يُعَد فولتير -مؤلف الرواية الهجائية القصيرة كانديد- أحد أعظم كتاب عصر التنوير في فرنسا عالميًا.

من هو فولتير ؟

أسس فولتير نفسه كاتبًا من أشهر كتاب عصر التنوير. تتضمن أعماله المشهورة المسرحية المأساوية «زائير» والدراسة التاريخية «عصر لويس الرابع عشر» والرواية الهجائية القصيرة «كانديد». سجنته السلطات الفرنسية مرتين وقضى عدة سنوات في المنفى بسبب نزاعه شبه الدائم معها على خلفية أعماله الدينية والسياسية.

مات بعد فترة قصيرة من عودته إلى باريس عام 1778.

حياته المبكرة

وُلِد فولتير فرانسوا-ماري أرويت لعائلة ثرية في الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1694 في باريس، بفرنسا. كان أصغر أطفال فرانسوا أرويت وماري مارغريت دومارت الخمسة. توفيت والدته عندما كان في السابعة. وبعيد وفاتها، تقرب فُولتير أكثر من عرابه (أبيه في العماد) صاحب الفكر المتحرر.

في عام 1704، التحق فولتير بكلية لويس لو غراند، وهي مدرسة ثانوية يسوعية في باريس حيث تلقى هناك تعليمًا كلاسيكيًا تقليديًا وبدأت بشائر موهبته في الكتابة تظهر.

المعتقدات والفلسفة

باتباعه لفلاسفة عصر التنوير أمثال إسحاق نيوتن وجون لوك وفرانسيس بيكون، وجد فُولتير الإلهام في مُثُلِهم الخاصة عن المجتمع الحر والليبرالي، إضافةً إلى حرية الدين والتجارة الحرة.

وبتماشيه مع مفكري عصر التنوير الآخرين، كان فولتير ربوبيًا مؤمنًا بالله، ليس بالإيمان -تبعًا له- وإنما بالإدراك والعقل. نظر فُولتير إلى تسامح الأديان نظرةً إيجابيةً متساويةً، مع أنه قد يكون شديد النقد للمسيحية واليهودية والإسلام.

مدح فولتير الديانة الهندوسية، فقد كان نباتيًا ومدافعًا عن حقوق الحيوانات مصرحًا أن الهندوس شعب مسالم وبريء، وغير قادر على إيذاء الآخرين أو الدفاع عن نفسه.

سيرة حياة فولتير.. الفيلسوف الفرنسي الشهير - واحد من أشهر الفلاسفة الفرنسيين - أشهر كتاب عصر التنوير - أحد أعظم كتاب عصر التنوير في فرنسا

الأعمال الرئيسية

كتب فولتير الشعر والمسرحيات والأعمال التاريخية والفلسفية أيضًا. يتضمن شعره الأشهر قصيدة «هينريد» عام 1723 و«خادمة أوليانز» التي بدأ كتابتها عام 1730، لكنه لم ينهيها.

من بين أوائل وأشهر مسرحيات فُولتير نجد مسرحية الكاتب الإغريقي القديم سوفوكليس «أوديب» التي عدل عليها فُولتير ونقحها، وعُرضت لأول مرة عام 1718. تبع ذلك سلسلة من المسرحيات الدرامية المأساوية ألفها فُولتير نذكر منها «ماريامن» عام 1724.

كانت مسرحيته «زائير» عام 1732 -المكتوبة بأسلوب شعري- خروجًا عن أعماله السابقة، فحتى تلك اللحظة ركز فُولتير في مسرحياته المأساوية على “العيب القاتل” في شخصية البطل، لكن نجد في «زائير» أن المأساة كانت نتيجة الظروف. بعد «زائير» استمر فولتير في تأليف المسرحيات ذات الطابع المأساوي، مثل «ماهوميت» عام 1736 و «نانين» عام 1749.

تتضمن حصيلة فولتير من الكتابة أيضًا أعمالًا تاريخيةً مشهورةً، منها: «عصر لويس الرابع عشر» عام 1751 و«مقالة عن عادات وهِمَّة الأمم» عام 1756.
أخيرًا اتخذ فولتير منحىً فريدًا لتعقب وتتبع تقدم حضارة العالم، ذلك بالتركيز على التاريخ الاجتماعي والفنون.

كانديد

أخذت أعمال فُولتير الفلسفية المشهورة شكل القصص القصيرة مثل «مايكروميغس» عام 1752 و«حلم أفلاطون» عام 1756 والرواية الهجائية القصيرة أيضًا «كانديد» عام 1759 التي تُعد أعظم عمل لفولتير. تزخر «كانديد» بأسلوب المحاكاة التهكمية الساخرة الدينية الفلسفية، وفي النهاية ترفض الشخصيات التفاؤل. إلى الآن هناك جدل كبير حول احتمالية تصريح فُولتير باعتناق فلسفة تشاؤمية أو إن كان يحاول تشجيع الناس على الانخراط والمشاركة بنشاط من أجل تحسين المجتمع.

نشر فولتير مزيدًا من الأعمال الفلسفية عام 1764 التي تلقى الثناء والتهليل عليها مثل «فلسفة القواميس» والقاموس المعرفي الذي اعتنق مفاهيم عصر التنوير ورفض أفكار الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

الاعتقالات والنفي

نُفِيَ فولتير عام 1716 إلى تول بسب سخريته من الدوق دو أورليان، وعاد إلى باريس عام 1717 ليُعتقَل مجددًا ويُنفى إلى سجن الباستيل لسنة بتهمة كتابة شعر تشهيري وقذفي. أُرسِل فولتير إلى سجن الباستيل مرةً أخرى عام 1726 بسبب جداله ومشاجرته مع شوفاليير دي روهان -نبيل فرنسي اسمه غاي أوغست دي روهان- لكنه هذه المرة احتُجِز لفترة وجيزة فقط قبل نفيه إلى إنجلترا حيث بقي هناك نحو ثلاث سنوات.

أغضب إصدار فولتير ونشره «رسائل في الإنجليزية» الحكومة والكنيسة الفرنسية، ما أجبر الكاتب على الهرب إلى المراعي الأكثر أمانًا. قضى فولتير السنوات الخمس عشرة التالية مع حبيبته إميلي دي شاتيليه في منزل زوجها في كلي-سير-بليز.

وفات فُولتير

انتقل فولتير إلى بروسيا عام 1750 بوصفه فردًا في بلاط فردريك الأعظم وقضى السنوات اللاحقة في جنيف وفيرني. بحلول عام 1778 اعتُرِف بفولتير رمزًا من رموز عصر التنوير التقدميين، وتلقى ترحيب الأبطال عند عودته إلى باريس. توفي هناك بعد فترة قصيرة في الثلاثين من مايو عام 1778.

إرث فُولتير

أسس الباحث والكاتب ثيودور بيستيرمان متحفًا عام 1952 مكرسًا لفولتير في مدينة جنيف. لاحقًا شرع بيستيرمان بكتابة كتاب عن سيرة حياة موضوعه المفضل (فولتير)، وبعيد موته عام 1976 آلت مؤسسة فولتير إلى جامعة أوكسفورد بصورة دائمة.

استمرت المؤسسة بالعمل من أجل جعل نتاج الكاتب الخصيب متاحًا للعامة، ولاحقًا أُعلِن أن الأعمال الكاملة لفولتير في أوكسفورد، الطبعة الأولى الحصرية والمفصلة من روايات فولتير ورسائله ستتوسع إلى 220 مجلدًا بحلول عام 2020.

في نوفمبر عام 2017 وخلال حدث على ما يبدو أنه كان من أجل الاحتفال بعيد ميلاد فولتير الـ 223، شرح مدير المؤسسة نيكولاس كرونك كيف أن الكاتب المشهور وظف أمورًا خاطئةً وغير دقيقة من أجل لفت الانتباه، فقد قدّم فولتير تواريخ مختلفةً لولادته، وكذب حول هوية والده البيولوجي.

اقرأ أيضًا:

مجتمع ما بعد الجائحة: الآثار المجتمعية وعواقب الأوبئة الماضية

الفينيقيون: من هم؟ وأين عاشوا؟

ترجمة: طارق العبد

تدقيق: رزوق النجار

المصدر