يُعَد ‌كوكب‌ ‌المريخ‌ كوكبًا شبيهًا بالأرض في بعض النواحي مثل صغر حجمه نسبيًا وطبيعته الصخرية وامتلاكه ‌غلافًا‌ جويًا ‌وملامح‌ ‌جيولوجية‌ ‌واضحة، وباستطاعتنا معرفة ‌تركيب‌ ‌صخوره ودراسة‌ ‌أنماط‌ ‌طقسه‌ ومعرفة ‌النشاط‌ ‌الزلزالي‌ ‌فيه. لكنه يختلف عن الأرض في كثير من النواحي أيضًا، ويبدو هذا واضحًا في الصور التي التقطتها له جوالات الكوكب الأحمرMars Rovers والمركبات الدوارة orbiters، فالظواهر التي نراها عادية على كوكب الأرض تبدو لنا على المريخ مدهشة تخطف الأنفاس.

إليكم بعض الصور الرائعة التي تُظهِر غرابة كوكب المريخ وجماله:

فوهة‌ ‌بركانية‌ ‌مليئة‌ ‌بالثلج‌:

هذه فوهة بركان كوروليف الواقع بالقرب من الغطاء الجليدي القطبي وقد التُقِطت هذه الصورة من قبل المرصد الدائري إكسبريس التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، يبلغ عرض الفتحة 81.4 كيلومترًا وتمتلئ بالثلوج على مدار العام.

عندما يتحرك الهواء فوق هذه الفتحة يصبح باردًا ثم ينزل إلى الأسفل، ما يؤدي إلى تشكل طبقة من الهواء البارد تقع قريبًا جدًا من سطح الجليد وتعمل بمثابة عازل حراري يحمي الجليد من الهواء الساخن ويمنع ذوبانه، لأن الناقلية الحرارية للهواء ضعيفة.

تبلغ ثخانة القبة الجليدية 1.8 كيلومترات ويزيد قطرها عن 60 كيلومترًا بحجم يبلغ نحو 2200 كيلومتر مكعب، وهي مساحة ليست كبيرة بالمقارنة مع القارة القطبية الجنوبية مثلًا، لكنها أكثر مما نتوقع بالنسبة لهذا الكوكب الجاف.

كسوف جزئي للأقمار:

رابط يوضح الكسوف الجزئي لأحد الأقمار

لدينا مفارقة مدهشة على كوكب الأرض، إذ إن نسبة المسافة بين الأرض والقمر إلى المسافة بين الأرض والشمس تساوي تقريبًا نسبة حجم القمر إلى الشمس، وهذا يعني أن مرور القمر أمام الشمس يحجبها كليًا مؤديًا إلى حدوث كسوف كلي للشمس.

أما على المريخ فعندما يمر أحد أقماره أمام الشمس يبدو صغيرًا جدًا، ويظهر الكسوف وكأنه عملية مرور عابرة أمام الشمس، وقد رصدت إحدى المركبات التابعة لوكالة ناسا أكثر من عملية عبور كهذه لأقمار فويوس وديموس (وهما من أقمار كوكب المريخ) وكان الأمر أشبه بظلال تتطاير عبر السماء.

شعار ستار فليت على المريخ:

أغرب الصور التي التقطت لكوكب المريخ حتى الآن - بعض الصور الرائعة التي تظهر غرابة كوكب المريخ وجماله - فوهة‌ ‌بركانية‌ ‌مليئة‌ ‌بالثلج‌

انتشرت هذه الصورة انتشارًا مخيفًا العام الماضي لتشابهها الواضح مع شعار ستار فليت من فيلم ستار تريك، لكن سهول «هيلاس بلانتينا» في المريخ مليئة بمثل هذه العلامات على شكل حرف V، وتُعرَف باسم «كثبان الأشباح» التي شكَّلتها الحمم البركانية القديمة.

كانت الحمم البركانية منذ زمن بعيد تزحف بحرية على سطح المريخ حيث تنتشر الكثبان الرملية على مد الأفق. تدفقت الحمم البركانية حول هذه الكثبان وأخذت شكلها، ثم تطايرت الرمال بفعل الرياح ولم يبق إلا الحمم البركانية محيطة بالمواقع السابقة للكثبان الرملية التي لم تعد موجودة.

الفوهة الغريبة:

هذا الشكل غريب حتى بالنسبة لكوكب المريخ، إذ يبدو على هيئة جبل مخروطي مع ثقب في قمته وهو مع هذا مجوف تمامًا من الداخل، يقع هذا الشكل على جانب بركان درعي عملاق، ويعرف باسم «نافذة أنبوب الحمم» وهذه النافذة مجوفة لأن دفقات الحمم البركانية تتصلَّب أحيانًا على السطح ويستمر تدفقها في الأسفل.

وقد تقل الحمم المتدفقة ثم تتلاشى تاركةً وراءها أنابيب الحمم هذه، وقد ينهار جزء من أسطح هذه القنوات مخلفًا وراءه نافذة تطل على القناة.

وأنبوب الحمم هذا أكبر بكثير من أي من أنبوب حمم آخر على الأرض، وشكل نافذته المخروطي غريب أيضًا، وما يزال سبب تشكله وطريقته غامضًا.

الانفجار العظيم:

يُعد المريخ مقارنة بكوكب الأرض بؤرةً حقيقية للفوهات البركانية، إذ لا يوفر له غلافه الجوي الرقيق الحماية التي يوفرها غلافنا للأرض، بالإضافة إلى تساقط الكثير من الصخور الفضائية على سطحه، وحدث تصادم ضخم في الفترة ما بين سبتمبر 2016 وفبراير 2019 لا يشبه أي شيء حدث على كوكب الأرض من قبل.

حُسِّنت ألوان الصورة السابقة قليلًا لإظهار موجة التصادم، إذ نسف الاصطدام الغبار السطحي ليكشف عن الطبقة الداكنة تحته، وتُعد الحفرة التي خلَّفها صغيرةً نسبيًا إذ يتراوح عرضها بين 15 و16 مترًا ويدل هذا على أن عرض الجسم المُصطدِم لم يزد عن 1.5 مترات لكنه كان شديد الكثافة. لا يصل مثل هذا الجسم إلى سطح الأرض أبدًا لأن الغلاف الجوي للأرض يحرقه ويفتته قبل أن يصطدم بالأرض.

غروب الشمس في المريخ:

أغرب الصور التي التقطت لكوكب المريخ حتى الآن - بعض الصور الرائعة التي تظهر غرابة كوكب المريخ وجماله - فوهة‌ ‌بركانية‌ ‌مليئة‌ ‌بالثلج‌

يميل لون سماء المريخ في العادة إلى اللون البني، مثلما تظهر في الكثير من الصور التي التقطتها جوالات المريخ، لكنَّ أمرًا غريبًا يحدث عندما تشرق الشمس وتغرب على الكوكب، فبدلًا من لون السماء الأحمر المعتاد لغروب الشمس على الأرض، يتحول لون سماء المريخ إلى اللون الأزرق الجميل.

تتعلق هذه الظاهرة بالجسيمات الموجودة في الغلاف الجوي للمريخ، إذ تبدد جسيمات الغاز الأصغر حجمًا الموجودة في غلافنا الجوي الضوء الأزرق بفعالية أكبر.

عندما تكون الشمس عموديةً فوق رؤوسنا تبدو السماء زرقاء، أما في الشروق والغروب فيستغرق الضوء وقتًا أطول في الغلاف الجوي ليصل إلينا، ولا تستطيع إلا الأطوال الموجية للضوء الأحمر قطع هذه المسافة في الغلاف الجوي، وهذا ما يجعل السماء تبدو صفراء وبرتقالية وحمراء.

أما في المريخ فيكون الغلاف مليئًا بجسيمات الغبار وهي جسيمات صغيرة لكنها أكبر بكثير من جسيمات الغاز، وتبدد الضوء الأحمر بدلًا من الأزرق، وتنعكس لذلك ألوان السماء.

تعرية معقدة:

تُظهر هذه الصور الرائعة Juventae Chasma وهو واد محفور في سطح المريخ بطول 250 كيلومترًا. نستطيع ملاحظة حفر مميزة الشكل في داخله، بالإضافة إلى الكثير من المعالم المدهشة مثل قنوات المجاري المعكوسة التي بقيت بعد تآكل الأراضي المنخفضة المحيطة بها وهذا ما جعل القنوات ترتفع عما حولها.

توجد أيضًا حفر وثقوب تكشف عن طبقات مميزة، تشبه طبقات الصخور الرسوبية على الأرض التي تعريها الرياح، لا نعلم بالضبط كيف نشأت هذه الطبقات في المريخ ولكنها منتشرة في الكوكب وموجودة في أنواع مختلفة من التضاريس.

قطرات مطر رملية:

أغرب الصور التي التقطت لكوكب المريخ حتى الآن - بعض الصور الرائعة التي تظهر غرابة كوكب المريخ وجماله - فوهة‌ ‌بركانية‌ ‌مليئة‌ ‌بالثلج‌

مضى وقت طويل جدًا منذ هطلت الأمطار على المريخ، وهذا هو سبب وجود الكثير من الكثبان الرملية على شكل قطرات المطر في فتحة كوبرنيكوس. هذه الكثبان غنية بمعدن يسمى أوليفين، ويتألف من سيليكات حديد المغنيزيوم التي توجد في الصخور البركانية وهو أكثر المعادن شيوعًا في وشاح الأرض.

لكن هذا المعدن لا يوجد على سطح الأرض لأنه يتحلل بسرعة خاصة في الأجواء الرطبة فيتحول إلى صلصال، ولأن مناخ المريخ جاف جدًا تبقى كثبان الأوليفين على السطح فترات طويلة.

اقرأ أيضًا:

حجر نيزكي قديم هو دليلنا الكيميائي الأول للحمل البركاني على المريخ

ربما احتوى المريخ في الماضي على خزانين عملاقين للماء على عمق كبير

ترجمة: يزن باسل دبجن

تدقيق: وئام سليمان

مراجعة: آية فحماوي

المصدر