يبدو الإشعاع في العالم الحديث شيئًا مخيفًا وخطيرًا على الرغم من أن الحديث عنه مشوَّهٌ دائمًا، ومع ذلك فإنه يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة إذا تم التعرض له بجرعات كبيرة، ولم يعرف الناس ما الذي يمكن أن يسببه للجسم منذ قرن مضى، ونتيجة لذلك انتهى بنا الأمر مع بعض الأشياء المشعة كمستحضرات التجميل وألعاب الأطفال وحتى الماء.

والحديث اليوم عن بعض الأشياء اليومية المجنونة التي ارتبطت بالإشعاع، في حال كانت لديك الوسائل بطريقة أو بأخرى فلا تجرب هذا في المنزل.

الماء

في أوائل القرن العشرين، بدأ الناس بإضافة الراديوم إلى الماء من أجل ما يفترض أنها فوائد صحية.

واحد من المشروبات التي احتوت هذه التركيبة كان «Radithor» الذي رُوِّجَ على أنه يمنح الطاقة مثل مشروبات الطاقة الحديثة (أو حتى لعلاج العجز الجنسي)، وبطبيعة الحال كان له تأثيرٌ جانبيٌّ غير معروف عبر وصول الراديوم مباشرة إلى العظام، وكان هذا مع الوقت يؤدي إلى حدوث ثقوب في الجمجمة وغير ذلك من الأمراض المروعة إلى حد ما.

كان «إيبن بايرس – Eben Byers» وهو من كبار رجال الأعمال وكبار المعجبين بـمشروب «Radithor» ينصح أصدقائه بتناوله، وأصابه مرض شديد في وقت لاحق اضطره إلى إزالة فمه وفكه بعمل جراحي وذلك حسب خبر أوردته صحيفة «The Wall Street Journal».

الألعاب

أنتجت شركة «جيلبرت – Gilbert» مجموعةً غريبةً من الألعاب المشعة في القرن العشرين، كان أحدها مختبر الطاقة الذرية «U-238» الذي يحوي أربعة أنواعٍ من خام اليورانيوم التي يمكن دراستها بالإضافة إلى عداد غايغر – Geiger Counter» و«مكشاف كهربائي – Electroscope».

كان سعره مرتفعًا (50$) وبقي على الرفوف بين عامي 1950 و1951، واستطاع الأطفال حينها رؤية العمليات المشعة الجارية، وإذا كنت (غير) محظوظًا جدًا لتحصل على واحد، كان من الممكن أن تحصل على 10.000$ إن عثرت على خام اليورانيوم، حيث كتب على الصندوق: «هذا ما ستدفعه حكومة الولايات المتحدة لأي شخص يكتشف رواسب كبيرة من خام اليورانيوم»، ولكنه نسي أن يكمل: «تحذير: صيد اليورانيوم يمكن أن يؤدي إلى الموت المبكر!».

معجون الأسنان

احتوى معجون الأسنان المشع «Doramad»، الذي تم إنتاجه في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، على كميات صغيرة من «الثوريوم – Thorium»، حيث ادعى أنها «تساعد دفاعات الأسنان واللثة».

وقال الجزء الخلفي من الأنبوب أن معجون الأسنان حمّل خلايا «مع طاقة حياة جديدة»، وفي نفس الوقت «يقوم بعرقلة تأثير البكتريا المدمر»، كما يفترض أن «يلمع الأسنان لتصبح بيضاء وبرّاقة»، على الرغم من أن مستويات النشاط الإشعاعي كانت منخفضة بعد الكشف عنها عبر تحليل جاما الطيفي، فإن فكرة تنظيف أسنانك بالثوريوم لم تكن رائعة.

الأواني الفخارية

في ثلاثينات القرن الماضي وبناءً على رغبتك، كان بإمكانك تناول عشاءك على الأواني الفخارية المشعة (Fiestaware)، والتي طُلِيَت بطلاءٍ مشعّ، حيث احتوت هذه الأواني الحمراء على أكسيد اليورانيوم لأسباب ليست واضحة.

وعلى الرغم من عدم وجود دليلٍ على آثارها السلبية، فهي في الأغلب لم تكن آمنة.

وحسب مجلة «ThoughtCo» فإن: «اليورانيوم يبعث جسيمات ونيوترونات ألفا، وعلى الرغم من أن الجسيمات لا تملك قوة اختراق كبيرة، إلا أن أكسيد اليورانيوم يمكن أن يخرج من الأواني إذا كانت متصدعة (الشيء الذي يمكنه أن يطلق سراح الرصاص السام) أو إذا كان الطعام حامضًا للغاية، مثل صلصة السباغيتي».

تم وَقفُ إنتاج هذه الأواني عام 1944 عندما صادرت الحكومة الأمريكية اليورانيوم لاستخدامه في تطوير القنبلة الذرية.

الطلاء

في أواخر عام 2011 وعلى أعقاب كارثة فوكوشيما، وجد العلماء بؤرةً للإشعاع في منزل ما اقترح أن الكارثة تنتشر أسرع من الفكرة، لكنهم فوجئوا أن مصدر الإشعاع لم تكن الكارثة نفسها وإنما الطلاء المدفون تحت المنزل دون علم مالكته المسنّة.

انتشر الطلاء المشع في العشرينيات والثلاثينيات بسبب خصائصه المضيئة، حيث كان يستخدم في كل شيء؛ من الساعات إلى البوصلات، الشيء الذي يمكنها من التوهج في الظلام لعدة سنوات، واستعملته بعض عاملات المصانع اللواتي عُرِفن باسم «بنات الراديوم» لتزيين الأشياء، عانى الكثيرون من آثار صحية خطيرة أو لقوا حتفهم نتيجةً لذلك.

كرات الغولف

ربما تبدو لك فكرة «كرة غولف مشعّة» غريبة بعض الشيء، حسنًا، هي كذلك.

عبر السنين، كان هناك عدد منها كتلك التي أنتجتها مصانع «Oak Ridge Atom» بين عامي 1964 و1968، حيث تم تزويدها بنظير الكوبالت المشع (كوبالت-60)، وكان الغرض منها رميات أطول وأسرع وحياة أطول، كما كانت هناك بعض الاقتراحات أنه يمكنك أن تجدها بواسطة «عداد غايغر» في حال ضياعها، رغم أنه لم يكن واضحًا أن هذه الإمكانية صحيحة.

والشيء المثير للدهشة هو أنه في عام 1992 كان يجرى تطبيق الإشعاع على كرات الغولف من قبل «شركة الطاقة الذرية المحدودة في كندا – AECL».

هل كان هناك أي أغراض علمية من ذلك؟ ربما لم يكن الموضوع على هذا النحو، حيث صرّح متحدّث باسم الشركة لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز – LA Times»: «لا ندّعي أن ذلك سيعمل، لأنه يتطلب دراسة ونحن لا ننوي دراسته».

مستحضرات التجميل

في ثلاثينيات القرن العشرين، ضرب منتج يسمى «ثو-راديا – Tho-Radia» السوق في فرنسا، وذلك باستخدام الثوريوم والراديوم لإزالة التجاعيد وتثبيت أنسجة الوجه، واستعمالات أكثر من ذلك.

طوره جزئيًا الدكتور «ألفريد كوري – Alfred Curie» والذي لا يمت بأي صلة قرابة للعالمين «بيير» و«ماري كوري» ولكنه استعمل الاسم الشهير للترويج لمنتجه.

أزيل العنصرين من المنتج عام 1937 بعدما فرضت السلطات الفرنسية قيودًا جديدةً عليه ولكن ليس قبل أن يلطخ الناس وجوههم بالمواد المشعة.

الشوكولاتة

نعم حتى هذه الأطعمة الشهية والمحبوبة لم تكن آمنة تمامًا.

حيث قامت شركة ألمانية اسمها «Burk & Braun» ببيع الشوكولاتة المشعة بين عامي 1931 و1936.

ما يعرف بشوكولاتة الراديوم كان يوصف بأنه «قوة التجديد» و«إعادة الشباب» بفضل «مياه الراديوم»، وبأنه يساعد على الاستمتاع بالسفر والرياضة، حيث أكدت الشركة في الإعلان أنه: «يمر دون تأخير في مجرى الدم، وبالتالي في جميع الأجهزة داخل الجسم، والجهاز العصبي المركزي والغدد والأعصاب وصولًا إلى آخر الفروع والخلايا»، وربما كان ذلك صحيحًا نعم، لكنها بالتأكيد فهي ليست آثارًا إيجابية، تمامًا كباقي المنتجات في هذه القائمة.


  • ترجمة: أسامة ونوس
  • تدقيق: المهدي الماكي
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر