صنف فريق من الباحثين الحركات والوضعيات التي يمارسها الشخص عادًة كل يوم من أجل تحقيق أفضل فائدة للقلب، وذلك في دراسات من نوع ميتا المقطعية. باختصار، أي شيء تفعله تقريبًا، سيكون أفضل من الجلوس طوال اليوم.

وبعيدًا عن ميل الجميع لاستبدال الكرسي المكتبي بكرسيّ مريح، تدعم هذه الدراسة مقولة أنه حتى التغييرات الصغيرة في النشاط اليوميّ تؤدي إلى تحسّن بفارق كبير في صحة القلب والأوعية الدموية.

يعد روتين النوم الجيد أفضل من السهر ليلًا لمشاهدة الأفلام.

يقول المؤلف الأول للدراسة جو بلودجيت، عالم الأوبئة في جامعة كوليدج في لندن: «رغم أن التغييرات الصغيرة في الحركة قد يكون لها تأثير إيجابي على صحة القلب، إلا أن كثافة الحركة مهمة أيضًا».

ويكمل الباحث: «إن التغيير الأكثر فائدةً الذي لاحظناه كان استبدال الجلوس بنشاط معتدل إلى قوي، الذي قد يكون الجري أو المشي السريع أو صعود الدرج، أي نشاط يرفع معدل ضربات القلب ويجعلك تتنفس أسرع، حتى لو كان مدة دقيقة أو دقيقتين».

تعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية في الوقت الحالي القاتل الأول لدى البشر، إذ تودي بحياة ما يقارب 18 مليون شخص كل عام، بين نوبات قلبيّة وسكتات دماغية وأمراض أخرى تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية.

لا تجعل أنماط الحياة الحديثة في جميع أنحاء العالم عمل القلب أسهل، إذ تعد قلة النشاط البدني، وسوء التغذية، وتعاطي التبغ، واستهلاك الكحول من عوامل الخطر الكبيرة.

يعدّ تناول الطعام الصحي والإقلاع عن التدخين والحد من شرب النبيذ ليلاً بدايةً جيدة، لكن الانتقال اليومي إلى وظيفة مكتبية مرهق عقليًا، أي أنه من السهل جدًا لدى العديد من البشر قضاء معظم اليوم في وضعية الجلوس.

قام الباحثون بجمع بيانات من 6 دراسات أجريت على أكثر من 15000 مشارك، وقدموا تحليلات حول تأثير السلوك المستقر، والوقوف، والنشاط الخفيف والنشاط المعتدل، والنوم على مقاييس مختلفة في صحة القلب.

يُعد الجلوس طوال اليوم أسوأ شيء يمكن القيام به لإجراء اختبارات صحة القلب والأوعية الدموية مع أنه أمر صادم، بما في ذلك اختبارات مؤشر كتلة الجسم (BMI) ومحيط الخصر، والكوليسترول، والهيموغلوبين السكري (HbA1c)، وهو مؤشر للنمط الثاني من داء السكري.

مع ذلك، فالعمل على تحسين هذه الإحصائيات لا يتطلب تغييرات كبيرة. مثلًا لامرأة تبلغ من العمر 54 عامًا ويبلغ مؤشر كتلة الجسم لديها 26.5، فإن تبديل كرسي المكتب بين الحين والآخر بوضعية الوقوف حتى لو لمدة نصف ساعة فقط في اليوم، قد يقلل مؤشر كتلة الجسم نحو 2.4 %.

يزيد قضاء نصف ساعة يوميًا بممارسة المشي السريع من عدد نبضات القلب، ويمكن ملاحظة الانخفاض في قياسات الخصر نحو 2.5 سم، وانخفاضًا في نسبة الخضاب السكري HbA1c نحو 3.6 %.

تمثّل إعادة تخصيص أي وقت يقضيه الشخص في النوم أو الوقوف أو الجلوس لممارسة أي نشاط بدني خفيف أو معتدل الشدة، إنجازًا كبيرًا ينعكس على صحة القلب والأوعية الدموية.

من ناحيةٍ أخرى، إذا كان الاختيار يقتصر على الجلوس على الأريكة لمشاهدة التلفاز أو الحصول على قسط جيد من الراحة في أثناء الليل، فيجب أن تكون الأولوية للنوم.

وفقًا للدراسات السابقة التي تربط صحة القلب بجدول نوم لائق، أظهرت البيانات تحسّنًت صغيرًا ومهمًا في البروتينات الدهنية عالية الكثافة (الكوليسترول الجيد) عند استبدال حوالي ساعة ونصف من الجلوس يوميًا، بالنوم .

في عالمٍ مثالي، سوف نتخلى جميعًا عن اجتماعات العمل من أجل المشي لمسافات طويلة والسباحة وركوب الدراجات ثم العودة إلى المنزل من أجل الحصول على ليلة طويلة من نوم متقطع.

لكن حتى في عالم غير مثالي، قد نختار الوقوف في القطار، وصعود الدرج، وإطفاء الأنوار في وقت مبكر قليلاً من الليل من أجل صحة أفضل لقلوبنا.

اقرأ أيضًا:

الجلوس طوال اليوم أمر مروع على الصحة، هذا ما يجب فعله لتجنب المخاطر

تمرين بسيط يزيد حرق الدهون في أثناء الجلوس في المكتب

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقيق: ألاء ديب

المصدر