أعلنت وزارة الصحة الصينية عن اكتشاف إصابة جديدة بالطاعون الدبلي؛ المرض الذي تسبَّب بجائحة «الموت الأسود» في منتصف القرن الرابع عشر. وُجِدت الحالة الجديدة التي أُكِّدت في 5 يوليو بين عدد من الرعاة من سكان مدينة بيانور في شمال البلاد. أطلقت السلطات الصحية المحلية تحذيرًا من الدرجة الثالثة، ونصحت السكان بتجنب تناول الحيوانات التي قد تنقل المرض أو صيدها أو نقلها. يأتي تشخيص هذه الحالة بعد أشهر من إعلان الحكومة الصينية إصابة ثلاثة أشخاص بالطاعون الرئوي أواخر السنة الماضية.

من المرعب تخيُّل انتشار وباء جديد في أنحاء العالم وسط جائحة كوفيد-19 الحالية، لا سيما إن كان هذا الوباء وباء الطاعون الدبلي سيء السمعة. لكننا ولحسن الحظ في أمان من هذا المرض الذي -على عكس كوفيد-19- نعرف له علاجات محددة وفعالة، وهو مرض نادر يصيب أعدادًا قليلة جدًا كل عام في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما يعني أنَّ من المستحيل تقريبًا أن نعيش وباء شبيهًا بوباء القرن الرابع عشر.

قالت الدكتورة شانثي كاباجودا طبيبة الأمراض المُعدية في مستشفى ستانفورد للرعاية الصحية في مقابلة مع موقع Healthline العام الماضي: «نعرف الآن طرق الوقاية من هذا المرض بتجنُّب التعامل مع الحيوانات المُصابة أو الميتة في مناطق انتشاره، وأصبحنا أيضًا قادرين على علاجه بالمضادات الحيوية الفعالة وإعطاء هذه المضادات للأشخاص الذين نشتبه بتعرضهم للمرض لمنع إصابتهم به».

الطاعون الدبلي ما يزال موجودًا، لكن لا حاجة إلى القلق - أعلنت وزارة الصحة الصينية عن اكتشاف إصابة جديدة بالطاعون الدبلي - الموت الأسود

انتشار الطاعون:

الطاعون الدبلي هو عدوى خطيرة تصيب الجهاز اللمفاوي، تسببها بكتيريا تسمى «اليرسينيا الطاعونية» أو Y. Pestis. تنتقل هذه البكتيريا بواسطة البراغيث أو الحيوانات المُصابة مثل القوارض والسناجب والأرانب البرية، التي تنقل المرض إلى البشر عند عضِّهم أو خدشهم.

ويسبب الطاعون أعراضًا مختلفة منها:

  •  حمى.
  •  تقيؤ.
  •  نزيف.
  •  فشل الأعضاء الحيوية.
  •  قروح مفتوحة.

وتضيف كاباجودا: «قد تنتشر العدوى إن لم تُعالَج فورًا في المجرى الدموي وتؤدي إلى إنتان دموي أو طاعون إنتاني». وقد تسبب البكتيريا الالتهاب الرئوي أو الطاعون الرئوي عندما تصيب الرئتين.

يؤدي الطاعون الدبلي -إن لم يُعالَج – إلى وفاة 60% من المصابين به بحسب منظمة الصحة العالمية. لكن نسبة الإصابة بالعدوى تنخفض كثيرًا إن لم يحدث تلامس مع أحد الحيوانات المُصابة.

يُعد مرض الطاعون من الأمراض النادرة جدًا، إذ يُصاب به بضعة آلاف من الناس سنويًا في كل أنحاء العالم معظمهم في أفريقيا والهند وبيرو، تشهد الولايات المتحدة سبع حالات إصابة سنوية فقط، وغالبًا ما تظهر هذه الحالات في ولايات جنوب غرب البلاد مثل أريزونا وكاليفورنيا وكولورادو ونيومكسيكو وتكساس، حيث تنقل القوارض البرية بكتيريا المرض.

تقول كاباجودا: «تنتقل العدوى بين القوارض البرية في مناطق معينة من الولايات المتحدة، وهذه المناطق ذات كثافة سكانية منخفضة، وهذا ما يقلل من فرص احتكاك البشر بالبراغيث أو الحيوانات التي تحمل الطاعون».

ومن الأسباب الأخرى لنُدْرة الطاعون هي أن البكتيريا المسببة له لا تعيش طويلًا في ضوء الشمس. يقول دكتور روبرت جلاتر طبيب الطوارئ في مستشفى لينوكس هيل: «تقتل أشعة الشمس بكتيريا اليرسينيا الطاعونية بسهولة، تبقى البكتيريا حية بعد إطلاقها في الهواء مدة تصل إلى ساعة بحسب الظروف الجوية، ولا يمكن انتقال الطاعون الدبلي أو الإنتاني بين البشر».

وقد ينتقل الطاعون الرئوي بين البشر عندما ينشُر المريض الرذاذ الملوث بالبكتيريا عند العطس. يضيف جلاتر: «يقل احتمال انتقال العدوى من شخص إلى آخر لأن ذلك يحدث عند الاحتكاك القريب أو المباشر مع شخص مصاب بالعدوى».

الطاعون الدبلي قابل للعلاج:

على عكس وباء الطاعون الدبلي الذي حل بأوروبا، طاعون اليوم قابل للعلاج في معظم حالاته؛ إذ يمكن علاجه بنجاح باستخدام المضادات الحيوية التي خفَّضت نسب الوفيات إلى 11%، ويصبح مفعول المضادات الحيوية في أفضل حالاته عند إعطائها للمرضى خلال 24 ساعة من ظهور أول الأعراض، وقد يحتاج المرضى إلى الأكسجين أو السوائل الوريدية أو أن يُوضَعوا على أجهزة التنفس في حالات الإصابة الشديدة.

تقول كاباجودا: «من الضروري إعطاء العلاج مبكرًا لأن تأخير إعطاء المضادات الحيوية يزيد من خطر الوفاة». تُعطى المضادات الحيوية الوقائية أيضًا للأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض الطاعون بعد، لكنهم كانوا على اتصال بأشخاص أو حيوانات مصابة.

لا يوجد إذن داعٍ للقلق لأن الطاعون لن يعود ثانية، وإن عاد فلدينا المعرفة والموارد التي تساعدنا على مواجهته.

الخلاصة:

تصدَّرت حالات الطاعون التي وُجِدت في الصين عناوين الأخبار، لكن خبراء الطب والصحة ينفون إمكانية حدوث وباء طاعون جديد؛ فالطاعون اليوم مرض يسهل علاجه والوقاية منه.

اقرأ أيضًا:

الطاعون أو الموت الأسود : ما هو، وهل اختفى حقًا؟

لقد كنا مخطئين باتهام الفئران بنشر مرض الطاعون!

ترجمة: علياء أحمد

تدقيق: وئام سليمان

المصدر