يقول الباحثون إن متوسطي العمر الذين يفرطون في مشاهدة التلفاز هم أكثر عرضةً لخطر تدهور صحتهم العقلية في السنوات اللاحقة. وأفادت أبحاثهم أن مشاهدة التلفاز بإفراط قد تسبب تدهورًا معرفيًا وعقليًا ونقصًا في حجم المادة الرمادية. ويوصي الخبراء أن تستبدل مشاهدة التلفاز بممارسة نشاط ما تلتزمه وتستمتع به.

يرتفع خطر إصابتك بمشكلات صحية دماغية في سنوات لاحقة بازدياد الوقت الذي تقضيه أمام التلفاز في الأربعين أو الخمسين من العمر، وذلك وفقًا لثلاث دراسات جديدة قدمها باحثون في المؤتمر الصحي لرابطة الصحة القلبية الأمريكية، واستخدمت الدراسات الثلاث مشاهدة التلفاز معيارًا لقياس السلوكيات الدائمة (أي الوقت المنقضي بالجلوس أمام الشاشة)، وقيست لاحقًا الصحة العقلية للمشاركين عبر استجوابهم عن عاداتهم المتعلقة بمشاهدة التلفاز وإجراء الاختبارات المعرفية وتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي.

وقد قيست عادات مشاهدة التلفاز بتقدير الكمية المستهلكة منه في أوقات الفراغ:

  •  مشاهدة لوقت قصير (أبدًا أو نادرًا).
  •  مشاهدة معتدلة (أحيانًا).
  •  مشاهدة لوقت طويل (غالبًا).

تقترح نتائج الباحثين أن الذين يشعرون بالإنذار الذاتي لمشاهدتهم التلفاز باعتدال أو بإفراط يعانون في سنوات حياتهم اللاحقة تدهورًا عقليًا أكبر ونقصًا في حجم المادة الرمادية للدماغ. تشارك المادة الرمادية في عملية اتخاذ القرارات والرؤية والسمع والتحكم العضلي.

ووجد الباحثون أيضًا أن التأثيرات الإيجابية لممارسة التمارين لم تكن بالضرورة كافيةً لمكافحة التأثيرات السلبية لمشاهدة التلفاز، لكن هذا لا يعني أنه علينا أن نتوقف عن ممارسة التمارين.

وجاء في بياناتهم أن كل ساعة إضافية على المعدل الوسطي لساعات المشاهدة ارتبطت بنقصان حجم المادة الرمادية بنسبة 0.5%.

تقديرات إحدى الخبراء:

صرحت الرابطة الأمريكية للصحة القلبية على موقعها الإلكتروني أن العلم كان قد ربط بين الخمول والجلوس فترات طويلة وبين ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النمط الثاني وسرطانات القولون والرئة والموت المبكر.

وبمناسبة الأبحاث الجديدة المضافة إلى الارتباط السابق، تقترح د.هيثير سندير -نائبة رئيس رابطة ألزهايمر للشؤون الطبية والعلمية- أنه علينا ألا ننسى الفرق بين الارتباط والسببية، وقالت: «يُضاف هذا العمل إلى أبحاث مشابهة كانت قد اقترحت وجود ارتباط بين مشاهدة التلفاز وتدهور الحالة العقلية في سنوات لاحقة، لكنه لا يثبت وجود علاقة سببية بينهما، ونحتاج إلى مزيد من الأبحاث لفهم هذا الارتباط، مثلًا؛ هل تكمن العلة في مشاهدة التلفاز أو أن الإفراط في المشاهدة يجعلك أقل نشاطًا؟».

وتضيف سندير: «إن أهم ما نستخلصه من البحث أن نأخذ بعين الاعتبار الأنشطة التي يمكن ممارستها إلى جانب مشاهدة التلفاز».

وتوصي باختيار الأنشطة الجيدة لصحة الجسم والقلب والدماغ، وقالت: «تقترح مجموعة متزايدة من الأبحاث الانخراط في الأنشطة الأكثر تكرارية عند المقدرة، كتناول نظام غذائي متوازن، ويحتمل أن الانخراط في النشاط الفكري والاجتماعي قد يقلل خطر تدهور الحالة العقلية».

بمعنى آخر: يحتمل أن الأنشطة الجيدة للصحة العامة ستكون عاملًا رئيسيًا لحماية الصحة العقلية في سنوات لاحقة.

ما يمكنك فعله ابتداءً من اليوم:

فيما يتعلق بتغيير نظام حياتك، فالسبيل للوصول إلى أفضل النتائج يعتمد كليًا على خياراتك، لأنك تدرك ما الذي سوف تلتزم به وما لن تلتزم به.

وتقدم سندير هذه النصيحة: «عوضًا عن تشغيل التلفاز، تناول كتابًا يثير اهتمامك أو اذهب للمشي».

وعلى أية حال فإن الظروف الشخصية هامة أيضًا، ما يعني أنه إذا لم تكن محبًا للقراءة ليس عليك أن تملأ الساعات -التي كنت تقضيها جالسًا أمام الشاشة- بقراءة الروايات، إنها ليست فكرة سيئة لكنها لن تقود إلى تغييرات دائمة، بل عليك أن تختار أنشطةً سوف تستمتع بممارستها ما يرجح أنك ستستمر باختيارها عوضًا عن تشغيل التلفاز على المدى الطويل.

تقترح منظمة AHA بعض التمارين الهوائية المعتدلة ومن ضمنها:

  •  المشي السريع (2.5 ميل في الساعة على الأقل).
  •  التمارين الرياضية المائية.
  •  الرقص الشعبي أو رقص النوادي.
  •  البستنة.
  •  التنس الثنائي.
  •  ركوب الدراجة الهوائية بسرعة أقل من 10 أميال في الساعة.

وتقترح AHA بعض الأنشطة القاسية والشاقة من بينها ما يلي:

  •  صعود القمم مشيًا أو المشي مع حمل ثقيل.
  •  الركض والسباحة والرقص الهوائي.
  • أعمال الحدائق الشاقة كالحفر المستمر أو الجرف.
  •  التنس المفرد.
  •  ركوب الدراجة الهوائية بسرعة 10 أميال في الساعة أو أكثر.
  •  القفز بالحبل.

وقد تختار أيضًا ممارسة الأنشطة الأكثر استمرارية التي تحفز الوظائف الدماغية كربط العقد وفكها والكلمات المتقاطعة والعزف على آلة موسيقية.

أيًا كان ما أردت ممارسته؛ تذكر في المرة التالية التي تقدم فيها على تشغيل التلفاز أن تأخذ بعين الاعتبار صحتك العقلية بعد عشرين سنةً من الآن، واسأل نفسك: هل هذه أكثر الطرق صحية لقضاء الوقت؟

اقرأ أيضًا:

مشاهدة التلفاز بكثرة ستتسبب بوفاتك.

الجلوس ومشاهدة التلفاز لفترات طويلة خطر… خاصة لكبار السن

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق: حسام التهامي

المصدر