هل تشرب كمية كبيرةً من القهوة في اليوم الواحد؟

لا تقلق، أظهرت نتائج دراسةٍ جديدةٍ مدتها عقدٌ من الزمن أن هناك ما يقارب 500 ألف شخص يشيرون إلى أن شرب القهوة -بغض النظر عن الكمية- يؤدي إلى حياةٍ أطول من عدم شربها إطلاقًا.

في حين وجود تحذيراتٍ حول هذا الادعاء، توصلت هذه الدراسة إلى أن إطالة العمر مرتبطةٌ بشرب أي نوعٍ من القهوة: الفورية، الخالية من الكافيين، أو أيًا كان نوعها.

هناك عددٌ هائلٌ من الدراسات التي أُجريت حول هذا الموضوع تثبت أن العلماء مفتونون بالقهوة.

هذا البحث تحديدًا جديرٌ بالملاحظة؛ لأن فريق العمل قد توصل لبيانات 134,498 بريطانيًا قد سُجلوا طوعًا في (قاعدة البيانات البريطانية للوراثة الحيوية -UK Biobank genetics database)، ثم سُجلوا وفياتٍ على مدار عشر سنوات.

هناك دلالةٌ إحصائيةٌ صغيرةٌ لكنها هامة، تُبين أن شرب المزيد من القهوة يزيد احتمال عيش حياة عُمرية أطول، أو بعبارةٍ أخرى، تزداد نسبة الوفاة للممتنعين عن القهوة.

كتبَ الباحثون أن هذه الدراسة تُقدم أدلةً إضافيةً وتُطمئن شاربي القهوة أنها يمكن أن تكون جزءًا من الغذاء الصحيّ.

تُشير هذه الدراسة إلى أنه لا ينبغي أن نقلق كثيرًا بشأن استهلاك القهوة المفرط -كثمانية أكواب في اليوم- إذ إن له علاقةً عكسيةً مع معدل الوفيات.

إجمالًا، حوالي (10 – 15) بالمئة من شاربي القهوة أقل عرضةً للموت من الممتنعين عنها.

كما هو الحال مع أي دراسةٍ مبنيةٍ على المراقبة كهذه، إذ يُسأل الناس بشأن ماضيهم وعاداتهم الحالية، لا يمكننا القول بشكلٍ قاطعٍ إن القهوة تسبب حياةً أطول.

قد تكون هناك عوامل أخرى تساهم في ارتفاع مستويات شرب القهوة أو انخفاض معدل الوفيات؛ كالثروة، أو التعليم، أو القرب من مقهى.

بالإضافة إلى أن هذه الدراسة تتعامل فقط مع الأشخاص في المملكة المتحدة المستعدين للإجابة عن أسئلة حول عاداتهم الصحية، لذلك فهي ليست دراسة عشوائية.

في الوقت ذاته هناك عوامل تؤكد صحة الدراسة، إذ تُغطي ما يقارب نصف مليون شخص كبداية.

حاول باحثو هذه الدراسة السيطرة على عوامل معينة مثل التدخين، ووزن الجسم، في محاولةٍ للتأكد من أنها لا تؤثر على نتائج هذه الدراسة.

وإن هناك دراسات سابقة أيضًا أجريت العام الماضي على أكثر من 700 ألف شخص، إذ وُجدَ أن هناك علاقةً بين القهوة وإطالة العمر.

يعتقد العلماء أن للقهوة خصائص معززة للصحة لا علاقة لها بالكافيين، فالتأثيرات متشابهةٌ سواء احتوت القهوة على الكافيين أم لا.

هناك أيضًا بعض الأدلة على أن القهوة تساعد في حماية الحمض النووي DNA من أي تلفٍ أو ضرر.

يؤكد الخبراء أن هذه الدراسة يجب أن تكون في سياق التوصية؛ بمعنى أنه يجب الالتزام بمقدار 400 ملغ من الكافيين لكل يوم، أي ما يعادل أربعة أكواب من القهوة، وإن الزيادة المفرطة تؤدي إلى مشاكل كالأرق أو الحرقة.

لقد تناولت هذه الدراسة سؤالًا آخر طرحه العلماء: كيف يؤثر علم الوراثة على استهلاك القهوة؟

كلنا نستقلب القهوة بمعدلاتٍ مختلفة، وهذا ما يغير حساسيتنا لها، لكن البيانات أظهرت أن هذا ليس له تأثيرٌ على العلاقة بين شرب القهوة والعيش حياة أطول.

ومع الأخذ بعين الاعتبار لكل ما مضى من نقاط القوة والضعف لهذه الدراسة، يمكننا التصديق أن القهوة تحسن فعليًا من صحتنا بطرقٍ معينة حتى لو جهلنا الكيفية.

مما لا شك فيه أن المزيد من البحوث حول القهوة ستستمر في المستقبل القريب، في هذه الأثناء لا تقلق من احتساء كوبٍ إضافي من القهوة صباحًا، إذ إنها من المحتمل أن تكون جيدة لصحتك.

نُشر البحث في JAMA Internal Medicine.


  • ترجمة: رفاه عبد الرزاق
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر