يتعرض الرجال والنساء وجميع الناس على اختلاف هوياتهم الجنسية للإصابة بالاكتئاب في مرحلةٍ ما من حياتهم، والاكتئاب حالةٌ خطيرة تؤثر على أفكار المصاب ومشاعره وتصرفاته.

تصاب النساء بالاكتئاب بمعدلاتٍ أعلى من الرجال وفقًا لبياناتٍ واردة إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، لكن يوجد احتمالٌ بقلة تمثيل الرجال ضمن هذه الإحصائيات. قد ينتج ذلك عن خليط من العوامل الاجتماعية والبيولوجية التي تزيد صعوبة ملاحظة وتشخيص الاكتئاب عند الرجال، وقد يشعر الرجال بالضغط الثقافي للتصرف “برجولة” بإخفاء مشاعرهم، ما يؤدي إلى شيوع تظاهر الاكتئاب لديهم بأعراض مختلفة تزداد صعوبة الكشف عنها أحيانًا.

أعراض الاكتئاب الجسدية عند الرجال

مع أن الاكتئاب قد يكون أحد اضطرابات الصحة النفسية فإنه قد يتظاهر بأعراض جسدية كذلك، وقد تكون الأعراض الجسدية أول ما يلاحظه الرجال عند إصابتهم بالاكتئاب.

يستشير معظم الرجال أطباءهم بسبب المشاكل الجسدية أكثر من فعلهم ذلك بسبب مشاكل عاطفية، وتتضمن العلامات الجسدية الشائعة للاكتئاب عند الرجال:

  •  الشعور بضيق في الصدر.
  •  اضطرابات هضمية مثل وجود الغازات أو الإسهال أو الإمساك.
  •  خلل في وظيفة الانتصاب أو اضطرابات جنسية أخرى.
  •  الصداع.
  •  اضطرابات هرمونية مثل انخفاض مستوى التستوستيرون.
  •  الشعور بالألم.
  •  تسرع ضربات القلب أو الشعور بالخفقان.
  •  فقدان وزن غير مقصود وأحيانًا زيادة وزن.

أعراض الاكتئاب النفسية عند الرجال

قد تتظاهر الأعراض النفسية للاكتئاب بشكل مختلف عند الرجال عن غيرهم ما يجعل كشفه أصعب، وقد تتداخل هذه الأعراض مع طريقة التفكير ومعالجة المعلومات لتؤثر بذلك على السلوك والمشاعر.

تتضمن أشيع الأعراض النفسية للاكتئاب عند الرجال:

  •  انعدام القدرة على التركيز
  •  اضطرابات في الذاكرة
  •  أنماط تفكير وسواسية قهرية
  •  تسارع الأفكار
  •  اضطرابات في النوم (صعوبة الغفو أو الاستمرار في النوم عادةً)
  •  وجود الأفكار الانتحارية

أعراض الاكتئاب الانفعالية عند الرجال

يربط معظم الناس كلمة “الاكتئاب” بصورة شخص يبدو عليه الحزن الشديد، لكن الحزن واحدٌ فقط من عدة انفعالاتٍ محتملة يسببها الاكتئاب.

قد يشعر الرجال بالعديد من الأعراض الانفعالية عند إصابتهم بالاكتئاب إضافة إلى الحزن ومنها:

  •  الهياج
  •  العدوانية
  •  الغضب
  •  الانسحاب الانفعالي من مجموعات الأصدقاء والعائلة والزملاء
  •  فقدان الأمل
  •  فقدان الاهتمام بالعائلة والمجتمع المحيط والهوايات والعمل
  •  نقص الشهوة الجنسية
  •  التململ

أعراض الاكتئاب السلوكية عند الرجال

تؤثر الأعراض النفسية والجسدية والانفعالية للاكتئاب عند الرجال على سلوكهم، وغالبًا ما تبدو الأعراض السلوكية أوضح من غيرها للآخرين بسبب مقاومة بعض الرجال الحديث عن مشاعرهم.

عادةً ما تتضمن الأعراض السلوكية للاكتئاب عند الرجال:

  •  صعوبة تحمل المسؤوليات الوظيفية والعائلية وغيرها من المسؤوليات الشخصية
  •  إساءة استعمال العقاقير المخدرة
  •  الإفراط في شرب الكحول
  •  الانخراط في نشاطات خطرة مثل التهور في قيادة السيارة أو ممارسة الجنس غير الآمن
  •  الانعزال الاجتماعي
  •  محاولة الانتحار

لماذا قد يفشل تشخيص الاكتئاب عند الرجال؟

ما يزال هناك بعض الوصم الثقافي والاجتماعي المتعلق بالاكتئاب وخصوصًا عند الرجال رغم زيادة انتشار الحديث حول الصحة النفسية والتعاطف الذي تلقاه.

يفرض المجتمع على الرجال عمومًا دورًا اجتماعيًا يتطلب منهم كبت مشاعرهم على الرغم من معرفتنا أن هذا الفعل غير صحي، وقد يبذل معظم الرجال جهدًا للحفاظ على هذا الدور على حساب سلامتهم العاطفية والجسدية والنفسية.

إضافةً إلى ذلك، يفتقد معظم الرجال القدرة على تمييز العلامات الأقل نموذجيةً للاكتئاب التي يحتمل تظاهرها لديهم أكثر من غيرهم.

لا يطلب بعض الرجال المساعدة أبدًا عند إصابتهم بالاكتئاب لعدم قدرتهم على تمييز علامات إصابتهم، بينما قد يجد بعض الرجال الذين يميزون هذه الأعراض صعوبةً في الحديث عما يمرون به بسبب خوفهم من الأحكام التي قد يطلقها الآخرون عليهم.

ولهذه الأسباب يبدأ معظم الرجال عند ظهور علامات الاكتئاب لديهم بالعمل لساعاتٍ أكثر أو ملء أوقاتهم للبقاء منشغلين بدلًا من مواجهة الاكتئاب نفسه.

تشخيص الاكتئاب وتلقي العلاج يمكن أن ينقذ الأرواح، فمعدلات الانتحار مرتفعة عند الرجال وخصوصًا أولئك الذين أدّوا أو يؤدون خدمتهم العسكرية، ويبلغ أيضًا احتمال إكمال الرجال لمحاولات الانتحار ثلاثة إلى أربعة أضعاف الاحتمال ذاته لدى النساء.

يساعد الاستمرار في طرح الموضوع وبدء النقاش حوله الرجال المصابين بالاكتئاب على معرفة العلامات، فتلقي العلاج يسمح لهم عيش حياتهم بأفضل طريقة ممكنة.

علاج الاكتئاب عند الرجال

تتضمن خطة العلاج في معظم الحالات العلاج النفسي (العلاج بالتحدث) أو العلاج الدوائي أو مزيجًا من النوعين، ويستطيع الطبيب المساعدة في إنشاء خطة علاج شخصية تناسب المريض بأفضل طريقة ممكنة.

يبدأ العديد من الرجال العلاج في الحالات المعتدلة من الاكتئاب بحجز مواعيد مع المعالج النفسي الذي قد يقترح أنوعًا محددة من العلاج مثل:

  •  العلاج المعرفي السلوكي
  •  العلاج بين الأشخاص
  •  العلاج المعتمد على تقنيات حل المشاكل
  •  العلاج النفسي الديناميكي

وقد يُضاف العلاج الدوائي إلى الخطة العلاجية بعد ذلك عند الحاجة.

قد تُوصَف بعض الأدوية فورًا في الحالات الشديدة للمساعدة في تخفيف بعض الأعراض الجسدية والنفسية والانفعالية والسلوكية للاكتئاب مثل الحالات المترافقة بأفكار انتحارية أو بعد محاولات الانتحار.

يشيع استعمال مضادات الاكتئاب مثل باروكسيتين (باكسيل) أو سيرترالين (زولوفت) لعلاج الاكتئاب، لكن قد يقترح العاملون في مجال الرعاية الصحية النفسية أدوية أخرى على أية حال.

يجب الانتباه إلى أن هذه الأدوية غالبًا ما تحتاج إلى عدة أسابيع إلى أشهر لتبدأ بإحداث فرق ملحوظ في طريقة الشعور، وهذا يتطلب الصبر والالتزام الدقيق بخطة العلاج.

في الختام ما يزال العديد من الرجال يجدون صعوبةً في الحديث عن مشاعرهم ضمن مجتمع يحافظ على النظرة التقليدية للرجل رغم زيادة الوضوح والشمولية في طرح مواضيع الصحة النفسية حديثًا.

يصعب أيضًا تحديد أعراض الاكتئاب لدى الرجال التي بدورها تتأثر بالعوامل الاجتماعية ذاتها إضافة إلى بيولوجية الذكر.

تساعد مشاركة المعلومات حول أعراض الاكتئاب عند الرجال على إفساح المجال لحصولهم على رعاية صحية نفسية أكثر تكاملًا، وباتباع العلاج النفسي أو الدوائي أو الاثنين معًا تزيد قدرتنا على السيطرة على الاكتئاب بصفته جزءًا من التجربة الإنسانية.

اقرأ أيضًا:

الاكتئاب غير النمطي: الأعراض والعلاج

هل يستطيع الاكتئاب أن يقتلك؟

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر