ندرة المحببات هو انخفاض شديد في مستوى العدلات (النيوتروفيلات)، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، تحارب الجراثيم المسببة للمرض، ويؤدي نقصها غير المعالج إلى الإصابة بعدوى خمجية مهدّدة للحياة.

وهي حالة تهدّد الحياة، تشمل انخفاضًا شديدًا في مستويات خلايا الدم البيضاء التي تُسمَّى العدلات.

تُعد خلايا الدم البيضاء جزءًا من جهاز المناعة، إذ تحمي الجسم من العدوى بمحاربة الجراثيم المسببة للأمراض.

تزيد المستويات المنخفضة من العدلات خطر الإصابة بالعدوى، إذ قد يُصاب الشخص بأمراض ناجمة عن جراثيم غير ممرضة في الظروف العادية.

أُطلق اسم ندرة المحببات نسبةً للخلايا الحبيبية، وهي خلايا الدم البيضاء التي تحتوي على حبيبات، بداخلها إنزيمات تقتل الجراثيم، وتحلّل المواد المؤذية، وهناك ثلاثة أنواع من الحبيبات هي العدلات والحمضات والأسسات، ومعظم خلايا الدم البيضاء هي عدلات، لهذا السبب يفحص مقدمو الرعاية الصحية مستويات العدلات لتشخيص ندرة المحببات.

ما الفرق بين نقص العدلات وندرة المحببات؟

ندرة المحببات هي شكل حادّ من نقص العدلات، أما قلة العدلات فهي حالة تكون فيها مستويات العدلات أقل من الطبيعي، أي تُشخص عندما يكون تعداد العدلات أقل من 1500 لكل ميكروليتر من الدم.

يعاني الأشخاص الذين لديهم أقل من 100 من العدلات لكل ميكرولتر من الدم، أشدّ أشكال قلة العدلات، وهو ندرة المحببات.

أنواع ندرة المحببات:

ندرة المحببات نوعان، هما:

  •  ندرة المحببات الموروثة: تنتج عن اضطراب وراثي يؤثر على كيفية تكوين الجسم للعدلات، وهذا النوع أكثر شيوعًا بين الرضع والأطفال.
  •  ندرة المحببات المكتسبة: قد تنتج عن عدة أسباب, ولكنها عادةً تكون من الآثار الجانبية للأدوية، وقد تشكل نحو 70٪ من حالات ندرة المحببات، ويظهر هذا النوع في أغلب الأحيان لدى البالغين.

ما مدى انتشار ندرة المحببات؟

ندرة المحببات داء نادر الحدوث، يصيب نحو 7 من كل مليون شخص سنويًا.

أعراض ندرة المحببات:

تسبب ندرة المحببات أعراض العدوى التي قد تظهر فجأة أو تدريجيًا، وقد تشمل الأعراض:

  •  حمى وقشعريرة.
  •  زيادة سرعة ضربات القلب والتنفس.
  •  ضعف العضلات والتعب.
  •  التهاب الحلق (البلعوم) ونزيف اللثة والتهابها.
  •  تقرّحات في الفم والحلق تجعل البلع صعبًا.
  • انخفاض ضغط الدم المفاجئ، الذي يسبب الشعور بالدوار أو الوهن، أو يؤدي إلى الإغماء والغشي.

أسباب ندرة المحببات:

تحدث ندرة المحببات عندما تنخفض مستويات العدلات بقدر خطير، ويحدث ذلك عندما:

  •  لا ينتج الجسم ما يكفي من العدلات التي تعمل بشكل فعّال.
  •  تخريب العدلات الموجودة في الدم أو تموتها في وقت مبكر.

ندرة المحببات الموروثة:

إن ندرة المحببات الموروثة هي حالة ناجمة عن اضطرابات في الجين المسؤول عن إنتاج العدلات، هذا النوع من ندرة المحببات خلقيّ المنشأ أي موجود منذ الولادة.

تعتبر ندرة المحببات الوراثية لدى الرضع نوعًا نادرًا من ندرة المحببات الموروثة، يُطلق عليه أيضًا متلازمة كوستمان أو ندرة المحببات الخلقي، ويعاني الرضع فيها من الإصابة المتكررة بالعدوى، والحمى والالتهابات واضطرابات النمو.

ندرة المحببات المكتسبة وعوامل الخطورة:

تسبب عدة أنواع من الأدوية الموصوفة ندرة المحببات المكتسبة، وقد تؤدي بعض الأخماج والأمراض الأخرى، والتعرض للمواد الكيميائية إلى انخفاض مستويات خلايا العدلات إلى حد خطير.

تشمل أسباب ندرة المحببات المكتسبة ما يأتي:

  •  الأمراض المناعية الذاتية، وهي أمراض تهاجم فيها الخلايا المناعية خلايا الجسم نفسه، ومنها الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الروماتويدي.
  •  أمراض نقي العظام، واضطرابات فشل تصنيع خلايا الدم مثل فقر الدم اللاتنسجي.
  •  الأورام المؤثرة على نقي العظام مثل اللوكيميا أي ابيضاض الدم.
  •  العلاج الكيميائي لمرضى السرطان.
  •  التعرض للسموم أو المواد الكيميائية مثل الرصاص أو الزئبق.
  •  العدوى مثل الملاريا والسل وحمى الجبال الصخرية.
  •  سوء التغذية ونقص الفيتامينات كعوز فيتامين ب 12 والفولات.
  •  الأدوية الموصوفة، مثل بعض المضادات الحيوية، والأدوية المضادة للاكتئاب، وأدوية علاج اضطرابات الغدة الدرقية وغيرها.

تكون ندرة المحببات أكثر شيوعًا بشكل طفيف لدى النساء وحديثات الولادة عمومًا، لكنها قد تصيب الأشخاص من جميع الفئات العمرية.

مضاعفات ندرة المحببات:

تضع ندرة المحببات الشخص في خطر الإصابة بالعدوى المتكررة أو المزمنة، إذ تؤدي ندرة المحببات التي تستمر لأكثر من 3-4 أسابيع إلى الإصابة بالعدوى بنسبة تقارب 100٪.

إذا لم تُعالج، قد تزيد أيضًا خطر الإصابة بالخمج الدموي.

تزداد احتمالات حدوث مضاعفات ندرة المحببات لدى الأشخاص ممن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، أو المرضى ممن لديهم حالات صحية أخرى مثل أمراض القلب والكلى والرئة.

كيف تُشخص ندرة المحببات؟

يطلب الطبيب عادةً اختبار الدم المسمى تعداد الدم الكامل، لفحص مستوى العدلات، إذ تحدث ندرة المحببات عندما يكون عدد العدلات المطلقة (ANC) أقل من 100 خلية لكل ميكرولتر من الدم، أما الحد الأدنى الطبيعي فهو نحو 1500 لكل ميكرولتر.

تُطلب أيضًا عينة من نقي العظم للتأكد من قدرة النقي على إنتاج المحببات.

إن السؤال عن الأعراض والأدوية التي يتناولها المريض والعدوى الحديثة والتعرض للمواد الكيميائية، مهمٌ جدًّا في التوجه إلى التشخيص الصحيح، وتفيد الاختبارات الجينية أيضًا، عند الشك في ندرة المحببات الموروثة.

علاج ندرة المحببات:

إذا كانت الأدوية الموصوفة للمريض هي المسبب لأعراض المرض، فيجب إيقافها فورًا عند تشخيص ندرة المحببات، ومن المهم التحدث مع الطبيب حول كيفية الإيقاف بأمان.

يتضمن علاج ندرة المحببات ما يلي:

  •  المضادات الحيوية: لأن المريض معرض لخطر العدوى دومًا.
  •  عامل تحفيز خلايا نقي العظام (G-CSF): وهو دواء لمساعدة الجسم على إنتاج العدلات أسرع، وله عدة أصناف: فيلجراستيم، بيغفيلجراستيم أو لينوجراستيم.
  •  مثبطات المناعة: إذا كان الاضطراب المناعي هو سبب ندرة المحببات، فقد يوصي الطبيب بأدوية تثبط جهاز المناعة، مثل البريدنيزون.
  •  زرع نقي العظم: إذا لم تكن العلاجات الأخرى فعالة، فقد يلجأ الطبيب إلى زرع نقي العظم. في هذا الإجراء، يُؤخذ نقي عظمي من متبرع ويُزرع لدى الآخذ.

الوقاية:

يجب على الأشخاص الذين يعانون من ندرة المحببات أن يتوخّوا الحذر لتجنب الإصابة بالعدوى، إذ يجب غسل اليدين بانتظام، وتجنب التجمعات، وارتداء كِمامة في الأماكن العامة، ويجب التحدث دومًا إلى مقدم الرعاية الصحية لمعرفة الخطوات الإضافية لتجنب الإصابة بالمرض.

يعتمد وقت الشفاء على سبب انخفاض العدلات ومدى شدة الحالة، فإذا كانت الحالة ناتجة عن آثار جانبية للأدوية مثلًا، فإن الجسم يحتاج عادةً من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع لعودة الخلايا إلى المعدل الطبيعي بعد التوقف عن تناول الدواء الذي سبّب انخفاضها.

الوقاية من ندرة المحببات:

إن الوقاية من ندرة المحببات ليست ممكنة دومًا.

إذا كان الشخص يتناول دواءً وصفه الطبيب، ويؤدي إلى انخفاض مستويات العدلات، فيجب التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية، إذ قد يحتاج إلى إجراء فحوصات دم دورية منتظمة لتتبع مستويات العدلات، والانتباه فور انخفاضها.

إذا كان المريض يتلقى علاجًا كيميائيًا للسرطان، فقد يوصي الطبيب بإجراء حقن G-CSF لتحسين قدرة الجسم على إنتاج خلايا العدلات.

الإنذار:

ندرة المحببات مرض قابل للعلاج، لكن الإنذار يختلف من شخص إلى آخر. تُعالج عادةً ندرة المحببات بإيقاف الدواء الذي سبب انخفاض مستوى هذه الخلايا.

تؤدي ندرة المحببات إلى الإصابة بعدوى شديدة إذا لم تُعالج، وقد تكون قاتلة. ويزداد خطر الإصابة بالعدوى كلما استمر انخفاض عدد خلايا العدلات. ويزداد أيضًا خطر حدوث مضاعفات مثل الخمج الدموي لدى البالغين ممن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أخرى، مثل أمراض الكلى وأمراض القلب أو مشكلات تنفسية.

متى تجب زيارة الطبيب بشأن ندرة المحببات؟

تشكل ندرة المحببات خطرًا على الحياة، لذلك من الضروري الحصول على التشخيص والعلاج فورًا.

إن ندرة الحبيبات أمر خطير ولكنه قابل للعلاج، إذ تجب مراجعة مقدم الرعاية الصحية فورًا إذا لوحظت علامات العدوى، وخاصةً إذا كانت تتكرر من فترة إلى أخرى.

إذا كان المريض مصابًا باضطراب مناعي ذاتي، أو يتناول دواءً وصفه الطبيب يقلل من العدلات، فيجب الالتزام بمواعيد المراجعة.

مع الفحوصات الدورية، يمكن للطبيب مراقبة مستويات العدلات، لتجنب العدوى، ويجب أيضًا اتخاذ الاحتياطات مثل تكرار غسل اليدين وارتداء كِمامة في الأماكن العامة.

اقرأ أيضًا:

قلة الكريات البيضاء: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

اللمفوما الجريبية (العقيدية): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: نور حمود

المصدر