لدى البعض نوعية براز ممتازة ستساعدنا في القضاء على أمراض خطيرة، فالجميع يتغوّط. نعم! لكن وبموضوعيّة يمتلك البعض نوعيّة براز أفضل من غيرهم.

يوجد في مكان ما في هذا الزحام البعض ممّن يمتلكون برازًا لا يُضاهى، يمكنه أن يساعد في علاج (داء الأمعاء الالتهابي- inflammatory bowel disease IBD)، والسّكري من النمط الثاني.

كشف تحليل واسعٌ لبحث حول زرع البراز عن وجود هؤلاء الأشخاص، وسلّط الضّوء عليهم. تمكّن باحثون من جامعة أوكلاند عند قيامهم بالتجارب، واحدةً تلو الأخرى، من الحصول على متبرّع واحد يحوي برازه أفضل وأهمّ أنواع البكتيريا التي نحن بحاجة كبيرة لها.

يوضّح الكاتب الرئيسي لهذه الدراسة O’Sullivan الذي يدرس كيفيّة تمكّن الميكروبات من علاج الاضطّرابات المعقدة في جامعة أوكلاند: «يمثّل نجاح هذه التجارب وجود (مانحين ممتازين – super-donors) من المحتمل أن يؤثّر برازهم على أمعاء المريض ويؤدّي إلى تحسّن على المستوى السريري».

«نلاحظ أن الطعوم من هؤلاء المانحين الممتازين يمكن أن تؤدّي إلى هدأة على المستوى السريري أو ربّما تضاعف معدّل البقاء». كانت فكرة المانحين الممتازين مشكوكًا بصحتها لفترة طويلة، ولكن هذه هي الدراسة الشّاملة الأولى التي تؤكّد وجودهم.

بيّن بحث سابق أنّ نقل البراز من شخص لآخر هو علاج يمكن تحقيقه في حالات العدوى المعويّة الخطيرة المتكرّرة (المِطثّيّة العسيرة Clostridium difficile) بغضّ النظر عمّن هو المانح. حتى الآن ولسبب ما، عندما نستخدم زرع البراز في حالات IBD والسكري من النمط الثاني فإنّه يكون فعّالًا وناجحًا في أقلّ من ربع الحالات.

يفيد عدد من الدراسات أن الاستجابات تختلف بشكل كبير باختلاف مانح البراز ونوعيّة التبرّع. وجدنا في ورقة بحثيّة نُشرت عام 2015 أنّ من بين تسعة أشخاص دخلوا مرحلة الهدأة بعد زرع البراز سبعة تلقّوا هذا البراز من نفس المانح.

لكن لسوء الحظّ، على الرغم من الحصول على بعض النتائج المساعدة عندما أجرينا التجارب على اضطرابات مُزمنة أخرى كالسّكري، فإن البحث عن فعالية زرع البراز كان ناقصًا والنتائج غير أكيدة. وجدت تجربة قصيرة أنّ زرع البراز لرجل يعاني من (المتلازمة الاستقلابية- metabolic syndrome) أدّى إلى زيادة بمعدّل 75% في الحساسيّة للإنسولين وزيادة كبيرة في تنوّع بكتيريا الأمعاء.

يوضح O’Sullivan: «من المعروف جيّدًا أن المستجيبين للعلاج يظهرون تنوّعًا ميكروبيًا أكثر من غير الستجيبين».

«وجدنا في إطار تلك الملاحظات أنّ العدد الهائل من الأنواع في براز المانح هي واحدة من أكثر العوامل المؤثرة الّتي تعطي نتائجًا عند زرع البراز».

تُعدّ أمعاؤنا بيتًا لعدد هائل ومتنوّع من الميكروبات ويُعد هذا التنوّع بصمة واسمة لأمعائنا كبصمة الإصبع، وكما لا يزال هنالك الكثير ممّا لا نعرفه عن هذا المجتمع الّذي يسمّى (ميكروبيوم- microbiome)، من المعروف بشكل عامّ أنّ امتلاك مستعمرة متنوّعة ثابتة من بكتيريا الأمعاء صحّيّ أكثر.

لاحظ الباحثون بالنظر إلى عينات البراز الأفضل أنّها العينات الأكثر تنوّعًا والأغنى بالأنواع الأساسيّة غير الموجودة في مرضى IBD. ويشير ذلك إلى أنّه إذا تمكنا من إيجاد طريقة لانتقاء هؤلاء المانحين الممتازين من بين الحشد يمكننا أن نزيد معدّل نجاح زرع البراز لمرضى IBD والحالات المزمنة الأخرى.

ولكن إنّ الحقيقة أكثر تعقيدًا، فإنّ نجاح زرع البراز، كغيره من حالات الزرع الطبية الأخرى، يتعلّق بمجموعة من العوامل منها التوافق الجيني، والاستجابة المناعيّة ووجود بكتيريا وفيروسات معيّنة. كما تتعلّق تلك العوامل بشكل كبير بنمط الاضطّراب الّذي نعالجه، بعبارة أخرى، إنّ براز أحدهم لا يعالج كلّ شيء أيًّا يكن هذا المانح الممتاز الذي يتبرّع ببرازه.

يقول O’Sullivan: «نأمل أن نتمكّن من اكتشاف كيفيّة حدوث ذلك، عندها يمكن أن نحسّن زرع البراز ونعالجه لاستخدامه في حالات جديدة مرتبطة بالمكيروبيوم مثل ألزهايمر والتصلّب المتعدّد والربو».

اقرأ أيضًا:

الكثير من مكوّنات برازك حيّة، تعرّف عليها.

ما هي اسباب ظهور الدم في البراز و ماذا يعني ذلك ؟

السماء تمطر برازًا في كندا ولا أحد يعلم السبب!


  • ترجمة: رهف السيد
  • تدقيق: سلام طالب
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر