حلل الباحثون آثار الميلاتونين في المراهقين والأطفال، ووجدوا أن استخدامه يقلل من أفكار إيذاء النفس لدى الشباب، وخاصةً المراهقات المصابات بالاكتئاب والقلق. وهناك حاجة إلى المزيد من الدراسات؛ لتأكيد هذه النتائج والفوائد المحتملة للميلاتونين على السلامة والصحة النفسية.

تعد اضطرابات النوم مثل الأرق شائعة جدًا بين المراهقين، وخاصةً بين مَن يعانون حالات نفسية محددة.

وفقًا لبعض التقديرات، ينخرط نحو 17٪ من الشباب في سلوك إيذاء النفس. ويوجد حاليًا عدد قليل من العلاجات المدعومة تجريبيًا لعلاج هذه الحالة بين الشباب.

يشير تحليل تلوي حديث إلى أن معالجة السبب الرئيسي الذي يدفع المراهقين إلى إيذاء أنفسهم قد يقلل من حدوثه. لذلك اقترح بعض الباحثون أن علاج مشكلات النوم قد يقلل من إيذاء الشباب لذاتهم.

في السويد، يعد الميلاتونين الدواء الأشيع لعلاج اضطرابات النوم لدى الأطفال والمراهقين. والميلاتونين هو هرمون طبيعي يساعد على الحفاظ على دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية والعمليات البيولوجية الأخرى.

قد يؤدي فهم المزيد عن تأثير الميلاتونين في الأطفال والمراهقين إلى معرفة خيارات العلاج المتاحة؛ لمساعدتهم على التوقف عن إيذاء أنفسهم.

في الآونة الأخيرة، فحص الباحثون مخاطر إيذاء النفس والإصابات غير المتعمدة قبل العلاج بالميلاتونين وبعده لدى الشباب الذين يعانون حالات نفسية أو لا يعانونها. ووجدوا أن علاج الميلاتونين كان مرتبطًا بمستويات أقل من إيذاء النفس، وخاصةً عند المراهقات المصابات بالاكتئاب والقلق.

تقليل مخاطر إيذاء النفس بالميلاتونين

حلل الباحثون في هذه الدراسة بيانات الرعاية الصحية العامة لدى 25575 شاب في السويد بدأوا العلاج باستخدام الميلاتونين، وكانت أعمارهم تتراوح بين 6 و18 عامًا.

تابع هؤلاء الأطفال والمراهقين لمدة عام قبل وصف الميلاتونين لهم وبعد عام من تناوله. وبدؤوا العلاج في نوفمبر بمتوسط عمر 13 عامًا، واستمر العلاج لمدة 6.4 أشهر في المتوسط.

وجد الباحثون أن 87.2٪ من مستخدمي الميلاتونين تلقوا تشخيصًا نفسيًا واحدًا على الأقل بحلول سن 18 عامًا. وحصل أكثر من 50٪ على تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD. وكان إيذاء النفس أشيع بين الفتيات بمعدل خمس مرات أكثر من الفتيان.

في النهاية، وجد الباحثون أن استخدام الميلاتونين يقلل من مخاطر إيذاء النفس بنسبة 42٪، ويقلل من خطر لجوء الشباب إلى تسميم أنفسهم بنسبة 41٪. وظهرت التأثيرات الواضحة لاستخدام الميلاتونين في الفتيات والمراهقين المصابين بالاكتئاب أو القلق.

مع ذلك، لاحظ الباحثون أن استخدام الميلاتونين لم يقلل من معدلات الإصابات الجسدية لدى الشباب، ولم يخفف من تفكيرهم بالسقوط من مكان عالٍ أو من معدلات إصابتهم في حوادث مرورية عن قصد.

كيف يساعد الميلاتونين على علاج مشكلات الصحة النفسية؟

عندما سُئلت كيف يقلل الميلاتونين من إيذاء النفس لدى الشباب، قالت مختصة السموم الطبية الدكتورة كيلي جونسون: «إن الميلاتونين هرمون طبيعي ينتجه الدماغ، ويساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ وضبط الساعة البيولوجية. وتُعد اضطرابات النوم شائعة لدى الشباب الذين يعانون اضطرابات نفسية. وترتبط مشكلات النوم أيضًا بالاضطرابات العاطفية والسلوكية في مرحلة الطفولة».

«نظرًا إلى أن مشكلات النوم قد تؤثر في العاطفة والسلوك، فقد تؤدي التحسينات في نوعية النوم إلى تحسين الاستقرار العاطفي والتحكم السلوكي».

«لهذا السبب، يهدف مؤلفو هذه الدراسة إلى معرفة هل يساعد تنظيم دورة النوم -باستخدام الميلاتونين- على منع إيذاء النفس، وإصابات الجسم لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عامًا أم لا؟».

هل الميلاتونين آمن للاستخدام خلال فترة البلوغ؟

سأل موقع Medical News Today الدكتورة جونسون بشأن معرفة هل يسرع تناول الميلاتونين بانتظام في سن مبكرة من بداية سن البلوغ أم لا؟ فأجابت:

«في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات، وجد أن تناول الميلاتونين يسرع أو يؤخر بداية سن البلوغ، اعتمادًا على أنواع الحيوانات. وقد يغير تناول الميلاتونين إنتاج الدماغ للهرمونات، بما في ذلك الهرمون المسئول عن إفراز الغدد التناسلية، الذي ينظم مرحلة البلوغ لدى البشر».

«أيضًا، قد يغير الميلاتونين عملية تطور الأعضاء التناسلية الأنثوية. ومع ذلك، فإن العديد من الدراسات البشرية التي شملت الأطفال الذين تناولوا الميلاتونين لفترات طويلة من الزمن، لم تظهر أية آثار سلبية لديهم في سن البلوغ».

أضاف الطبيب النفسي مايكل ماكغراث: «لا يوجد بحث قوي يثبت وجود صلة بين الميلاتونين والتغيرات في توقيت البلوغ، ولكن هناك بعض التقارير المتضاربة، لذلك يجب استخدامه بحذر عند وصفه للأطفال».

محدودية الدراسة

قال الدكتور ماكغراث: «نظرًا إلى أن العديد من المرضى في الدراسة كانوا يتناولون أيضًا مضادات الاكتئاب، فمن المحتمل أن تكون النتائج قد تأثرت باستخدامها».

إضافةً إلى ذلك، أشارت الدكتورة جونسون إلى أن النتائج قد لا تترجم إلى بلدان أخرى يتوفر فيها الميلاتونين بوصفه مكملًا غذائيًا، ومن ثمّ لا يخضع للتنظيم بدرجة عالية، وقد يكون ملوثًا بمواد أخرى.

ما الجرعة المثلى من الميلاتونين؟

قالت الدكتورة جونسون: «تشير النتائج إلى أن الأطفال الذين يعانون اضطرابات النوم حصلوا على فوائد إضافية عند تناول الميلاتونين، إضافةً إلى تنظيم نومهم».

أضافت: «هناك حاجة لدراسات إضافية لمعرفة هل يمكن تطبيق نتائج هذه الدراسة على مجموعات سكانية أخرى، وتأكيد الجرعة المثلى، ومدة استخدام الميلاتونين اللازمة؛ لتحقيق النتائج التي عُثر عليها في هذه الدراسة أم لا؟».

اقرأ أيضًا:

مخاطر تناول الميلاتونين للمساعدة على النوم

علاج الأرق باستخدام الميلاتونين، هل هو آمن أم خطر؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: يوسف صلاح صابوني

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر