كلنا نعلم تمامًا أساسيات دورة اليوم – ليلًا ونهارًا، شروق الشمس وغروبها.

كما نعلم جميعًا أنه خلال النهار، الشمس هي أكثر الأجسام إضاءة في السماء، لدرجة أنها تحجب النجوم.

وفي الليل، يصبح القمر (عندما يكون مرئيا) هو أكثر الأجرام المضيئة، إلى الدرجة التي تحجب عن أنظارنا درب التبانة و أجسام عمق السماء.

هذا الانقسام بين الليل والنهار، الظلام و النور، يفسر لماذا كان القمر والشمس مقدسان أحيانًا في الثقافات القديمة، لكن في بعض الأحيان، يبقى القمر مرئيا حتى في النهار.

كلنا رأينا ذلك، معلقٌ بانخفاض في السماء، شاحبٌ على خلفية من اللون الأزرق، ولكن ما هي الحسابات التي يخضع لها؟

كيف يمكننا أن نرى ألمع جسم في سماء الليل، بينما الشمس لا تزال تلف العالم بأشعتها؟

ببساطة، هناك سببان لرؤية القمر خلال النهار.

أولًا، هناك ضوء القمر الظاهر، الذي يرجع إلى قربه من كوكبنا ومجموعة من العوامل الأخرى.

ثانيًا، هناك طبيعة خاصة لمدار القمر حول الأرض، والمعروف باسم «الدورة القمرية-Lunar Cycle ».

بسبب هذين العاملين، يمكن للقمر أن يصبح مرئيًا للراصد العادي خلال النهار.

«استضائة القمر -The Moon’s Luminosity»:

نعلم جميعا أن القمر هو أقرب جرم فضائي إلى الأرض.

ويتراوح بعده بين 400 356 و 400 370 كم في الحد الأدنى (الأقرب من الأرض) إلى 000 404 – 406 700 كم في الحد الأقصى (الأبعد من الأرض)، أي حوالي 104 إلى 644 مرة أقرب إلى الأرض من أقرب جسم آخر.

هذا الجسم الآخر هو كوكب الزهرة، الذي يتراوح في المسافة من 38 مليون كم في أقرب مسافاته إلى الأرض إلى 261 مليون كم في أبعدها.

هذا القرب من الأرض هو ما جعل القمر ألمع الأجسام في السماء، على الأقل في غياب الشمس.

ويحدث لضوء القمر تكبير بسبب ما يعرف باسم «تأثير المعاكسه Opposition Effect »، الذي يشير إلى ظهور الجسم أكثر إشراقًا عندما يضيء من وراء المراقب مباشرة.

بالإضافة إلى أن القمر يبدو أكثر إشراقًا بسبب حقيقة أنه محاط بالسماء المظلمة.

أخيرًا، وليس آخرًا، هناك تأثير التربة القمرية نفسها، الذي يمنع الظاهرة المعروفة باسم «إظلام الأطراف – limb darkening » من الحدوث.

بشكل مبسط، تعكس التربة القمرية المزيد من الضوء مرة أخرى نحو الشمس أكثر من الاتجاهات أخرى، فيبدو مركز القمر مضيئًا مثل حوافه الخارجية.

«الدورة القمرية – The Lunar Cycle»:

كما ذكرنا في البداية، فإن السبب الآخر للسطوع الظاهر للقمر يرجع إلى طبيعة مداره المستمر حول الأرض.

مثل معظم الأقمار، قمرنا في دوران متزامن مع الأرض، مما يعني أن جانبًا واحدًا يواجه الأرض باستمرار.

القمر يكمل مدار كامل حول الأرض كل 27.3 يوم (ويعرف أيضا باسم «الدورة المدارية- sidereal period »)، ولكنه يستغرق حوالي 29.5 يومًا ليظهر في نفس المرحلة في السماء (دورته المدارية).

يمر القمر بثماني مراحل – أي التغيرات في المظهر – حتى يكمل دورته المدارية التي تعطي مؤشرًا على مكانه خلال دورته.

في الأساس، الشمس تضيء دائمًا نصف القمر فقط، والذي نراه من زوايا مختلفة كلما دار حول الأرض.

في بداية الدورة، لا يمكننا رؤية القمر لأنه لم يوجيه أي من جوانبه المضيئة نحو الأرض. ويعرف هذا باسم «القمر الجديد» أو (المحاق).

على مدار ال 29.5 يوما القادمة، سوف يمر القمر بمراحل: الهلال، تربيع أول، أحدب متزايد، بدر (قمر كامل).

وبعد ذلك تكتمل الدورة من خلال التراجع مرة أخرى إلى أحدب متناقص، تربيع ثاني، هلال آخر الشهر ثم العودة إلى القمر المظلم (المحاق).

في كل مرحلة، جزء فقط من النصف المضيئ يبقى مرئيا في الأرض، و هي تتراوح ما بين 0٪ في القمر الجديد (المحاق) إلى 100٪ خلال القمرالكامل(البدر).

بالإضافة إلى ذلك، مدار القمر حول الأرض يجعل المسافة بينه و بين الشمس تتغير مع الوقت.

هذا هو السبب في أن القمر ألمع خلال القمر الكامل (البدر) لأنه يصبح خلالها ببساطة مواجهًا للشمس تماما، ولأن القمر يقترب من الشمس أكثر في مرحلة القمر الجديد(المحاق) فهذا يجعله أقل وضوحًا في الليل و أكثر إستضائة خلال النهار.
لديك السبب الآن.

يمكن أن يظهر القمر أحيانًا في السماء خلال النهار لأنه أقرب جسم سماوي من الأرض، ولأن دورته المدارية تعني أنه في بعض الأحيان يكون أكثر إشراقًا في النهار مما هو في الليل.

من خلال إجتماع هذه العناصر، يصبح لدى الناس القدرة على رؤية القمر الجميل الخافت المحلق في الأفق.