تسلط دراسة حديثة للحمض النووي الضوء على فظائع تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، بدايةً من مخلفات الاغتصاب التي يمكن رؤيتها في جينات اليوم إلى كيفية فتك الأمراض ببعض المجموعات التي أجبرت على العمل في ظروف قاتلة، على سبيل المثال ربما ينقص تمثيل الحمض النووي من منطقة أفريقية ما في الولايات المتحدة لأن عبيدًا كثرًا من هناك قد ماتوا بسبب الملاريا في المزارع الأمريكية.

نُشرت نتائج الدراسة في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية، التي جمعت بيانات وراثية من 50،000 مشارك موافق على البحث من جانبي المحيط الأطلسي، وبمطابقة هذه البيانات مع سجلات مفصلة من سفن الرقيق التي نقلت 12.5 مليون رجل وامرأة وطفل بين عامي 1515 و1865، توفي منهم نحو مليونين في الرحلة.

قال ستيفن ميشيليتي اختصاصي علم الوراثة السكانية في 23andMe الذي جند أغلب المشاركين لوكالة فرانس برس: «أردنا مقارنة نتائجنا الوراثية ببيان النقل البحري الفعلي لنرى كيف اتفقوا وكيف اختلفوا»، وأضاف: «وفي بعض الحالات نرى أنهم يختلفون بشكل لافت للنظر».

ووجد الباحثون أنه في حين أن المساهمات الوراثية للسكان الأفارقة الأصليين تتوافق بشكل كبير مع ما توقعوه بناءً على السجلات التاريخية؛ إلا أن هناك استثناءات؛ فمثلا معظم الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي لديهم جذور في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ تجد ذلك متماشيًا مع الخط الرئيس لرحلة الرقيق، لكن الأصول النيجيرية تمثلت بشكل مفرط في الأمريكيين الأفارقة في الولايات المتحدة، ربما بسبب تجارة الرقيق داخل القارة التي جلبتهم من منطقة الكاريبي.

دراسة للحمض النووي تكشف التاريخ المروع لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي - فظائع تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلنطي - بيانات وراثية

في المقابل الصلات الوراثية بين الأمريكيين من أصل أفريقي ومنطقة سنغامبيا كانت أقل مما هو متوقع نظرًا لعدد الأشخاص الذين نزلوا على متن سفن تجارة الرقيق في أمريكا الشمالية، وقال ميشيليتي: «لأن السنغامبيين كانوا عادة مزارعي أرز في أفريقيا، كثيرًا ما نقلوا إلى مزارع الأرز في الولايات المتحدة»، وكانت هذه المزارع متفشية بالملاريا وبها معدلات وفيات عالية ما أدى إلى انخفاض التمثيل الوراثي لسنغامبيا في الأمريكيين الأفارقة اليوم.

التبييض العنصري:

كانت للحكومة وممارسات ملاك الرقيق تأثير هائل على علم الوراثة الأفريقي أيضًا، بالرغم من حقيقة أن أكثر من 60٪؜ من الرقيق الذين جلبوا إلى الأمريكتين كانوا رجالًا، تكشف مقارنات علم الوراثة عن تحيز قوي تجاه مساهمات المرأة الأفريقية في مجموعة الجينات الحديثة لشعوب الموروث الأفريقي في جميع أنحاء المنطقة، يمكن أن يُعزى الكثير من هذا إلى اغتصاب النساء الأفريقيات المستعبدات من قبل الرجال البيض إضافة إلى أشكال أخرى من الاستغلال الجنسي مثل الوعد بالحرية إذا أنجبن ما يكفي من الأطفال.

وأظهرت الدراسة الجديدة أن الخلل أكثر وضوحًا في أمريكا اللاتينية، حيث نزل 70٪؜ من الرقيق الذين نجوا من رحلات السفن مقارنة بالولايات المتحدة.

في الولايات المتحدة قام ملاك الرقيق بتشجيع التزواج بين الرقيق لضمان أن أطفالهم سيشكلون الجيل القادم من موارد العمل القسري، وفي دول مثل البرازيل وكوبا، طبقت الحكومات في القرن العشرين سياسات الهجرة والتي شملت النساء من أصل أفريقي المتزوجات من البيض.

سياسات التبييض هذه كان المقصود بها تطهير السود نحو نموذج مفترض من البياض.

قال ميشيليتي: «لدينا بعض المناطق التي تُظهر بشكل أساس 17 امرأة إفريقية توجد أمام كل رجل أفريقي ولم نتوقع أبدًا أن تكون النسبة عالية»، أما في المستعمرات البريطانية بالأمريكتين فتجد النسبة أقرب إلى 1.5 أو امرأتين أفريقيتين لكل رجل أفريقي يسهم في تجميعة الجينات.

وجد الباحثون أيضًا أدلة على الاختلاط المتكرر بين الرقيق من السكان الأصليين والرقيق الأفارقة في أمريكا اللاتينية وهو ما أظهر العمل السابق أنه ينطبق على الولايات المتحدة.

قال الباحثون إنهم يريدون مساعدة ذوي الأصول الأفريقية في العثور على جذورهم؛ ويريدون أيضًا فهم التجارب التاريخية التي شكلت جيناتهم اليوم.

اقرأ أيضًا:

العثور على نوع منقرض من البشر في الحمض النووي لسكان غرب إفريقيا المعاصرين

ترجمة: منذر جمال الدين

تدقيق: محمد الصفتي

المصدر