إن تحليل بيانات مستوردة من سحابة مكوّنة من تجمعات غبارية وغازية في الفضاء الناتجة عن تشكل النجوم ساعدنا على التعرف على كيفية تكون نظامنا الشمسي بصورة أعمق. هذه البيانات وصلتنا على شكل أشعة غاما من كوكبة الحواء (أوفيوكوس Ophiuchus) إذ ساهمت بمعرفة أصل العناصر المشعة قصيرة العمر التي كانت موجودة في بدايات النظام الشمسي، إذ أُطلقت من انفجارات المستعرات العظمى للنجوم القريبة تزامنًا مع ولادة الشمس.

تؤكد هذه المعلومات التصميم المُقترح منذ عقود عن العناصر الكونية الأساسية التي كانت موجودة في ذلك الوقت، إضافة إلى إعطائنا صورة أعمق عن دورة ولادة وموت النجوم.

قال الباحث الفلكي من جامعة كاليفورنيا، دوغلاس لين: «من المرجح أن نظامنا الشمسي قد تشكل داخل عنقودٍ نجمي وسحابة جزيئية، إذ إن عددًا من انفجارات المستعمرات العظمى التي حصلت داخل هذا العنقود لعددٍ من النجوم الضخمة تسببت بتكوّن الشمس والكواكب».

وأضاف: «رغم اقتراح هذه النظرية سابقًا، إلا أن الدراسة التي أُجريت الآن تدعم بالدليل التجريبي عبر رصد الموجات المتعددة الطول إضافة إلى تحاليل إحصائية معقدة لمعرفة احتمالية صحة النظرية».

تولد النجوم بعد انهيار كمية كبيرة من الغازات الموجودة في السحابة الجزيئية على جاذبيتها، إذ تتحول المواد الموجودة في السحابة إلى قرصٍ تراكمي؛ ليتحول فيما بعد إلى نجم، ومع تكوّنه تُشكل بقايا القرص التراكمي الأجزاء الأخرى في النظام.

قد تختلف المواد والعناصر الموجودة بين الأجرام في منظومتنا الشمسية، إلا أن أصلها جميعًا يعود للسحابة الجزيئية ذاتها التي تتألف من كمية كبيرة من الغازات والغبار التي تُشكل وتكوّن النجوم تُسمى هذه السحابات «الحاضنات النجمية».

من المرجح بأن نجمنا وُلد وتكوّن في تلك المنطقة، وابتعد منذ ذلك الوقت عن تلك السحابة والعنقود النجمي.

تطلّب معرفة كيفية تكون نظامنا الشمسي العديد من الأبحاث الدقيقة التي تتناول أدلة من داخل نظامنا، ومن أنظمة أخرى تتشكل أيضًا.

تقع كوكبة الحواء على بُعد 460 سنة ضوئية، وتُعد هذه المسافة قصيرة مقارنةً بالمسافات الكونية.

رصد الباحثون أشعة غاما صادرة من الألمنيوم-26 المشع ذو العمر القصير، إن نصف عمر الألمنيوم-26 هو 717000 سنة؛ لذا فإن أيًا من نظائر هذا العنصر التي كانت موجودة في بدايات تكون نظامنا الشمسي منذ 4.6 مليارات سنة، قد اختفت منذ وقتٍ طويل.

ولكن في السبعينيات، وجد الباحثون شوائب في عددٍ من النيازك؛ ليتبين لاحقًا أن هذه الشوائب هي بقايا اضمحلال نويدات مشعة قصيرة العمر.

سبّب هذا الاكتشاف العديد من التساؤلات عن مصدر هذه النويدات، اقترح الباحثون أنها قد تكون مخلفات انفجارات مستعمر أعظم أو رياحًا نجم من نجوم وولف رايت، إلا أن كمية هذه النويدات وكيفية وصولها ومعدل اختراق الألومنيوم-26 تبقى أسئلة لا إجابة عنها حتى الآن.

ليس من الغريب وصول أشعة من انفجارات المستعمرات العظمى إلى الحاضنات النجمية التي تعد مركزًا لولادة نجومٍ عديدة، بعضها ضخم للغاية، إذ تكون فترة حياتها قصيرة نسبيًا مقارنةً بأعمار النجوم الأخرى.

وبالعودة إلى البيانات المستخرجة من نطاقٍ واسع من الأطوال الموجية وباستخدام صور تحت الأشعة الحمراء؛ تمكن الباحثون من رصد دفقٍ من ذرات الألومنيوم-26 المتجهة من عنقودٍ نجمي قريب نحو منطقة تكوّن النجوم القريبة من التجمع النجمي كوكبة الحواء، الجدير بالذكر أن هذا العنقود تحصل فيه العديد من انفجارات المستعرات العظمى.

قال جون فوربس، الفلكي من معهد فلاتيرون: «إن عملية التخصيب وتجمع ذرات الألومنيوم-26 التي تحصل في التجمع النجمي تتشابه مع بدايات تكوين المنظومة الشمسية».

وأضاف: «من جهةٍ أخرى؛ فإن المعلومات التي وصلتنا عن هذه العملية سمحت لنا بإنشاء تصميمٍ عن العنقود النجمي المُصدّر لهذه النويدات المُشعة التي نراها في أشعة غاما».

يوضح هذا التصميم إمكانية كل النجوم في العنقود النجمي التي قد تُصدر ذرات الألومينيوم-26، إضافة إلى احتمالية حدوث انفجارات المستعرات العظمى لهذه النجوم وكمية النويدات المُشعة التي تصدرها الرياح النجمية.

واعتمادًا على التصميم المُقترح، حسب الباحثون احتماليةً تُقارب 59% أن الألومينيوم-26 صَدر عن انفجار مستعمر أعظم، واحتمالية 68% بأن هناك عدة مصادر لهذا الدفق، منها عدة انفجارات مستعمرات عظمى.

تشيرُ البيانات إلى مجموعة واسعة من النويدات المُشعة خلال فترة تشكل الأنظمة الكوكبية، ما يساعدنا في البحث عن هذه الأنظمة وإيجادها.

اختتم فوربس حديثه قائلًا: «إضافة إلى نظامنا الشمسي، ستكون هناك العديد من الأنظمة النجمية التي ستتشكل بوجود كميات كبيرة من الألومينيوم-26، مع وجود تباين ضخم في الحجم».

وأضاف: «إن تواجد كمية أكبر من هذا العنصر تساعد في البناء الأساسي للنظام، إذ يُعد العنصر مصدرًا أساسيًا للحرارة، لذا؛ فإن وجوده بكمية أكبر يؤدي إلى وجود كواكب أكثر جفافًا».

اقرأ أيضًا:

ما هي المجموعة الشمسية وكيف تشكلت ؟

العثور على أكثر من 100 كوكب صغير على حافة نظامنا الشمسي

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: تسبيح علي

المصدر