عُثر على حبيبات صغيرة منثورة في المحيط مقابل ساحل بابوا غينيا الجديدة، مصدرها صخرة لها تاريخ مثير للاهتمام إلى حد ما، إذ عبرت سنوات ضوئية في الفضاء قادمةً من مجموعة نجمية خارج نظامنا الشمسي.

لم تخضع هذه الاستنتاجات لمراجعة دقيقة بعد، لكنها أثارت جدلًا في المجتمع العلمي، ويحذر الباحثون من التسرع في التحليل.

تتبعت الأقمار الصناعية الأمريكية النيزك (IM1)، قبل أن يتفكك فوق المحيط الهادي عام 2014. جذبت السرعة المهولة للنيزك الشهابي الكثير من الاهتمام بوصفه جسمًا غريبًا محتملًا عن مجموعتنا الشمسية.

كانت فرصة ممتازة للعالم الفلكي الشهير في جامعة هارفرد آفي لوب، الذي أسس مشروع جاليليو عام 2012 للبحث عن آثار التكنولوجيا من أصول خارج كوكب الأرض، وقاد في يونيو الماضي رحلة استكشافية للبحث عن بقايا IM1 في المحيط الهادي.

باستخدام مجموعة من المغانط القوية، أجرى أعضاء فريق البحث غربلة لمئات الكريات الصغيرة التي يتراوح قطرها من 0.05 إلى 1.3 ملم، من الرواسب الموجودة على عمق كيلومترين تحت السطح، على بعد 85 كيلومترًا شمال جزيرة مانوس.

يشير التقييم الأولي الذي توصل إليه الفريق بعد دراسة 57 جسمًا معدنيًا، إلى أن على الأقل بعضها لا يعكس الكيمياء الموجودة داخل نظامنا الشمسي، ما أثار التكهنات بأن IM1 قد عبر الفضاء بين النجوم قبل أن يبلغ كوكبنا.

تضمّن التحليل معرفة نسبة العناصر التي تشكل مجموعة من الحبيبات الصغيرة، التي يُفترض أنها انفصلت عن سطح شظايا النيزك في أثناء عبورها الغلاف الجوي.

كان الاختلاف في نظائر الحديد متسقًا مع المرور بدخول صادم عبر غلافنا الجوي، ما يدعم الافتراض بأن الكريات ليست أرضية الأصل.

كونها غنية بمعادن البريليوم (Be) واللانثانم (La) واليورانيوم (U)، فإن هذه الجسيمات أيضًا لا تبدو مثل أنواع المواد التي نجدها في كوكبنا. في الواقع، لم نر مثل هذه النسبة من قبل في أي نيزك، ما يشير إلى ندرة ترتبط بوجوده في مكان بعيد عن نظامنا الشمسي.

يساهم التحليل في مجال دراسة متنام، هو تبادل المواد الصخرية بين النجوم، إذ يمكن قذف أجسام تدور حول نجم ما بقوة كافية لتُرسل إلى مدار نجم آخر. ومع أن ذلك يحدث على أساس منتظم نظريًا، فإنه ما زال عصيًّا على المراقبة البشرية. إذ لم نتيقن للمرة الأولى من حدوث تبادل بين نجمي إلا عام 2017، عندما لفت أنظارنا السلوك الغريب لكويكب يُسمى أومواموا.

يمثل العثور على بقايا زائر فضائي في محيط على كوكب الأرض تقدمًا كبيرًا لعلماء الفلك، لكن يجب أن يكون تحليل أصول العينة مبنيًا على أساس محكم، لا مجرد تحليل كيميائي أولي.

مثل أي اكتشاف تاريخي، فإن النتائج تتطلب تدقيقًا كبيرًا، إذ تتراوح آراء الخبراء من الشك المتحفظ إلى الشك التام.

بالنظر إلى هدف مشروع جاليليو المتمثل في تعقب المواد ذات الأصول من خارج المجموعة الشمسية، وعلامات التكنولوجيا الفضائية، فمن المتوقع أن يجذب الموضوع مجموعة واسعة من وجهات النظر النقدية والمتفائلة من زوايا متنوعة، من الأوساط الأكاديمية وخارجها.

تُثير الورقة البحثية احتمال أن يمثل التركيز العالي لليورانيوم إشارة إلى وجود نوع من التكنولوجيا الفضائية، وسيكون لدى فريق من أعضاء المجتمع العلمي تفسيرات أكثر تحفظًا، على الأقل حتى نعرف المزيد حول ما نتعامل معه.

سنحتاج إلى التريث قليلًا حتى نتمكن من القول بثقة إن هذه الحبيبات الصغيرة في المحيط قُذفت بالفعل من صخرة كانت ذات يوم تنعم بدفء نجم آخر. أما في الوقت الحالي، فسيكون الأمر متروكًا للخيال إلى حد ما.

اقرأ أيضًا:

أربعة من أقمار كوكب أورانوس قد تحتوي على محيطات

ارتفاع درجة حرارة المحيطات يحطم الأرقام القياسية، والكائنات البحرية في خطر

ترجمة: ياسمين سيد نبوي

تدقيق: غفران التميمي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر