الأكاديمي، الفيلسوف وعالم الرياضيات رينيه ديكارت (1596-1650)

اشتُهر هذا الفيلسوف وعالم الرياضيات بكونه أبا الفلسفة الحديثة وذلك لتحديده نقطة بداية الكون “أنا أفكر إذن أنا موجود”.

ملخّص:

وُلد ديكارت في لاهاي في مدينة تورين الفرنسية في 31 من شهر آذار (مارس) عام 1596.

تلقّى تعليمًا مكثّفًا، وبدأ رحلته الدراسية في الثامنة من عمره في مدرسة (جوسوي)، وحصل على درجة الحقوق بعمر 22، وضعه أحد أساتذته النافذين في دورةٍ تدريبيّةٍ ليتمكّن من تطبيق الرياضيات والمنطق على العالم الطبيعي.

جمع هذا الطريق بين تأمّل طبيعة الوجود والمعرفة بحد ذاتها، ومن هنا أتت الملاحظة الشهيرة: “أنا أفكّر إذن أنا موجود”.

حياته الأولى:

وُلد الفيلسوف رينيه ديكارت في 31 من آذار عام 1596 في لاهاي، تورين -بلدة صغيرة في مركز فرنسا- والتي سُمّيت لاحقًا باسمه تكريمًا له.

كان ديكارت الولد الأصغر بين ثلاثة أولاد، تُوفّيت أمّه جين بروخارد في السنة الأولى من حياته.

كان والده يواكيم عضو مجلس البرلمان المحلّي، وقد أرسل أولاده للعيش مع جدّتهم من جهة الأم حيث تمكنوا من البقاء هناك بعد زواجه.

اهتمّ يواكيم كثيرًا بالتّعليم وأرسل ابنه رينيه وهو في الثامنة من عمره إلى مدرسة جوسوي لهينري الخامس في لافليش La Flècheالتي تبعد عدّة أميال نحو الشمال وذلك لمدّة 7 سنوات.

كان ديكارت طالبًا جيّدًا ولكنّه لم يلتزم بنظام مدرسته الصارم حيث سمحوا له بالاستلقاء في السرير حتى منتصف الظهيرة لأنهم كانوا يشكّون بمرضه، وقد حضّرته العلوم التي درسها بشكلٍ جيدٍ ليصبح فيلسوفًا في المستقبل، وتشمل تلك العلوم: البلاغة والمنطق و(فنون الرياضيات) من موسيقى وعلم الفلك بالإضافة إلى الميتافيزيقا (علم ما وراء الطبيعة)، الفلسفة الطبيعية والأخلاق.

أمضى السنوات الأربع اللاحقة في دراسة الحقوق في جامعة بواتييه وتخرج منها بدرجة البكالوريوس، وقد تكهّن بعض الباحثين بإصابته بانهيارٍ عصبيٍّ في ذلك الوقت.

درس ديكارت لاحقًا علم اللاهوت والطب ولكنه تحاشى التعمق بهما انطلاقًا من اعتقاده بأنّه عليه السعي فقط إلى المعرفة الموجودة داخله “أو التي توجد في كتاب العالم العظيم”.

ألّف لاحقًا كتاب (خطاب حول طرق التحري الصحيحة عن الأسباب وطلب الحقيقة في العلم Discourse on the Method of Rightly Conducting the Reason and Seeking Truth in the Sciences) نُشر عام 1637.

سافر ديكارت وانضمّ إلى الجيش لفترةٍ قصيرةٍ، فشهد بعض المعارك وتعرّف على العالِم والفيلسوف الهولندي اسحاق بييكمان الّذي أصبح معلّمًا مؤثّرًا جدًا في ديكارت، بعد عام من تخرجه من بواتييه، رسم مجال دراسته طيلة ما تبقى من حياته بناءً على سلسلةٍ من ثلاثة أحلامٍ أو رؤى مؤثّرة.

أبو الفلسفة الحديثة:

اعتبره العديد أبا الفلسفة الحديثة لأن أفكاره قد نشأت من فهم الحاضر معتمدةً على المشاعر، لم تكن عناصر فلسفته الحديثة بينما كانت طرق الوصول إليها.

لقد آمن ديكارت بأن جميع الحقائق مترابطة في نهاية المطاف كما بحث لإيضاح معنى العالَم الطبيعي بطريقة منطقية عبر استخدام الرياضيات والعلوم وكانت طريقته امتدادًا للطريقة التي اتّبعها السيد فرانسيس باكون في انكلترا قبل بضعة عقود، من أطروحاته: (خطاب عن الطريقة Discourse on the Method )، (تأملات عن الفلسفة الأولى Meditations on First Philosophy)، (مبادئ الفلسفة Meditations on First Philosophy).

لقد صُنف ديكارت في القرن العشرين فيلسوفًا -إذ اهتمّ كل قرن بمجالاتٍ مختلفةٍ من دراسته- على الرغم من تصنيفه كرياضيّ في البداية نتيجة أبحاثه في الفيزياء النظرية.

تمكّن عبر قوانينه في الانعكاس من وضع الهندسة الديكارتيّة التي تشمل الجبر، كما طوّر فهمًا تجريبيًا لقوس قزح وتفسيرًا  لتشكّل النظام الشمسي.

اقترح تفسيرًا طبيعيًا لتشكّل النظام الشمسي، على الرغم من شعوره بضرورة التكتم على الكثير خوفًا من أن يلقى مصير غاليليو على أيدي محاكم التفتيش.

ولم يكن قلقه في غير محله لأن البابا ألكسندر السابع أضاف لاحقًا أعمال ديكارت إلى قائمة الكتب المحظورة.

أواخر حياته، موته وإرثه:

لم يتزوّج ديكارت ولكنّه حظي بابنة (فرانسين) وُلدت في هولندا عام 1653 إذ كان قد انتقل هناك عام 1638 بسبب اهتياج الحياة في فرنسا ما منعه من التركيز في عمله.

كانت أم فرانسين عاملة نظافة في بيتهم.

قرّر ديكارت تعليم الفتاة الصغيرة في فرنسا كما نظّم كل شيء لتعيش مع أقربائها هناك ولكن لم يحالفه الحظّ في ذلك فقد توفيت الصغيرة في الخامسة من عمرها.

انتقل إلى السويد قبل سنة من وفاته وفقًا لطلب الملكة كريستينا ليكون مدرسًا خصوصيًا للفلسفة.

بقيت صحته سيئة منذ صغره، اعتاد على إمضاء الصباح في السرير، متابعًا توقير حياة الحلم، جاعلًا إيّاها جزءًا من منهجيّات الاستيقاظ في تأمّل الوعي، ولكن إصرار الملكة على بدء الدروس في الساعة الخامسة صباحًا أدى إلى إصابته بنوبة التهاب الرئة لم يتعافَ منها إذ توفّي في ستوكهولم عام 1650.

كانت السويد حينها دولة بروتستانتية لذلك قاموا بدفن ديكارت في مقبرة للأطفال غير المعمّدين ثم أخذوا رفاته إلى Saint-Germain-des-Prés الكنيسة الأقدم في باريس وذلك أثناء الثورة الفرنسية.

لقد تحولت طريقة ديكارت في دمج الرياضيات والمنطق مع الفلسفة – عند مواجهته لأسئلة في علم اللاهوت- إلى ميتافيزيقا، ما قاده إلى تأمل طبيعة الوجود وازدواجية “عقل-جسد” مشيرًا إلى أنّ الغدّة الصنوبرية هي نقطة اتصال الجسم مع الروح، كما قادته فكرة الازدواجية أي التقاء المادة بـ اللا مادة.

لقد قاد هذا المفهوم إلى تناقض لأن منهجه الفلسفي القديم قد أعطى الإنسان أدوات لتحديد معرفة ما هو صحيح، لحسن الحظ اخترع ديكارت بنفسه الشك المنهجي أو الشك الديكارتي صانعًا من كل واحدٍ منّا فيلسوفًا.

أقواله:

  •  لا يكفي أن تمتلك عقلًا جيدًا، دون أن تحسن استخدامه.
  •  أنا أفكّر إذن أنا موجود
  •  لا نملك سيطرةً تامةً على أي شيء سوى أفكارنا.
  •  أعظم العقول قادرةٌ على أكبر قدرٍ من الرذائل وكذلك أكبر قدرٍ من الفضائل.
  •  الأرقام التامة نادرةٌ تمامًا كالرجال المثاليين.

ملاحظة: الأرقام التامة هي الأرقام التي تساوي مجموع قواسمها.

  •  يجب أن نتعلّم قليلًا ونفكّر كثيرًا لنطوّر عقولنا
  •  السفر على الأغلب يشبه الحديث مع من عاشوا في القرون الأخرى.
  •  كلّ شيءٍ بديهي
  •  كلّ مشكلةٍ قمت بحلّها تحوّلت إلى قانونٍ يُستخدم في حلّ المشاكل الأخرى.
  •  تقسيم الصّعوبات إلى عددٍ من الأجزاء يسهّل ويكفي لحلّها.

  • ترجمة: رهف السّيّد.
  • تدقيق: مرح منصور.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر