السكوبوفوبيا هي خوفٌ مُفرط من النظرات. من الطبيعي أن تشعر بالقلق أو الارتباك في مواقف تكون فيها محط الاهتمام مثل أداء مسرحي أو الحديث على المَلَأ. إلا أن السكوبوفوبيا تتخطى ذلك إلى أن يبدو الأمر وكأنك مُراقَب. فالخوف هنا زائد عن حدّه -مثل أنواع الرُهاب الأخرى-. وفي الحقيقة، قد يشتد القلق إلى الحد الذي يمنعك معه من الأداء في المواقف الاجتماعية مثل المدرسة والعمل.

الترابط مع اضطراب القلق

يعاني المصابون بالسكوبوفوبيا في معظم الحالات أشكالًا أخرى من القلق الاجتماعي. فقد رُبِطت السكوبوفوبيا مع اضطراب القلق الاجتماعي (Social Anxiety Disorder SAD)، واضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder ASD).

وأشار الأطباء في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن بعض من يعانون أمراضًا عصبية مثل متلازمة توريت والصرع قد يصابون برهابات اجتماعية ناجمة ربما عن الانتباه الذي تجلبه هذه الأمراض. وقد تحدث الرُهابات الاجتماعية نتيجة حدث مؤلم مثل التنمر أو حادث أثّر في شكلك الخارجي.

الأعراض

تتفاوت أعراض السكوبوفوبيا في حالة الشدة من شخص لآخر. وإذا ما أُصِبت فجأة بنوبة سكوبوفوبيا فستظهر عليك أي من الأعراض التالية التي تترافق مع القلق:

  •  جَزَع مفرط.
  •  الاحمرار خجلًا.
  •  تسارع دقات القلب.
  •  تعرق أو ارتعاد.
  •  جفاف الفم.
  •  صعوبة في التركيز.
  •  تململ ونوبات هلع.

■ ملحوظة حول الاحمرار خجلًا: يعاني بعض المصابين بالسكوبوفوبيا رهابًا اجتماعيًّا آخر تجاه أحد أعراض السكوبوفوبيا وهو الاحمرار خجلًا. ويُدعى الخوف من الاحمرار بالإيرثروفوبيا (Erythrophobia).

كيف تؤثّر السكوبوفوبيا في حياتك؟

قد تدفعك السكوبوفوبيا إلى تجنب المواقف الاجتماعية وحتى التجمعات الصغيرة مع أناس تعرفهم. وسيؤدي رهاب النظرات عند اشتداده إلى تجنب اللقاءات وجهًا لوجه مثل عيادة الطبيب أو الاجتماع مع مدرّس ابنك في المدرسة أو استخدام وسائل النقل العام. وإن كنت جَزعًا للغاية من المراقبة فإن ذلك سيقيد حياتك العملية والعاطفية، وقد يضيّع عليك فرصًا للسفر أو التحصيل العلمي.

تجنّب التواصل بالعيون – ولماذا يعد التواصل بالعينين مهمًا؟

يشير التواصل بالعينين عند بعض الفصائل الحيوانية إلى العدوانية. لكنه عند البشر يحمل الكثير من المعاني الاجتماعية المعقدة.

فقد يدل على أن الشخص مصغٍ إليك بكليّته. أو يظهر أن دورك في الكلام قد حان.

يعطي التواصل بالعيون طيفًا واسعًا من المشاعر خاصةً إن قرأت التعبير المرتسم في عيني الشخص في سياق باقي تعبيرات وجهه ونبرة صوته ولغة جسده. لكن إن كنت مصابًا بالسكوبوفوبيا فمن الممكن أن يتشوه إدراكك لنظرات العيون والتلميحات الوجهية.

السكوبوفوبيا (رهاب المرأى): عندما تتحول التحديقات إلى رهاب - رهاب يخاف المصابون فيه من نظرات التحديق تجاههم - اضطراب القلق الاجتماعي

استقصى الباحثون كيفية تأثير القلق الاجتماعي على قدرة الناس في القراءة الدقيقة لمنحى نظرات الآخرين، وما قد تعنيه تعبيرات وجوههم. وإليك بعض الاستنتاجات:

الوعي بوجهة البصر المخروطية:

عند وجود شخص ما في مجال رؤيتك فمن الطبيعي أن تلاحظ الوجهة العامة التي يتطلع إليها. وأشار الباحثون إلى هذا الوعي بوجهة البصر المخروطية. وقد يكون مخروطك البصري أوسع من المعتاد إن كنت تعاني القلق الاجتماعي. فيبدو الأمر وكأن الشخص يحدّق فيك مباشرة في حين أنه ينظر باتجاهك العام. وقد تشعر أنه يقيمك أو يحاكمك. ويشتد الشعور الكريه الناجم عن النظرات عند وجود أكثر من شخص واحد في مجالك البصري.

وتفحّص الباحثون في دراسة عام 2011 مدى اعتقاد المصابين باضطراب القلق الاجتماعي أن شخصًا قريبًا يحدق إليهم وليس إلى وجهتهم العامة. وأظهرت الدراسة ميل المصابين باضطراب القلق الاجتماعي لامتلاك حسٍّ مُضخَّم أنهم موضع انتباه وذلك فقط عند تواجد شخص آخر.

 الشعور بالتهديد:

أظهرت العديد من الدراسات أنه عند تأكد أحد المصابين بالقلق الاجتماعي من وجود من ينظر إليهم، فإنهم يعتبرونه تهديدًا لهم. وتتنشط مراكز الخوف في الدماغ خاصةً عندما تبدو تعبيرات وجه الشخص محايدةً أو غاضبةً.

لكن توجد ملاحظة مهمة: قد لا تتمكن من قراءة التعبيرات الوجهية المحايدة بدقة إن كنت مصابًا بالقلق الاجتماعي. ولاحظ الباحثون أن القلق الاجتماعي قد يؤدي إلى تجنب النظر في عيون الآخرين وتركيز الرؤية على معالم الوجه الأخرى.

ويؤثر الميول إلى تجنب التواصل بالعينين في المصابين باضطراب طيف التوحد والفُصام. ويزداد احتمال إساءتك تقدير مزاج الشخص وتعبيراته أو نيته إن لم تتلقَ تلميحات ذات أهمية من عينيه.

وأظهرت الدراسات أيضًا أن القلق الاجتماعي قد يؤدي إلى التمحيص الزائد في وجوه الآخرين بحثًا عن أي لمحة لشعور سلبي وهي عادة تُدعى باليقظة المفرطة hypervigilance. ويميل الأشخاص الذين يمتلكونها إلى التعرف الجيد على علامات الغضب دون المشاعر الأخرى. أما الجانب السلبي لليقظة المفرطة هو أنه قد يخلق تحيّزًا إدراكيًا يدفعك إلى استشعار الغضب في التعبيرات المحايدة. ويزيد بحثك المضني عن أي علامة على الغضب أو الضيق من إيمانك أن مشاعر الناظر إليك سلبية، حتى إن لم تكن كذلك!

كيف تتعامل مع السكوبوفوبيا؟

إن كنت تعاني السكوبوفوبيا فمن المفيد إدراكك أن نحو 12% من البالغين قد عانوا أحد أشكال اضطراب القلق الاجتماعي.

العلاج المعرفي السلوكي:

ينصح المعهد الوطني للصحة العقلية بنوعين من العلاج للراغبين بالشفاء من الرهاب الاجتماعي:

  •  قد يساعدك العلاج المعرفي مع اختصاصي بالصحة النفسية في إدراك أنماط التفكير السقيمة في أرومة الرهاب. ما يمكنك من تغيير كل من أفكارك وسلوكك على مر الزمن.
  •  يساعدك العلاج بالتعرض مع معالج في مواجهة المواقف التي تثير قلقك تدريجيًا. ما يسمح لك معاودة الانخراط في المناحي التي كنت تتحاشاها.

 العلاج الدوائي:

قد يلطّف العلاج الدوائي بعض أعراض القلق. استشِر طبيبك لمعرفة هل تستجيب أعراضك على الوصفات الدوائية أم لا.

 سُبُل العون:

قد تساعدك الرابطة الأمريكية للاكتئاب والقلق في إيجاد مجموعات الدعم في منطقتك. وإن اعتقدت أنك أُصِبت بالسكوبوفوبيا نتيجةً لأعراض مرئية لحالة صحية مثل الصرع، فقد تحصل على العون باللجوء إلى《صندوق عدّة》وإرشادات بناء المجتمع من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).

 استراتيجيات سريعة

إذا استشعرت تعاظم قلقك جراء نوبة سكوبوفوبيا، بإمكانك اتخاذ بعض التدابير العملية الذاتية لتهدئة نفسك:

  •  أغلق عينيك لتقليل التحفيز الوارد من المحيط.
  •  تدرب على التنفس العميق والبطيء.
  •  اشعر بجسدك واغمر نفسك بحركة فيزيائية مستمرة.
  •  أرِح كل جزء من جسدك على حدى.
  •  اخرج في نزهة رغيدة إن أمكنك.
  •  تخيّل مكانًا مريحًا تشعر فيه بالراحة والأمان.
  •  ذكّر نفسك أن القلق إلى زوال.
  •  استعِن بشخصٍ تثق به لمساعدتك.

الخُلاصة

السكوبوفوبيا هي الخوف المفرط من النظرات وتترافق أحيانًا مع أشكال أخرى للقلق الاجتماعي.

قد تشعر خلال نوبة السكوبوفوبيا بتورد في الوجه أو تسارع في دقات القلب أو تأخذ في التعرق والارتعاد.

قد تلجأ إلى تحاشي المواقف الاجتماعية التي تحرض السكوبوفوبيا لأن أعراضها مزعجة. يتعارض هذا التحاشي مع علاقاتك وتعليمك وعملك ونواحي أخرى لحياتك اليومية على المدى الطويل.

يفيد العلاج المعرفي والعلاج بالتعريض في تطوير مهارات التكيف، وقد يصف طبيبك أدوية لعلاج الأعراض.

جرّب الاسترخاء خلال نوبة السكوبوفوبيا أو استعِن بشخص داعم ليحمل إليك بعض الفَرَج.

التعامل مع السكوبوفوبيا عسير. لكنك لست وحيدًا، ويوجد العديد من العلاجات الموثوقة لمساعدتك في تدبّر الأعراض وتقريبك إلى تفاعل صحي مع المحيط.

اقرأ أيضًا:

ما هو اضطراب القلق الاجتماعي؟

هل القلق منقذ أم مهلك؟

ترجمة: سِوار قوجه

تدقيق: أيمن الشطي

مراجعة: آية فحماوي

المصدر