المعلومات هي المفاتيح:

يتطلّب عمل وكالة الاستخبارات الأمريكيّة (CIA) كميّةً ضخمةً من المعلومات والبيانات، التي تُجمعُ من مصادرَ مُتنوّعة بُغيةَ استكمال التحقيقات، فمنذ إنشائها عام 1947م، كانت المعلومات القيّمة سياسيًّا وعسكريًّا عادةً ما تُجمعُ باليد، وقد تحسّنت هذه العمليّة مع بدء ظهور الحواسيب، إلّا أنه حتّى مع الأساليب الأكثر حداثةً يمكنها أن تظّل بطيئةً، بالإضافة لكونها تجمع كميّات ضئيلة من المعلومات إذا ما قورنت مع ما يجمعه (الذكاء الاصطناعي – Artificial Intelligence) – (AI) .

وتبعًا للمعلومات التي كشفت عنها (دون ميريكس – Dawn Meyerriecks) نائبة مدير تطوير التكنولوجيا مع وكالة الاستخبارات المركزية، تملك الأخيرةَ حاليًّا مشاريعَ ذكاء صناعيّ جاريةً يبلغ عددها 137 مشروعًا مختلفًا، ويُعدُّ جزءًا كبيرًا من هذه المشاريع ناتجٌ عن تعاونٍ بين جهود الباحثين في الوكالة والمطوّرين من (وادي السليكون – Silicon Valley) في خليج سان فرانسيسكو، بيد أن المَقدِرات المُنبثقة، والمتطوّرة في الذكاء الاصطناعيّ لا تسمح لوكالة (CIA) بالمزيد من الوصول للبيانات فحسب.

بل بالقُدرة على فرزها أيضًا، إذ تُؤخِذ برامج الذكاء الاصطناعيّ هذه إلى مواقع التواصل الاجتماعيّ، وتقوم بعملية مسحٍ، وبحثٍ، وتفتيشٍ، لعددٍ لا يُحصى من السجلّات، – أي لكل ما تنشره على الإنترنت -، وفي الواقع فإن نسبةً كبيرةً من بيانات الوكالة التي تم جمعها واستخدامها كان مصدرها وسائل التواصل الاجتماعيّ.

وكما تعلم، أو يمكنك أن تُخمّن ذلك، يعد مسح المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي وجمعها أمرًا ليس غريبًا، أو جديدًا على وكالة الاستخبارات، ولكن مع برامج الذكاء الاصطناعيّ سيكون الأمر مختلفًا قليلًا.

يقول (جوزيف غارتين – Joseph Gartin) عميدُ معهد (Kent) التابعة، الذي يُخرّجُ محللينَ للوكالة: “إن الجديد، هو حجم وسرعة جمع بيانات وسائل التواصل الاجتماعي”.

ووفقًا لـ (كريس هورست – Chris Hurst) مدير العمليّات في شركة ( Stabilitas) في مؤتمر الذكاء الاصطناعيّ: “إن السلوك البشريّ يُعد بيانات، في حين أنَّ الذكاء الاصطناعيّ، هو أنموذجٌ قائمٌ على البيانات”.

الأتمتة:

تبعًا لما قاله مدير وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانيّة الوطنيّة، في خطابٍ ألقاه في حزيران 2017م: “إذا كُنا سنحاول استخدام صور الأقمار الصناعيّة التجاريّة يدويًا، التي نتوقّع تلقيها في السنوات العشرين المقبلة، فلا بدَّ لنا من توظيف ثمانية ملايين محللٍ متخصص بالصور”.

وتابع: “تهدف الوكالة إلى استخدام الذكاء الاصطناعيّ لأتمتة حوالي 75% من أعمال المحللين الحاليّة، وإذا ما استخدموا برامج الذكاء الاصطناعيّ ذاتيّة التطوير كما يأملون، فإن العمليّة ستصبح أكثر كفاءة”.

وفي حين أنًّ بلادًا مثل روسيا لا تزال بعيدةً عن الولايات المتّحدة الأمريكية من حيث تطوير الذكاء الاصطناعيّ، خاصةً فيما يتعلّق بالاستخبارات، إلا أنّ هنالك على ما يبدو اندفاعًا عالميًا –إن لم يكن سباقًا- نحو الأمام في هذا الشأن.

إن المعرفةَ قوّة، وخلق تكنولوجيا قادرة على استخراج البيانات بالإضافة لفرزها وتحليلها بشكلٍ أسرع من أي إنسانٍ أو نظُم الذكاء الاصطناعيّ الأخرى، هو بالتأكيد يبدو وكأنّه توجّهٌ سريعٌ نحو الأعلى.

وكما صرّحَ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين مؤخّرًا عن الذكاء الاصطناعيّ: “إن الذي سيكون رائدًا في هذا المجال، سيصبح الحاكم لكل العالم”.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: رجاء العطاونة
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر