عند الحديث عن التفكير النقدي، غالبًا ما نصطدم بعبارات تقع ضحية لمغالطة التقسيم، هذه المغالطة المنطقية الشائعة تشير إلى إسنادٍ عادةً ما يوضع على فئة بأكملها، باعتقاد أن كل جزءٍ منها له الخاصية -نفسها- الموجودة لدى الكل، وقد تكون أشياء مادية أو مفاهيم أو مجموعات من الأشخاص.

وبتجميع العناصر كلها معًا، والاعتقاد أن كل جزء منها تلقائيًا له إسناد معين، عادة ما ننتهي بحجة مغلوطة، ويندرج هذا في بند مغالطة القياس النحوي، ومن الممكن تطبيقها على كثير من الحجج والتصريحات التي نقوم بها.

التفسير:

إن مغالطة التقسيم كثيرًا ما تتشابه مع مغالطة التركيب، ولكن على النحو المعاكس. فهذه المغالطة تتضمن شخصًا يأخذ إسنادًا للكل أو لفئة معينة، ويرى أنه من الضروري أن يكون هذا الإسناد صحيحًا لكل جزء أو عضو.

تأخذ مغالطة التقسيم الشكل الآتي:

X لها خاصية P، وبالتالي، كل أجزاء أو أعضاء X لها الخاصية نفسها (P).

بعض الأمثلة الواضحة عن مغالطة التقسيم:

  •  الولايات المتحدة الأمريكية أغنى دولة في العالم، وبالتالي، إن جميع السكان في الولايات المتحدة الأمريكية أغنياء، ويعيشون جيدًا.
  •  اللاعبون الرياضيون المحترفون يتقاضون رواتب فاحشة، ولذا، إن كل لاعب رياضي محترف غني جدًا.
  •  النظام القضائي الأمريكي نظام عادل، لذا، حصل المدعى عليه على محاكمة عادلة، ولم يعدم ظلمًا.

وكما هو الحال في مغالطة التركيب، من الممكن بناء حجج مشابهة وصحيحة، مثلًا:

  •  كل الكلاب هم في الحقيقة من فصيلة الكليبات، إذن، كلبي الذي من نوع الدوبرمان أيضًا من فصيلة الكليبات.
  •  كل البشر فانون، إذن، سقراط أيضًا فان.

لماذا نعد أن الأمثلة السابقة هي حججٌ صحيحة ومنطقية؟ يكمن الفرق هنا بين الصفات التوزيعية والجماعية.

فالصفات التي يتشاركها جميع الأعضاء في فئة معينة تسمى بالتوزيعية، لأن الصفة موزعة بين جميع الأعضاء بناء على ميزة كونه عضوًا. أما الصفات التي تنشئ فقط من طريق جمع الأجزاء الصحيحة معًا بالطريقة الصحيحة تسمى بالجماعية. وذلك لأنها صفة لمجموعة، عوضًا عن كونها للأفراد.

وهذه الأمثلة ستوضح الاختلاف:

  •  النجوم كبيرة.
  •  النجوم كثيرة.

كل جملة تغير كلمة «النجوم» بوساطة صفة. في الجملة الأولى الصفة «كبيرة» توزيعية، فهي ميزة تشترك بها كل نجمة على نحو إفرادي، بصرف النظر عن كونها ضمن مجموعة أم لا. أما في الجملة الثانية الصفة «كثيرة» جماعية، فهي سمة لمجموعة كاملة من النجوم ولا يمكن وجودها دون المجموعة، فلا يمكن لنجمة مفردة أن تمتلك صفة الكثرة.

هنا يتضح السبب الرئيسي في كون العديد من الحجج من هذا النمط مخادعة، لأن جمع الأشياء معًا، قد يؤدي في الكثير من الأحيان إلى مجموع له خصائص مختلفة، وغير ممكن تطبيقها على الأجزاء بنحو فردي، وهذا ما يقصد به عادة في العبارة الآتية: المجموع أكبر من حصيلة الأجزاء.

فإن جمع الذرات بطريقة معينة لتشكل كلبًا حيًا، لا يعني أن جميع الذرات حية، ولا حتى أن الذرات هي نفسها كلاب.

أمثلة عن مغالطة التقسيم:

  •  إن كان كل اللاعبين في فريقنا الأفضل في مراكزهم، فإن فريقنا سيكون الفريق الأفضل.
  •  إن غادرت المنزل باكرًا، سأتجنب الزحام الصباحي، بالتالي إن غادر الجميع منازلهم باكرًا سيتجنبون الزحام الصباحي.
  •  إن عناصر الصوديوم والكلور ضارة بصحة الإنسان، بالتالي فملح الطعام المكون من الصوديوم والكلور ضار أيضًا بصحة الإنسان.
  •  إن ركض العدّاء في السباق بسرعة سيفوز، بالتالي إن ركض كل العدّائين في السباق بسرعة سيفوزون جميعًا.
  •  إن قوائم هذا الكرسي مصنوعة من الخشب، بالتالي فالكرسي مصنوع كله من الخشب.
  •  إن هذا الماثل أمام عينك مكوّن من الذرات التي لا تُرى بالعين المجردة، بالتالي فهذا الماثل أمام عينك لا يمكن رؤيته بالعين المجردة.

أمثلة عن مغالطة التقسيم:

  •  إن رواتب النساء في الولايات المتحدة أقل من رواتب الرجال، بالتالي فراتب والدتك أقل من راتب والدك.
  •  يحب الأطفال في الحي الذي أسكن فيه لعب كرة السلة، لذا جاري الجديد كيفين سيحب لعب كرة السلة معهم.
  •  قرأتُ تقريرًا عن امتعاض المعلمين من رواتبهم المنخفضة، وبالتالي عمتي سارة التي تعمل معلمة ليست سعيدة براتبها الحالي.
  •  إن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في إنجلترا، إذن، رياضة صديقي توم الإنجليزي المفضلة هي كرة القدم.
  •  يُعد ريال مدريد أحد أفضل النوادي في كرة القدم على مر العصور، إذن كل لاعب في هذا الفريق هو أفضل لاعب في مركزه على مر العصور.

اقرأ أيضًا:

مغالطة كتمان الدليل

مغالطة الشخصنة: كل ما تود معرفته

ترجمة: نيفين الشلي

تدقيق: محمد سمير

مراجعة: حسين جرود

المصدر