حذّر خبراء في روسيا والمملكة المتحدة أنه يجب على الناس تجنب شرب الكحول فترةً وجيزة قبل التطعيم ضد فيروس كورونا الجديد. مع ذلك، يقول الخبراء في الولايات المتحدة إن استهلاك كميات معتدلة من الكحول أو تناوله على فترات متقطعة ومتباعدة لن يؤثر في الاستجابة المناعية. لكن يجب تجنب الإفراط في تناول الكحول والإدمان عليه قرب وقت التطعيم، ومن أجل الصحة العامة.

نظرًا إلى أن الموجة الأولى من لقاحات كوفيد-19 تُقدَّم في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى، فقد أثيرت تساؤلات عن هل سيؤثر تناول الكحول في الاستجابات المناعية تجاه اللقاح؟

نوّه خبراء في المملكة المتحدة حديثًا بأنه يجب تجنب شرب الكحول في الأيام التي تسبق تلقي لقاح كوفيد-19، وفترةً بعد تلقيه، وقالت اختصاصية المناعة في جامعة مانشستر شينا كروكشانك: «تحتاج إلى أن يعمل جهازك المناعي جيدًا للحصول على استجابة جيدة للقاح، لذلك إذا كنت تشرب الكحول في الليلة السابقة للتطعيم، أو بعد ذلك بوقت قصير، فهذا لن يساعد على الاستجابة للقاح».

ذهب مسؤول صحي روسي أبعد من ذلك، إذ نصح المواطنين الذين سيتلقون لقاح سبوتنك الروسي بالامتناع عن تناول الكحول مدة شهرين.

يرى مطور اللقاح ألكسندر غينتسبورغ أن هذه النصيحة متطرفة جدًا، ونصح الناس بالامتناع عن الكحول 3 أيام فقط قبل كل جرعة، وأن هذه الإرشادات تنطبق على جميع اللقاحات.

كيف يؤثر شرب الكحول في الاستجابة للقاح كوفيد-19؟ - هل سيؤثر تناول الكحول في الاستجابات المناعية تجاه اللقاح؟ شرب الكحول قبل التطعيم

يرى الخبراء الأمريكيون أنه لمن لا يتعاطون الكحول بإفراط، فمن المرجح أن يكون هذا غير ضروري.

قال اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة ميشيغان للطب، الدكتور ساندرو سينتي: «لا حاجة للامتناع عن الكحول بعد أي جرعة من لقاح كوفيد-19، ولا يوجد دليل أو توجيهات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تشير إلى أننا نحتاج إلى ذلك».

أصدرت هيئة الغذاء والدواء تصريحًا بالاستخدام الطارئ للقاحي فايزر ومودرنا، ويتضمن كل منهما جرعتين، إذ يُعطى لقاح فايزر بفارق 21 يومًا بين الجرعتين، ولقاح مودرنا بفارق 28 يومًا.

تقول الدكتورة هنا السهلي، أستاذة علم الفيروسات الجزيئي في كلية بايلور للطب: «مع أن استهلاك الكحول بكثرة يمثل مصدر قلق للصحة عمومًا، لا يُطلب من الأفراد الذين يشربون كميات معتدلة من الكحول أو على فترات متقطعة أن يمتنعوا عن الشراب قبل الحصول على اللقاح».

«لم يُقيَّم تناول الكحول متغيرًا في التجربة السريرية واسعة النطاق من المرحلة الثالثة، ولا نتوقع أن تؤثر الكمية العرضية أو المعتدلة من الكحول في الاستجابة للقاح. لا نطلب من المرضى أو عامة الناس الامتناع عن الكحول وقت التطعيم».

لماذا يجب تجنب الإفراط في تناول الكحول قرب التطعيم؟

ينوه الدكتور كريستوفر تومسون، الأستاذ المشارك في قسم علم الأحياء بجامعة لويولا بولاية ميريلاند، بضرورة تجنب الإفراط في تناول الكحول في الفترة القريبة من التطعيم.

وأشار إلى أنه مع عدم وجود بيانات محددة حتى الآن عن الكحول ولقاح كوفيد-19، فإن معظم البيانات المتاحة عن كيفية تأثير الكحول في الجهاز المناعي واستجابات اللقاح، تشير إلى أنه عمومًا يجب تجنب الإفراط في تناول الكحول والإدمان عليه قرب وقت التطعيم. من الناحية المثالية، يجب تجنب شرب الكحول بإفراط مدة أسبوع على الأقل قبل الجرعة الأولى ومدة شهر بعد الجرعة الثانية.

تُعرِّف مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الإفراط في شرب الكحول بأنه تناول خمسة مشروبات كحولية أو أكثر للرجال، وأربعة أو أكثر للنساء. ويُعد تناول 15 مشروبًا أو أكثر للرجال وثمانية أو أكثر للنساء أسبوعيًا شربًا مفرطًا.

وقال تومسون: «لا يعمل الجهاز المناعي كما يجب مع تناول الكحول بكثرة، إذ نرى خللًا في التنظيم الوظيفي للعديد من الخلايا المناعية، في حين يزداد الالتهاب والجزيئات المسببة له في جميع أنحاء الجسم».

أظهرت الدراسات البحثية عن الكحول أيضًا أنه قد يسبب التهابًا في الأمعاء وقد يغير تكوين الأحياء الدقيقة «الميكروبيوم»، ما قد يؤدي إلى إتلاف الكائنات الحية الدقيقة التي تحافظ على صحة الجهاز المناعي.

يرتبط تعاطي الكحول بكثرة أيضًا بعدد من المشكلات الصحية الأخرى، متضمنةً زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان وأمراض الكبد.

قد يكون للتناول المعتدل للكحول بعض الفوائد

تبين بعض الدراسات أن الاستهلاك المعتدل للكحول -مشروب واحد يوميًا للنساء ومشروبين للرجال- يحسن استجابة الشخص للقاحات.

قال تومسون: «يميل الأشخاص الذين يشربون الكحول باعتدال إلى إظهار إنتاج أفضل للأجسام المضادة واستجابات الخلايا التائية من النوع (CD8). إضافةً إلى ذلك، قد يؤدي الاستهلاك المعتدل للكحول إلى زيادة السيتوكينات المضادة للفيروسات، أو النواقل الكيميائية الصغيرة التي تساعد على تنسيق الاستجابة المناعية».

مع ذلك، أشار إلى أن الباحثين لا يعرفون هل هذا التحسن الطفيف قصير الأجل أم طويل الأمد؟

الخلاصة أنه للأشخاص الذين نادرًا ما يشربون الكحول أو يشربونه باعتدال، فلا حاجة -من منظور مناعي- لتغيير سلوكهم عند الحصول على لقاح كوفيد-19. «كوب من النبيذ أو الجعة بين وقت وآخر لا يضعف معظم الاستجابات للقاح، في الواقع قد يحسن الاستجابة قليلًا، ومع ذلك فمن الأفضل أن تحافظ على رطوبة جسدك يوم اللقاح وعدة أيام لاحقة، للمساعدة على التعامل مع الآثار الجانبية الخفيفة التي يعانيها أكثر الناس».

اقرأ أيضًا:

ما حقيقة الخرافات التي تروج لها حملة مناهضة التطعيم؟

كيف طورنا لقاحات كورونا بهذه السرعة القياسية؟

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر