عندما قدمت مجلة «ذي إيكونوميست» الاقتصادية مؤشر بيج ماك سنة 1986، كان هامبرجر ماكدونالدز يكلف 1.60 دولار في أمريكا. سنة 2021، بات يكلف 5.65 دولار، وفقًا لمتوسط الأسعار في أربعة من المدن الكبرى، وتلك زيادة تفوق كثيرًا التضخم على مدى هذه الفترة.

في الواقع، تعد منطقة ميلاد بيج ماك واحدة من أكثر الأماكن تكلفةً لشراء البرغر، وفقًا لمقارنة أُجريت بين أكثر من 70 دولة حول العالم. مثلًا، يكلف البرغر في فيتنام 69 ألف دونج. مع أن ذلك يبدو كثيرًا جدًا، فإن تلك العملة منخفضة القيمة جدًا مقابل الدولار، فبوسعك أن تشتري 69 ألف دونج بقيمة ثلاثة دولارات فقط في سوق الصرف الأجنبي، لذا فإن البيج ماك في فيتنام أرخص بنحو 47% مقارنةً بالولايات المتحدة.

من الجيد أن تعرف أن الغرض من مؤشر بيج ماك ليس توفير دليل للمتسوق يرشده إلى سعر البرغر، بل هو بمثابة دليل للعملات. من حيث المبدأ، فإن قيمة العملة تعكس قدرتها على شراء الأشياء، وفقًا لمبدأ «تعادُل القوة الشرائية»، وهو المصطلح الذي صاغه الاقتصادي السويدي جوستاف كاسل سنة 1918. ولما كان 69,000 دونغ و5,65 دولار تملكان القوة ذاتها لشراء البرغر، فلا بد أن تتساوى القيمتان. لكن الحقيقة أنك تستطيع شراء شطيرة برغر في فيتنام بقيمة أقل بنسبة 47٪ مقارنةً بسعر البرغر بالدولار، ما يوحي بأن عملة الدونغ تُقدر بأكثر من قيمتها.

بالتأكيد تدرك وزارة الخزانة الأمريكية ذلك، إذ ترفع تقاريرها مرتين سنويًا إلى الكونجرس عن البلدان التي تُبقي عملاتها رخيصة عمدًا لتعزيز الصادرات والحصول على ميزة تنافسية. في أبريل أكدت أن فيتنام واحدة من ثلاثة شركاء تجاريين، إلى جانب سويسرا وتايوان، يتبعون ممارسات عملة «قد تكون غير عادلة»، وذلك استنادًا إلى ثلاثة اختبارات: «تتمتع فيتنام بفائض تجاري كبير مع أميركا، وفائض خارجي مادي مع العالم، ويشتري بنكها المركزي الكثير من الدولارات والعملات الأجنبية الأخرى».

في الأشهر الأخيرة، عرضت وزارة الخزانة الأميركية على فيتنام إصلاح سياساتها، وهي العملية المعروفة باسم «المشاركة المعززة».

في 19 يوليو 2021، توصل الطرفان إلى اتفاق، إذ تعهد البنك المركزي في فيتنام بعدم الانخراط في التنافس على تخفيض قيمة العملة، وأنه سيسمح تدريجيًا لقيمة العملة بالتقلب بحرية أكبر، وسيكون أكثر انفتاحًا حول تدخلاته في أسواق العملة. لحسن الحظ أن هذا يجنبنا التعريفات الضارة أو أي آثار مماثلة لمشاركة البلدين.

خوفًا من إسهام مؤشر بيج ماك في الصعوبات التي تواجهها فيتنام، يجب أن نذكر أنه من المتوقع أن نجد البلدان الفقيرة تبدو رخيصة الأسعار مقارنةً بالدول الغنية. إن فيتنام ليست دولة خارجة في هذا السياق. سعر البرغر هو تقريبًا ما تتوقعه نظرًا إلى الناتج المحلي الإجمالي للفرد. أما في تايوان، وهي دولة أخرى على قائمة وزارة الخزانة، فيبدو الأمر مختلفًا. إذ يظل السعر رخيصًا إلى حد مدهش، نظرًا إلى مدى ازدهارها الاقتصادي، في حين تبدو سويسرا مكلفةً إلى حد كبير.

أرخص برغر حسب المؤشر يوجد في لبنان. مع أن سعر بيج ماك قد ارتفع ارتفاعًا مذهلًا إلى 37 ألف ليرة لبنانية، إلا أن العملة قد انهارت كثيرًا في السوق السوداء، إذ يساوي الدولار الأمريكي 22 ألف ليرة لبنانية.

نتيجةً لذلك، فإن بيج ماك يكلف ما يعادل 1.68 دولار فقط. وأحد أسباب بقاء البرغر رخيصًا إلى هذا الحد، أن المستوردين اللبنانيين يمكنهم شراء بعض مكونات البيج ماك بسعر صرف أكثر ملائمةً ودعمًا، إذ يمكنهم شراء القمح والمواد الغذائية الأخرى متضمنةً الجبن بأسعار منخفضة جدًا. تعكس فوضى العملة في لبنان كارثته الاقتصادية وتساهم في حدوثها. حتى مع هذا الانخفاض المصطنع في الأسعار، يُعد سعر البيج ماك مواساةً بسيطة.

اقرأ أيضًا:

ما هو المؤشر الاقتصادي ؟

المؤشرات الاقتصادية الشائعة

ترجمة: عمرو سيف

تدقيق: حسين جرود

المصدر