ما إن تحدد موعد الجلسة العلاجية اسأل معالجك النفسي كيف تحضّر نفسك للجلسة، سيطلب منك أن تملأ استمارة خاصة بالمرضى الجدد، قد ترغب أيضًا في إعداد قائمة بالأسئلة، كسؤالك عن متوسط مدة العلاج النفسي، أو نصائح بكتب جيدة تتحدث عن مشكلتك.

إذا كنت تعرف صديقًا جرّب العلاج النفسي اسأله عمّا كان عليه الأمر أو اقرأ حول الموضوع، وإذا كنت قد تلقيت علاجًا نفسيًا من قبل، فكر في ما أعجبك وما لم يعجبك في نهج معالجك السابق.

حتى إن كنت مترددًا بشأن تجربة العلاج النفسي أو كنت ذاهبًا بسبب تشجيع شخص ما، حاول من كل قلبك، كن منفتحًا وصادقًا لتتمكن من انتهاز الفرصة ومعرفة نفسك معرفة أفضل.

عليك أن تعرف أن التوتر حيال الذهاب إلى جلستك الأولى هو أمر طبيعي تمامًا، لكن الاستعداد المسبق للجلسة وفهمك لكيفية سير الأمر قد يساعدك على الاسترخاء.

ستحقق أفضل استفادة من الوقت عندما تحضّر قائمة بالنقاط التي تريد التحدث عنها في جلستك الأولى والأهداف التي تريد العمل عليها مع المعالج خلال رحلة العلاج النفسي، أخبره سبب مجيئك إليه، إذ أن إخباره بفكرتك عما تريد تحقيقه -وإن كانت مبهمة بعض الشيء- سوف يساعدكما على إحراز تقدم.

دوّن له الأدوية التي تتناولها مع الجرعات إذا كنت تتناول أيًّا منها ليتمكن من أخذ هذه المعلومات بالحسبان.

من الصعب أن تتذكر كل ما يحدث خلال الجلسة، لذا من المفيد أن تحضر معك دفتر ملاحظات صغير لتسجل عليه أسئلة معالجك أو اقتراحاته وكذلك أسئلتك وأفكارك، سيساعدك هذا على البقاء مندمجًا مع العلاج النفسي.

يحتاج معظم الناس أكثر من جلسة واحدة، لذا من الأفضل أن تحضر معك جدول مواعيدك لترتب مع المعالج موعد جلستك القادمة.

ما فكرتك عن العلاج النفسي؟

قد يطلب منك المعالج الحضور قبل موعد الجلسة الأولى بمدة قصيرة لتملأ استمارة المرضى الجدد إذا لم تكن قد ملأتها من قبل.

من الطبيعي أن ينتابك شعور غريب بأنك لن تعرف كيف تتصرف وما ستفعل بالضبط عندما تبدأ الجلسة، لكن المعالجين خبراء في التعامل مع نقطة البداية هذه ومدربون لإدارة كل جلسة بطرق فعالة تساعدك على الاقتراب من أهدافك، في الحقيقة ستشعر أن الجلسة الأولى مجرد لعبة مكونة من 20 سؤال لا أكثر، فقد يجلس المعالج أمامك وجهًا لوجه ويقرّ بالشجاعة التي يتطلبها بدء العلاج النفسي، أو قد يبدأ بالتحدث معك حول تكلفة العلاج النفسي وآلية طلب موعد لجلسة أو إلغائها والسرية التامة التي تُفرَض عليه.

بعد ذلك قد يسألك عن السبب الذي جاء بك اليوم، أو اختيارك لهذا التوقيت بالذات، أو لماذا لم تفكر بالعلاج النفسي قبل شهر أو سنة مثلًا، تساعده إجابات هذه الأسئلة على تحديد مشكلتك حتى لو لم تكن مدركًا لسبب المشكلة أو قادرًا على التعامل معها، كأن تشعر بالغضب أو الحزن دون أن تعرف سبب شعورك أو كيفية إيقافه.

على المعالج ألا يضغط عليك لإخباره بأكثر مما أنت قادر على البوح به، خاصة إذا كان التحدث حول المشكلة يؤلمك كثيرًا، لذا لا تتردد بإخباره أنك غير مستعد للتحدث بخصوص أمرٍ ما بعد.

سيحتاج المعالج أيضًا إلى معرفة المزيد حول القصة الشخصية والعائلية الخاصة بك بما يخص المشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق وغيرها، عليك أن تشرح له كيف تؤثر مشكلتك على حياتك اليومية، سوف يسألك مجموعة أسئلة: إذا ما كنت تلاحظ أي تغيرات في عادات النوم أو الشهية أو سلوكيات أخرى، وأسئلة عن عائلتك وأصدقائك وزملائك في العمل ليفهم نوع الوسط الاجتماعي المحيط بك.

من المهم ألا تستعجل عملية العلاج النفسي فقد تتطلب أكثر من جلسة، سيكون المعالج خلالها أشبه بمرشدك، لكنك ستتحكم بالسرعة التي تروي بها قصتك، وكلما شعرت بثقة أكبر بمعالجك تمكنت من إجابته عن أسئلة أكثر.

عندما يحصل معالجك على كل المعلومات التي يحتاجها ستضعان معًا خطة العلاج النفسي، من المهم أن تحددا الأهداف معًا، لأنكما ستعملان معًا على تحقيقها، قد يدون معالجك هذه الأهداف ويذكرك بها بعد حين لتركزا على ما تعملان على تحقيقه، وقد يعقد معك عقد علاج يحدد الغرض من المعالجة ومدتها المتوقعة والأهداف ومسؤولياتك ومسؤولياته.

قد يقدم لك في نهاية جلستك الأولى اقتراحًا مباشرًا كأن ترى طبيبًا نفسيًّا إذا كنت مكتئبًا مثلًا، ليستبعد أي أسباب طبية كاضطراب الغدة الدرقية، إذا كان لديك ألم مزمن قد تحتاج معالجة طبية ودوائية بالإضافة إلى المعالجة النفسية.

بعد انتهاء أولى الجلسات، يجب أن يتشكل لديك فهم جديد لمشكلتك وخطة وشعور بالأمل.

الخضوع للعلاج النفسي

يوصف العلاج النفسي غالبًا بأنه علاج كلامي، وهذا ما ستفعله مع سير العلاج النفسي، ستخوض مع معالجك حوارًا حول مشكلاتك وطريقة إصلاحها وستبني مع الوقت علاقة علاجية موثوقة معه.

قد يرغب المعالج بإجراء بعض التقييم بوصفه جزءًا من عملية التعرف عليك، والمعالجون مدربون لإدارة الاختبارات وتحليلها إذ قد تساعد على تحديد عمق اكتئابك، والسمات الشخصية المميزة لك، واكتشاف الأساليب غير الصحية التي تتبعها للتكيف مع ما حولك، مثل مشكلات شرب الكحول أو صعوبات التعلم.

إذا أحضر الأهل معهم إلى الجلسة طفلًا ذكيًا ومع ذلك يعاني صعوبة في التحصيل العلمي، سيقيّم المعالج مثلًا مشكلات الانتباه لديه أو وجود عجز تعليمي غير مشخص، تساعده النتائج على تشخيص حالة معينة أو معرفة طريقة تفكيره وشعوره وتصرفاته.

كلما تحدثتما معًا اكتشفتَ مشكلاتك أكثر، والبعض يشعر بالراحة لمجرد أن يتمكن من التحدث بحرية.

يساعدك المعالج في البداية على معرفة مشكلتك وتحديدها، ثم تنتقل معه إلى مرحلة حل المشكلة وإيجاد طرق بديلة للتفكير والتصرف والتحكم بمشاعرك.

قد تجرب سلوكيات جديدة خلال جلساتك، وقد تؤدي بعض الواجبات المنزلية لتتدرب على مهارات جديدة بين الجلسات، ستقيّم مع الوقت التقدم الذي يحدث وتحدد مع المعالج مقدار حاجتك لإعادة صياغة أهدافك الأساسية أو توسيعها.

قد يقترح معالجك في بعض الحالات مشاركة آخرين في الجلسات، كأن ينضم شريكك أو أطفالك إلى الجلسة خاصة إذا كنت تواجه مشكلات في علاقتك بهم، وإذا كنت تعاني من مشكلات في الاندماج مع الآخرين فقد يقترح عليك تجربة جلسات العلاج النفسي الجماعي.

حالما تبدأ بحل المشكلة التي أتيت من أجلها، ستتعلم مهارات جديدة تساعدك على رؤية نفسك والعالم من حولك بطريقة مختلفة تمامًا، ستتعلم كيف تميز بين ما يمكن وما لا يمكن تغييره، لتصب جلّ تركيزك على ما يمكنك فعلًا أن تتحكم به.

ستكتسب المرونة التي تمكنك من التعامل مع التغيرات المستقبلية التي قد تطرأ على حياتك.

وجدت دراسة لمعالجة الاكتئاب والقلق أجريت عام 2006 أن النهج المعرفية والسلوكية المتبعة في العلاج النفسي لها تأثير طويل الأمد يقلل خطر عودة هذه الأعراض حتى عندما تنتهي المعالجة.

ماذا عن السرية في جلسات العلاج النفسي؟

يعد المعالجون أن الحفاظ على خصوصيتك أمرًا بالغ الأهمية، فهو جزء من أخلاقيات المهنة وشرط من شروط ترخيصهم المهني، يخاطر المعالجون الذين ينتهكون خصوصية المريض بفقدان قدرتهم على ممارسة عملهم في المستقبل.

كلّما كنت منفتحًا وصادقًا معه بشأن أفكارك وسلوكياتك الخاصة سيكون علاجك أكثر فعالية، وإذا كنت قلقًا من أن يفشي المعالج أسرارك لأي شخص فعليك أن تطمئن لأن ذلك أمرٌ غير ممكن باستثناء بعض الحالات الخاصة جدًا، كأن تخبره عن نيتك بإلحاق الأذى بنفسك أو بالآخرين، هنا يلزَم المعالج بإبلاغ السلطات من أجل سلامتك وسلامة الآخرين، وهو ملزم أيضًا بالإبلاغ عن سوء معاملة الأطفال وكبار السن أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو استغلالهم أو إهمالهم، وقد يلزَم معالجك أيضًا بتوفير بعض المعلومات في القضايا المعروضة على المحاكم.

يهتم المعالجون بجزئية السرية بحذر بالغ، فقد يصطدم بك في المتجر أو في أي مكان آخر دون أن يتعرف عليك، ولن يزعجه ألا تلقي السلام حينها، بل سيتفهم أنك تحاول حماية خصوصيتك.

اقرأ أيضًا:

ما هدف العلاج النفسي؟

العلاج النفسي التحليلي

ترجمة: مرح الخرفان

تدقيق: بتول جنيد

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر