من المعروف على نطاق واسع أنه يجب تقسيم الوجبات الغذائية اليومية إلى ثلاث وجبات رئيسية: الإفطار والغداء والعشاء، من أجل الحفاظ على صحتنا بحالة مثالية.

مع ذلك بدأ الخبراء بتغيير وجهات نظرهم، ما يشير إلى أن تناول وجبات صغيرة عدة مرات في اليوم قد يكون أفضل للوقاية من الأمراض المزمنة، وفقدان الوزن. نتيجةً لهذه الدراسات يُغير الأشخاص نمط تناولهم للطعام إلى تناول وجبات صغيرة عديدة على مدار اليوم.

يعتقد من ينتهجون تناول وجبات صغيرة ومتكررة، أن هذا النمط يحقق ما يلي:

  •  حل مشكلة التخمة التي تحدث بعد تناول الطعام بكميات كبيرة.
  •  تحسين عملية الاستقلاب، وتنظيم بنية الجسم.
  • تلافي نفاد الطاقة.
  •  استقرار نسبة السكر في الدم.
  •  تلافي الإفراط في تناول الطعام.

في حين تدعم الكثير من الدراسات هذه التوصيات، لا تظهر دراسات أخرى أي فائدة كبيرة. بل تُشير بعض الأبحاث إلى أنه قد يكون من الأفضل الاستمرار في تناول ثلاث وجبات كبيرة.

تأثير تواتر الوجبات في الأمراض المزمنة:

تُشير الدراسات الوبائية إلى أن تناول وجبات صغيرة ومتكررة قد يُحسن مستويات الدهون في الدم، ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. لذلك ينصح العديد من الخبراء بتجنب تناول وجبات كبيرة قليلة العدد على مدار اليوم.

دعمت بعض الدراسات هذه النتائج، إذ تشير إلى أن من يتناولون وجبات صغيرة ومتكررة لديهم مستويات كوليسترول أفضل مقارنةً بمن يتناولون 3 وجبات في اليوم.

في دراسة عام 2019 قارن الباحثون بين الأشخاص الذين يتناولون أقل من ثلاث وجبات يوميًا، ومن يتناولون أكثر من أربع وجبات. فوجدوا أن تناول أكثر من أربع وجبات يزيد من نسبة الكولسترول الجيد المفيد للجسم، ويقلل من نسبة الدهون الثلاثية. ترتبط المستويات المرتفعة من الكولسترول الجيد بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب.

لم تجد الدراسة فارقًا ملحوظًا في المستويات الكلية للكولسترول أو الكولسترول منخفض الكثافة (الضار). مع التنويه بأن هذه الدراسة قائمة على الملاحظة، ما يعني أنها توضح وجود ارتباط لكن لا تثبت وجود علاقة سببية.

أشارت دراسة أخرى إلى أن تناول وجبات الطعام بتواتر أكبر يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض السكري والقلب والأوعية الدموية.

تكرار الوجبات وفقدان الوزن

يعتقد البعض أن تناول وجبات أكثر عددًا قد تساعد على فقدان الوزن. ومع ذلك فإن النتائج متضاربة. قارنت دراسة بين تأثير تناول ثلاث وجبات كبيرة أو ست وجبات صغيرة يوميًا على دهون الجسم وشدة الجوع. حصلت المجموعتان على الكمية ذاتها من السعرات الحرارية، وتكونت الوجبات من الدهون والكربوهيدرات والبروتين بالنسب ذاتها في الحالتين.

لاحظ الباحثون عدم وجود فرق في استهلاك الطاقة أو فقدان دهون الجسم بين المجموعتين. من المثير للاهتمام أن من تناولوا ست وجبات صغيرة على مدار اليوم زادت لديهم مستويات الجوع والرغبة في تناول الطعام مقارنةً بمن تناولوا ثلاث وجبات كبيرة في اليوم.

مع أن كمية السعرات الحرارية حُددت لكلتا المجموعتين، افترض الباحثون أن من تناولوا وجبات متكررة قد استهلكوا سعرات حرارية يومية أكثر مقارنةً بمن تناولوا عددًا أقل من الوجبات.

تشير نتائج دراسة رصدية كبيرة إلى أن البالغين الأصحاء قد يحافظون على وزنهم على المدى الطويل بواسطة:

  •  تناول عدد وجبات أقل.
  •  تناول الإفطار والغداء بفارق 5 إلى 6 ساعات.
  •  تجنب الوجبات الخفيفة.
  •  تناول وجبة إفطار كبيرة.
  •  الصيام 18 ساعة طوال الليل.

وفقًا لتقرير تابع لوزارة الزراعة الأمريكية عام 2020، فإنه بسبب التناقضات في النتائج الحالية، لا توجد أدلة كافية لتحديد العلاقة بين تواتر الوجبات، والنسب المئوية للدهون والعظام والعضلات في جسم الإنسان، وخطر زيادة الوزن أو السمنة.

عدد الوجبات والأداء الرياضي

يعتقد العديد من الخبراء أن تناول وجبات صغيرة متكررة مفيد للرياضيين.

وفقًا للجمعية الدولية للتغذية الرياضية، قد يستفيد الرياضيون الذين يتبعون نظامًا غذائيًا منخفض السعرات الحرارية من تناول وجبات صغيرة متكررة، مع الحصول على البروتين الكافي لبناء العضلات.

تُشير الأدلة المحدودة إلى أن تكرار الوجبات لدى الرياضيين مع الانتباه إلى عدد السعرات الحرارية المُستهلكة يوميًا، يحسن أداءهم البدني، ويدعم فقدان الدهون، ويحسن بنية الجسم.

جودة النظام الغذائي

غالبًا، يتمتع الأشخاص الذين يأكلون عدة مرات يوميًا بجودة نظام غذائي أفضل. خاصةً من يستهلكون أكثر من ثلاث وجبات، إذ يتناولون كميات أكبر من الخضر والبقوليات والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان، ويستهلكون كميات أقل من الملح والسكر، مقارنةً بمن يتناولون عددًا أقل من الوجبات.

وجدت دراسة بريطانية عام 2020 أن زيادة تواتر الوجبات -ثلاث مرات يوميًا أو أكثر- ترتبط بجودة النظام غذائي.

وجد الباحثون أن عدد الوجبات الخفيفة المُستهلكة، وجودة النظام الغذائي تختلف بحسب نوعية الوجبات الخفيفة، وكيفية تعريفها.

هل أحد النمطين أفضل من الآخر؟

بناءً على الدراسات الحالية، لا يوجد دليل قاطع يدعم تناول الوجبات وفق نمط محدد. إذ لا يوجد تعريف عالمي للوجبات الخفيفة، أو ممَ يجب أن تتكون. قد يكون النمطان كلاهما مفيد للصحة، ما دام التركيز الأساسي على عادات الأكل الصحية.

مَن يجب أن يستهلك وجبات صغيرة متكررة؟

وجدت دراسة أن بعض السكان قد يستفيدون من تناول 6 إلى 10 وجبات صغيرة متكررة. يشمل ذلك الأشخاص الذين:

  •  يشبعون بسرعة.
  •  يحاولون زيادة وزنهم.
  •  المصابون بشلل المعدة.
  •  يعانون من أعراض معدية معوية مثل الغثيان والقيء أو الانتفاخ.

هل تناول وجبات صغيرة متكررة يحسن الاستقلاب؟

كثيرًا ما توصف الوجبات الصغيرة المتكررة علاجًا للسمنة. إذ يُعتقد أن تناول وجبات طعام متكررة بفاصل ساعتين إلى ثلاث ساعات، يساعد على تعزيز عملية الاستقلاب.

إذا كان الهدف هو إنقاص الوزن، فيجب الانتباه إلى كمية الطعام المُتناولة، والتحقق من الحصول على الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية، وتقسيمها على عدد الوجبات.

مثلًا إذا كنت بحاجة إلى 1800 سعرة حرارية للحفاظ على وزنك، واخترت أن تتناول 6 وجبات صغيرة يوميًا، فيجب أن تحتوي كل وجبة نحو 300 سعرة حرارية.

غالبًا ما تأتي الوجبات الصغيرة والمتكررة على شكل وجبات خفيفة تحوي العديد من المواد الحافظة والمُعدلة. وتفتقر للعديد من العناصر الغذائية الحيوية التي يحتاج إليها جسمك، من ثم فمن الضروري التركيز على جودة الأطعمة التي تتناولها.

مَن يجب أن يستهلك وجبات أكبر، أقل عددًا؟

الأشخاص الذين قد يستفيدون من ثلاث وجبات يوميًا هم:

  •  الذين يواجهون صعوبةً في التحكم في كمية الطعام ونوعيته.
  •  الذين يفرطون في تناول الطعام.
  •  الذين لا يملكون الوقت الكافي لتحضير عدد أكبر من الوجبات.

النظام الغذائي الأفضل لصحة مثالية

رغم عدم وجود دليل قوي يدعم أهمية تكرار الوجبات، توجد أدلة قوية تدعم الفوائد الصحية العامة لاتباع نظام غذائي متوازن غني بالمغذيات.

وفقًا للإرشادات الغذائية الأمريكية لعام 2020، فإن النظام الغذائي الصحي يجب أن:

  •  يركز على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والحليب أو منتجات الألبان قليلة الدسم.
  •  التركيز على البروتين بمصادره المختلفة، وتشمل المأكولات البحرية واللحوم الخالية من الدهون والدواجن والبيض والمكسرات والبذور ومنتجات الصويا والبقوليات.
  •  الحصول على الاحتياج اليومي من السعرات الحرارية، مع الحد من السكريات المضافة، والحفاظ على مستويات طبيعية من الكولسترول والدهون المشبعة.

الخلاصة:

تتنوع الأدلة حول أهمية تناول وجبات الطعام بتواتر أكبر، ورغم عدم وجود دليل قوي يُشير إلى تفوق أحد النمطين على الآخر، فإن كليهما قد يقدم فوائد صحية إذا اتبعت نمطًا غذائيًا صحيًا.

يعود الأمر في النهاية إلى التفضيل الشخصي، والنهج الذي يناسبك، مع الأخذ في الحسبان وجود حالات صحية معينة قد ترجح أحد النمطين على الآخر. تجب دائمًا استشارة الطبيب قبل إجراء تعديل على نظامك الغذائي.

اقرأ أيضًا:

تناول الوجبات السريعة قبل الحمل قد يؤثر على حليب الأم وصحة الطفل!

ما هي حمية 5:2؟ وهل هي أفضل من الحميات الغذائية التقليدية؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر