تعمل العين البشرية تمامًا مثل الكاميرا، ومع ذلك فهي أكثر حساسية وأكثر دقة ومتطورة للغاية، باستثناء الحركة البطيئة فالطبيعة لم تزودنا بذلك، وتُقدّر دقة نظر العين البشرية بـ (576 ميغا بكسل)، وتمثّل شبكية العين طبقةً رقيقةً من الأنسجة التي تحتل الجزء الخلفي الداخلي من العين.

إذ تحتوي على نوعين من المستقبلات الضوئية، هما: عصي ومخاريط يصل عددها إلى حوالي 120 مليون عصا، و 7 ملايين مخروط، والمخاريط هي المسؤولة عن حساسية الألوان، إذ تسمح لك بتمييز ما يصل إلى 10 مليون لون.

تشريح العين البشرية

تشريح العين البشرية

إنّ عليك تذكّر أنّ مجموعة الألوان التي تراها، لا تزال تعتمد على الجزء الأساسي من العين (العدسة- lens)، وهذه العدسة التي في العين، تمنع عبور الأشعة فوق البنفسجية، مما يجعل من المستحيل بالنسبة لنا أن نراهم بالعين المجردة، وهذا ربما لسببٍ وجيه، أوّله: أنّه يحمي أعيننا من أضرار الأشعة فوق البنفسجية، ويسمح لنا برؤية صورٍ أكثر وضوحًا.

ومع ذلك تطوّرت حاسة النظر عند بعض الحيوانات لرؤية الأشعة فوق البنفسجية بالعين المجردة، مثل: العناكب والفئران والسحالي والنحل والفراشات أيضًا، إذ يمكنها رؤية الأشعة فوق البنفسجية دون أي مشاكل، ويسمح لهم ذلك برؤية المزيد من التفاصيل، أكثر ممّا نستطيع.

من اليسار إلى اليمين: رؤية الإنسان، محاكاة لرؤية النحل والفراشة

من اليسار إلى اليمين: رؤية الإنسان، محاكاة لرؤية النحل والفراشة

إن إعتام عدسة العين (الساد Cataract) هو الحالة التي يصبح فيها النظر عاتمًا جدًا، مما يؤدي إلى فقدان البصر، ومن أجل إصلاح هذه المشكلة يقوم الجراحون بإزالة العدسة التالفة، واستبدالها بعدسةٍ اصطناعية؛ للمساعدة على رؤيةٍ أفضل، ويكون المريض أثناء الجراحة تحت التخدير الموضعي.

و لهذا السبب قد لا يلاحظ في أغلب الأحيان إزالة العدسة الخاصة به، خصوصًا أنّ ذلك يتم بسرعةٍ لا تصدق، ويعد كلود مونيه (1840-1926)، أحد الرسامين الذي تطورت حالة إعتام عدسة العين عنده في عشرينيات القرن الماضي، فوافق على إزالة العدسة تمامًا في سن الـ 82، وتمت عملية الجراحة عام 1923م.

ورغم إزالة مونيه عدسات عينه، واصل الرسم، وظلّت الزهور أحد مواضيعه المفضلة، ولكنّها بدت مختلفة، فعندما ينظر معظم الناس إلى زهور زنبق الماء تظهر بيضاء، وبعد الجراحة التي قام بها مونيه، أصبح باستطاعة أصبغة عينه الزرقاء التقاط بعض الأشعة فوق البنفسجية المرتدة من بعض الزهور .

المنظر نفسه قبل وبعد القيام بجراحة العدسة.

المنظر نفسه قبل وبعد القيام بجراحة العدسة

ويقول دافيد هامبلنغ: ’’حتى مع إزالة العدسة – حالة تعرف باسم انعدام العدسة Aphakia- لا يزال المريض يرى؛ لأن العدسة مسؤولةٌ فقط عن حوالي 30٪ من قوة تركيز العين، ومع ذلك، أفاد مرضى انعدام العدسة، أنّ العملية لها آثارٌ جانبيةٌ غير عاديةٍ، إذ تمكنوا من رؤية الأشعة فوق البنفسجية، وبعض العدسات الاصطناعية أيضًا شفافة للأشعة فوق البنفسجية.

والمستقبلات في العين للضوء الأزرق يمكن أن ترى الأشعة فوق البنفسجية أفضل من الأزرق، ويُقال أنّ المخابرات العسكرية قد استخدمت هذه الموهبة في الحرب العالمية الثانية، وتجنيد مراقبين مصابين بانعدام العدسة؛ لمراقبة الساحل من القوارب الألمانية، وإصدار إشاراتٍ لوكلائهم عن طريق مصابيح فوق بنفسجية‘‘.

مريضٌ مصابٌ بانعدام العدسة aphakia

مريضٌ مصابٌ بانعدام العدسة aphakia

إنّ العالم سيبدو مختلفًا جدًا مع الأشعة فوق البنفسجية، مثلًا: قد تبدو الذكور والإناث لبعض أنواع الفراشات متطابقةً للعين البشرية المجردة، ولكنّها في الواقع مختلفةٌ جدًا للعيون الحساسة للأشعة فوق البنفسجية، واختبر العلماء هذا، ووجدوا أنّ الذكور تظهر بأنماط مشرقةٍ من أجل جذب الإناث. كما تبين الصورة

ويبدو أنّ إزالة العدسة من أعيننا، قد يعطي رؤيةً خارقةً، ولكن من شأنه أن يدمّر شبكية أعيننا، ويمنعنا من رؤية صورٍ عاليةٍ الدقة، والمؤكّد أنّه في مكانٍ ما وبطريقةٍ ما ولشخصٍ ما قد يُخترع نظاراتٌ تمكننا من الرؤية بالأشعة فوق البنفسجية دون أي ضررٍ.

وأخيرًا، نترك لكم هذا الفيديو الرائع:

 

 


ترجمة : بلعريبي راغب.

تدقيق: رجاء العطاونة.

تحرير: رؤى درخباني.

المصدر