حيَّرت النسبة الذهبية مفكرين ورياضيين منذ القدم، واهتم بها كلُ من الإغريقيين القدامى وفناني النهضة الأوربية مثل: دافنشي ومايكل أنجلو، كما كتب عنها روائيوا العصر ومنهم دان براون في رواية شيفرة دافنشي التي حققت نجاحًا واسعًا.

وغالبًا ما تُعرف النسبة الذهبية بميزتها الجمالية في الأشكال الهندسية والبنايات وفي الطبيعة وفي الكون بل وحتى في جسم الإنسان.

أُطلق عليها عدة أسماء لكونها اكتشفت عدة مرات، منها، المقطع الذهبي والمتوسط الذهبي والتناسب الإلهي.

فيا ترى ما هي هذه النسبة الذهبية وما سر هذا الاهتمام بها؟

تُكتب النسبة الذهبية باعتماد الحرف الإغريقي «فاي» وهو عبارة عن ثابت رياضي قيمته“…..1.6180339887498948420”,
نحصل عليه بتقسيم قطعة مستقيمة إلى قسمين (أ) وَ (ب) بحيث يكون الطول الكلي أ + ب بالنسبة للقطعة الأطول أ، مساوياً للنسبة بين القطعة أ والقطعة الأقصر ب –كما في الشكل.

لم يخلو التاريخ من إنجازات عمرانية تحمل النسبة الذهبية في هندستها وأبعادها، كأهرامات مصر ومعبد البارثينون الإغريقي.

فيبلغ طول ضلعي قاعدة الهرم الأكبر بالجيزة بمصر 756 قدم ويبلغ طول ارتفاعه 481 قدم.

يتبين لنا أن النسبة بين القاعدة والارتفاع يساوي 1.571 وهي قيمة قريبة من الرقم الذهبي.

كما تجلى هذا الأخير في الحضارة الإغريقية، إذ يُعتقد أن فيدياس النحات و المهندس المعماري اليوناني (480 ق.م، – 430 ق.م) قام باستعمال النسبة الذهبية في تصميم منحوتات البارثينون.

بالإضافة إلى ذلك اعتبره أفلاطون من أكثر العلاقات الرياضية المتماسكة ومحكمة في جميع الأحوال.

كما أن إقليدس وضع العلاقة بين النسبة الذهبية وطريقة إنشاء النجمة الخماسية.

في عام 1200 ميلادي، اكتشف الرياضي الشهير ليوناردو فيبوناتشي المتتالية التي سميت باسمه، متتالية فيبوناتشي والمتمثلة في الأعداد التالية {1 ، 1 ، 2 ، 3 ، 5 ، 8 ، 13 ، 21 ، 34 …} ، يكون فيها كل عدد مساوٍ لمجموع العددين السابقين له.

لهذه المتتالية ارتباط وثيق بالرقم الذهبي «فاي» لأنه كلما كبرت أعداد فيبوناتشي كلما اقتربت نسبة كل عددين متتاليين من القيمة الذهبية.

إذا كانت النسبة بين أبعاد مستطيل مساويةً لـ «فاي»، يسمى مستطيلًا ذهبيًا أو مستطيل فيبوناتشي.

وبإنشاء مربعات متجاورة بأبعاد فيبوناتشي نتحصل على ما يسمى اللولب الذهبي.

أطلق ليوناردو دافنشي على النسبة الذهبية «فاي» تسمية المقطع الذهبي، وقد لُوحظ أنه استعمل الرقم في العديد من أعماله ومنها: لوحة الموناليزا والرجل الفيتروني ولوحة العشاء الأخير الشهيرة حيث أدخل «فاي» في إنشاء أبعاد الطاولة وأبعاد الجدران والرسم الخلفي للوحة.

لم يكن دافنشي الشخص الوحيد الذي استعمل الرقم الذهبي، بل تجلّى في أعمال فنانين آخرين كمايكل أنجلو ورامبرانت ورفائيل وجورج سورا وغيرهم.

فقد كانت النسبة الذهبية وسيلة أساسية لخلق التوازن والجمال في اللوحات والأعمال الفنية للنهضة الأوروبية.

لا يقتصر وجود العدد «فاي» في الفيزياء أو الرياضيات فحسب فهو يبرز في حياتنا اليومية بشكلٍ ملحوظ، ففي عام 1970 ظهرت النسبة الذهبية في تبليط بنروز وهو عبارة عن تبليط ينتج عن تكرار غير منتظم لشكل هندسي حيث يتم إيصال الأشكال فيما بينها تبعًا لقواعد المطابقة. ل

احقًا في 1980 ظهر الرقم «فاي» في الشبه بلورات والتي تعتبر شكل من أشكال المادة إلى حد ما.

كما ساهمت النسبة الذهبية في آرائنا حول الجماليات وعلم المحاسن إذ يُرى أن الوجوه الأكثر جمالًا وجاذبيةً هي التي تضم النسبة الذهبية في أبعادها بين طول الوجه وطول العينين أو الأنف أو الحاجبين.

تبين الأمثلة التالية وجود النسبة الذهبية في الطبيعة وفي علوم شتى، يكون وجودها أحيانًا أمرًا غير متوقع على الإطلاق:

تويج أو براعم الزهرة والمخروط الصنوبري وبذور الزهرة وفروع الشجرة والمجرات الحلزونية وأصابع اليد وأجسام الحيوانات وجزيئات الحمض النووي (DNA) والأعاصير…الخ.

النسبة الذهبية في بعض أعمال دافنشي

المستطيل الذهبي مستطيل فيبوناتشي و اللولب الذهبي


  • ترجمة : عبروش محمَّد السَّعيد
  • تدقيق: عبدالله الصبّاغ
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر