبًا ما يعاني منها الصيادون.

نظرًا لأن للماء تأثيرًا مبردًا على جزيئات الهواء، إذ يميل الهواء لأن يكون أكثر برودةً قليلًا بالقرب من سطح الماء، مقارنة بالهواء البعيد عن السطح (الانقلاب الحراري). يكون هذا الاختلاف في درجات الحرارة أكثر وضوحًا في الصباح عندما لا تصل الشمس لموقع رئيسي لتوليد الحرارة.

ينتقل الصوت أسرع في الهواء الأكثر دفئًا، لذا تنكسر الموجات الصوتية نحو السطح وتقطع مسافة أكبر من المعتاد. يُعد هذا الامتداد/التضخيم الممتد للموجات الصوتية أحد الأمثلة القليلة المعروفة لانكسار الصوت في البرية.

اقرأ أيضًا:

هولوغرام من الموجات الصوتية لتحريك الأشياء

هل يمكن تصنيع سلاح باستخدام الصوت؟

ترجمة: الزهراء عمر

تدقيق: رزوق النجار

المصدر