يُعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية سواء بمصادرها الطبيعية أو الصناعية عامل الخطر الأكثر ارتباطًا بالإصابة بسرطان الجلد، وقد ارتبطت حروق الشمس بمضاعفة خطر الإصابة بسرطان الجلد. بوسع الواقي الشمسي حجب الأشعة فوق البنفسجية، ما يقلل خطر الإصابة بحروق الشمس ويقلل بالنتيجة خطر الإصابة بسرطان الجلد. وبهذا يكون الترويج للواقيات الشمسية بوصفها استراتيجية فعالة في الوقاية من سرطان الجلد معقولًا. في حين أن الأمر قد يكون صحيحًا بالنسبة للأشخاص ذوي البشرة الفاتحة كالمنحدرين من أصول أوروبية، فقد لا يكون هذا دقيقًا بالنسبة لذوي البشرة الداكنة مثل الأفراد المنحدرين من أصول أفريقية أو آسيوية.

الأدلة المتاحة لا تدعم ما يروج له كثير من الأطباء ومجموعات الصحة العامة من توصيات الواقي الشمسي للأشخاص ذوي البشرة الداكنة. وتتفاقم المشكلة بالإعلام الذي يحذر أن ذوي البشرة الداكنة قد يصابوا أيضًا بسرطان الجلد وأنهم ليسوا محصنين. من المؤكد احتمال اصابتهم بسرطان الجلد، لكن الخطر منخفض للغاية. فمثلًا قد يصاب الرجال بسرطان الثدي، لكن لا يُشجَع على التصوير الشعاعي للثدي بوصفها استراتيجية لمكافحة سرطان الثدي لدى الرجال.

لا يرتبط سرطان الجلد لدى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية في الولايات المتحدة، وإن الميلانوما أكثر شيوعًا لدى أصحاب البشرة البيضاء بثلاثين مرة أكثر من ذوي البشرة السمراء. عادةً ما تتطور ميلانوما النهايات عند الأشخاص ذوي البشرة السوداء، وهي في أجزاء الجسم التي لا تتعرض لأشعة الشمس مثل راحتي اليدين وباطن القدمين، ولن يقلل الواقي الشمسي من خطر الإصابة بهذه السرطانات. وحتى بين الأشخاص ذوي البشرة البيضاء، لا توجد علاقة بين التعرض لأشعة الشمس وخطر الإصابة بميلانوما النهايات.

مثلًا توفي بوب مارلي بسبب سرطان الجلد على إصبع قدمه الكبير، ولم يكن الواقي الشمسي ليساعده في تلك الحالة.

أجرت مجموعة بحثية في 2021 مراجعة منهجية حُللت فيها جميع المؤلفات الطبية المنشورة المتعلقة بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد لدى الأشخاص ذوي البشرة الملونة لمعرفة قدرة الواقي الشمسي على حمايتهم من سرطان الجلد، وشملت المنحدرين من أصل أفريقي وآسيوي وجزر المحيط الهادئ وسكان أمريكا الأصليين والمنحدرين من أصل إسباني. من بين 13 دراسة استوفت معايير الإدراج، أظهرت 11 دراسة عدم وجود ارتباط بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد.

من بين الدراستين اللتين أظهرتا ارتباطًا، أظهرت إحداهما وجود ارتباط إيجابي بين سرطان الجلد والتعرض للأشعة فوق البنفسجية لدى الرجال ذوي البشرة السمراء. غير أن الدراسة نفسها فحصت أيضًا التعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد في مجموعات أخرى، من ضمنها النساء ذوي البشرة السمراء والرجال والنساء ذوي البشرة البيضاء والرجال والنساء من أصل إسباني. في هذه المجموعات الأخرى، لم يجد الباحثون أي ارتباط بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد. كانت النتيجة مفاجئة جدًا، فالأشخاص ذوو البشرة البيضاء هم المجموعة التي يشار إلى الارتباط بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد باستمرار لديها، ما شكك في صحة نتائج الدراسة.

الدراسة الأخرى التي أظهرت ارتباطًا بين الأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد كانت بين الرجال من أصل إسباني في تشيلي، والانتقاد الرئيسي لهذه الدراسة هو أن المدينة التي بها أكبر عدد من الإصابات هي أيضًا موطن لعدد كبير من التشيليين من أصل كرواتي الذين لا يصنَفون كأشخاصٍ ذوي بشرة ملونة.

لسوء الحظ، لم تقس أي من هذه الدراسات تركيز الميلانين للأفراد، لذلك لا يمكن معرفة ما إذا كان الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة نظريًا معرضين لخطر الإصابة بسرطان الجلد المرتبط بالأشعة فوق البنفسجية. لكن حتى في حالة الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة من شرق آسيا، لا يوجد دليل على أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية مرتبط بسرطان الجلد. خلاصة القول هي أن العلاقة بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد لدى الأشخاص الملونين دُرِست دراستها عدة مرات ولم تظهر أي دليل على وجود صلة، ما يصعّب القول أن للواقي الشمسي دور وقائي.

عواقب الميلانوما غير مرتبطة في الأعراق المتباينة بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية

يميل المرضى ذوي البشرة السمراء إلى مراجعة الطبيب في مرحلة متأخرة من الميلانوما، لكنها مسألة تتعلق بالوصول للعلاج والوعي ولا علاقة لها بتطبيق الواقي الشمسي أو الحماية من الشمس. يجب على الأشخاص ذوو البشرة السمراء مراقبة وجود نمو غريب على جلدهم والتماس العناية الطبية إذا حصل لديهم أي تغيير أو نزيف أو ألم، خصوصًا على اليدين والقدمين.

لكن تبقى الفكرة القائلة بأن التطبيق المنتظم للواقي الشمسي يوميًا سيقلل من حدوث أمر يُعد مسبقًا نادرًا جدًا فكرة غير منطقية.

تؤثر الأشعة فوق البنفسجية في البشرة الداكنة وقد تسبب تلف الحمض النووي لكن الضرر أقل بسبع مرات من الضرر الذي يلحق بالجلد الأبيض، نظرًا للتأثير الطبيعي الواقي من أشعة الشمس للميلانين الموجود بكثرة في البشرة الداكنة.

في الخلاصة قد يساعد استخدام واقي الشمس المنتظم في تقليل التأثيرات الأخرى لأشعة الشمس مثل حروق الشمس والتجاعيد والشيخوخة الناتجة عن أشعة الشمس والنمش. ولكن بالنسبة للشخص ذو البشرة السمراء، لن تقلل واقيات الشمس من خطر الإصابة بسرطان الجلد.

إذا افترضنا أن الواقي الشمسي مهم في الوقاية من سرطان الجلد لدى المرضى ذوي البشرة الداكنة، فلماذا لم نسمع من قبل عن سرطان جلد منتشر في جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، وهي منطقة تضربها الشمس بكثافة، ويكثر فيها ذوي البشرة السمراء وتشحّ فيها المراهم الواقية من الشمس؟

في بعض المجتمعات ذات الأغلبية السمراء، قد يقلل استخدام الواقي الشمسي من خطر الإصابة بسرطان الجلد في بعض الحالات مثل المصابين باضطرابات تسبب حساسية من أشعة الشمس، أو مرضى المهق وهي حالة يُنتج فيها القليل من الميلانين أو لا يُنتج مطلقًا، أو مرضى اضطرابات الجهاز المناعي. ولكن إذا لم تندرج ضمن إحدى هذه الفئات، لا يوجد أي تقليل حقيقي للمخاطر عند تطبيق الواقي الشمسي.

تعمل الكثير من المنظمات المعنية بالأمراض الجلدية وسرطان الجلد على الترويج لاستخدام الواقي الشمسي لتقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد بين المرضى ذوي البشرة السمراء، لكن هذه الرسالة لا تدعمها الأدلة.

لا توجد دراسة توضح أن الواقي الشمسي يقلل من خطر الإصابة بسرطان الجلد لدى ذوي البشرة السمراء. أصبحت قضية الاستخدام المنتظم للوقاية من الشمس لدى ذوي البشرة السمراء أكثر إلحاحًا بعد إصدار دراستين حديثتين عن امتصاص واقي الشمس في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية. أظهرت هذه الدراسة أن كميات كبيرة من بعض مكونات واقي الشمس الكيميائية قد تدخل إلى مجرى الدم عند استخدامها بكثرة، وتأثيراتها غير معروفة على صحة الإنسان.

في الخلاصة يجب تحسين كيفية تثقيف المرضى والجمهور حول الوقاية من سرطان الجلد دون الترويج لرسائل صحية ترتكز على الخوف وتفتقر إلى الأدلة.

يجب إخبار ذوي البشرة السمراء بأنهم معرضون لخطر الإصابة بسرطان الجلد، لكن هذا الخطر منخفض. يجب على أي شخص ذو بشرة داكنة أن يراجع الطبيب لدى ظهور شامة جديدة أو متغيرة أو مصحوبة بأعراض، خاصة إذا كانت الشامة على راحة اليد أو أخمص القدم.

لا نعرف بعد ما هي عوامل خطر الميلانوما لدى الأشخاص ذوي البشرة السمراء أو ذوي البشرة الداكنة، لكنها بالتأكيد ليست الأشعة فوق البنفسجية.

اقرأ أيضًا:

ما المدة الزمنية التي يحميك خلالها الواقي الشمسي؟

قد لا يكون خلط الواقيات الشمسية أمرًا جيدًا

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر