إنها قصة مألوفة.

تشتري هاتف جديد، و لفترة تبدو البطارية أنها جيدة.

تأخذ هاتفك في الصباح، تقضي النهار في العمل، و يتبقى لديك بما فيه الكفاية من الشحن للعودة إلى المنزل.

ولكن، ماذا لو ذهبنا سنة إلى المستقبل! كل شيء سوف يتغير.

الآن أصبح بإمكانك رؤية مؤشر البطارية وهو ينخفض لولا أنك لم تقم بإضعاف سطوع الشاشة بمحاولة واهية لتستطيع إبقاء موسيقاك على قيد الحياة على الأقل حتى تطأ عتبة منزلك.

حتماً، شيء ما قد تغير.

لكن لماذا يحصل هذا لبطاريات الهواتف الذكية بهذه السرعة؟

يمكننا القول أن المشكلة تكمن في أن الهواتف الذكية تتطلب طاقة أكثر من ذي قبل و ذلك بفضل إضافة المعالجات المعقدة و الشاشات الكبيرة، في حين أن البطاريات تصبح أصغر فأصغر كلما سعت الشركات لجعل هواتفها أرق.

لكن هذه هي الحالة العامة.

نحن مهتمون في بطاريتك بل تحديد لماذا لم تعد تعمل كما كانت من قبل؟

كما حال معظم الأجهزة الإلكترونية المحمولة، الهواتف الذكية تستعمل بطاريات الليثيوم-آيون “Li-ion” القابلة للشحن و ذلك لأنّها أخف و أكثر كفاءة من غيرها من البطاريات.

تعمل هذه البطاريات بنقل أيونات الليثيوم بين قطبين كهربائيين : قطب سالب من أكسيد الليثيوم و الكوبالت، و قطب موجب من الكربون (الجرافيت).

عندما تقوم بشحن البطارية تتجمع الأيونات على القطب الموجب، و عند إفراغ الشحن (عند الإستعمال) تعود الأيونات لقطبها السالب.

تسمى هذه العملية بالتدوير، و هي جزء متوافق عليه من تصميم هذه البطاريات.

اذا كانت عائدية عملية التدوير ١٠٠٪ عندها يستحيل أن يصبح أداء بطاريتك أسوأ.

و لكن كما توقعت، هذا لن يحصل.

كلما تقوم بشحن بطاريتك فإنّ طبقة رقيقة من ذرات الليثيوم تبقى متحدة مع القطب الموجب، مما يقلل من سعة البطارية.

إذا لم تعد الأيونات قادرة على الحركة، لا يمكنها نقل شحنتها و لذلك لا يمكنها إيصال الطاقة.

و في المرة القادمة التي ستشحنها، يمكنك توديع طبقة أخرى من ذرات الليثيوم.

عندما تتكرر هذه العملية لمئات المرات، عندها سترى هبوط ملحوظ في كمية الطاقة التي تخزنها البطارية.

طبقة سميكة و في ازدياد من الليثيوم العاجز عن الحركة (على شكل أكسيد الليثيوم و كربونات الليثيوم) هذه الطبقة تتجمع على القطب الموجب، معرقلة التفاعل مع الجرافيت.

و لكن هذه ليست القصة كاملة.

إنّ عدم فعالية تدوير البطارية يسبب تناقص ثابت و لكن بشكل تدريجي في سعة البطارية.

و لكن إذا اعتقدت أن سعة بطاريتك تناقصت فجأة و بدون أي سبب واضح، ليس بالضرورة أنك تتوهم هذا الأمر.

فكما هو حال القطب الموجب الذي لا يلبث أن يصبح مغطى بطبقة من المواد بسبب عملية إعادة الشحن، القطب السالب أيضا يطوّر طبقة مشابهة لتلك التي تشكلت على القطب الموجب و ذلك بسبب شيء يدعى الأكسدة بالكهرباء.

كلما زادت حرارة البطارية (أو ارتفع جهدها)، كلما ازدادت سرعة و أضرار هذا التفاعل.

قدرات رد الفعل لدى القطب السالب تُعاق فوراً، مما يسبب خسارة مفاجئة و غير قابلة للإستعادة من سعة البطارية.

و يمكن ملاحظة هذه الحالة بشكل أسرع مقارنةً بتلك التي تسببها الدورة الطبيعية من الشحن و التفريغ.

النتيجة النهائية لما سبق هي أن تفاعل الليثيوم أيون الذي اعتاد أن يوصل الطاقة لم يعد يمكن القيام به على أكمل وجه، و البطارية بدورها لم تعد قادرة على الاحتفاظ أو إيصال كمية الطاقة التي اعتادت أن توصلها عندما كانت جديدة.

بشكل رئيسي، السبب وراء توقف عمل بطارية هاتفك هو أن الأقطاب الكهربائية قد أصابها الصدأ.

ولكن معرفة السبب هو نصف المشكلة، كيف يمكنك إستخدام هذه المعلومات في إطالة عمر بطارية هاتفك؟!
أول شيء عليك القيام به هو عدم تعريض البطارية للحرارات المرتفعة.

زيادة حرارة البطارية فوق الـ ٣٥ درجة مئوية يسبب تراجع أداء القطب السالب بشكل ملحوظ.

أيضاً عند الدرجات المنخفضة تتلاشى سعة البطارية، و لكن هذا (عادةً) تأثير لحظي.

لذلك عليك إبقاء البطارية بدرجة حرارة بين ١٦-٢٢ درجة مئوية و ذلك من أجل أداء مثالي.

هذا قد يعني نزع أي غطاء عن الهاتف أثناء عملية الشحن و في بعض الأحيان فصل الهاتف عن الشحن إذا أصبحت حرارته مرتفعة جداً.

بالحديث عن الشحن، هذه نصيحة أخرى: لا تشحن بطاريتك لتصل إلى ١٠٠٪.

قد يبدو لك هذا شيء غير بديهي، و لكن إن لم تكن بحاجة البطارية الممتلئة فإن بطاريتك ستنجح أكثر بشحن جزئي.

الحرارة المرتفعة تؤذي البطارية برفع الجهد، و عند شحن البطارية Yلى الـ ١٠٠٪ تكون قد رفعت الجهد أيضا إلى حدّه.

على عكس بعض البطاريات القابلة للشحن، بطاريات الليثيوم أيون لا تتأثر سلباً بالشحن الجزئي، لذلك بشكل جوهري إن لم تكن بحاجة الشحن الإضافي عليك أن تمنع البطارية من الوصول إلى ال ١٠٠٪.

بإبقائك الشحن بين ٢٠-٨٠٪ فإنك تقوم بإطالة عمر البطارية قدر المستطاع.

و عليك أيضا الأخذ بعين الإعتبار أنّه عليك إبقاء الأجهزة مشحونة جزئياً خلال فترات التخزين او عدم الإستعمال.

على البطاريات الإحتفاظ ببعض الطاقة لإبقاء دارات الحماية الداخلية لها فعالة، و إن السماح لها بأن تفرغ كامل شحنتها ( التفريغ العميق – Deep Discharge) سيدمر قدرتها على الإحتفاظ بالشحن نهائياً.

خلال الاستعمال اليومي تقوم بطاريات الليثيوم أيون بمنع هذا من الحصول عن طريق الإدعاء انها فارغة بينما لازالت تحتفظ ببعض الطاقة، و لكنها ستفشل في حال تُرِكَت لتُفرّغ شحنتها اكثر من ذلك.

إذا أردت تخزين أداة لفترة طويلة من عدم الإستعمال، عليك بشحنها لحوالي ٥٠٪.

هذا يبقي الجهد منخفض (مما يحمي القطب السالب) بينما يحتفظ بطاقة كافية لإبقاء دارات الحماية فعالة لعدة أشهر.

لسوء الحظ، هذه التقنيات فقط تمنع البطارية من خسارة فعاليتها.

و لكن لا يمكنك القيام بالكثير لإعادة الشباب لبطارية أصابتها الشيخوخة بدون أدوات تخصصية – ولكن على الأقل الآن يمكنك إيقاف بطاريتك من ان تصبح أسوأ!